
ولتخفيف حدة التوتر، أنشد المتسابقون الأربعة ابتهالًا جماعيًا مؤثرًا بعنوان: «مولاى صلٍ وسلم دائمًا أبدًا»، كرسالة حب ومودة خففت كثيرًا من وطأة المنافسة الشديدة، مع تأكيد الرسالة التى يُكررها البرنامج منذ بدايته: «لا خاسر أبدًا مع القرآن».
وشهدت الحلقة مواجهة قرآنية بين المتسابقيّن: عمر على، ومحمد أحمد حسن، تنافسا خلالها فى تلاوة آيات من
القرآن الكريم، وسط أجواء من الخشوع والتركيز.
واختار الشيخ طه النعمانى
آيات قرآنية محددة ليتلوها المتسابقان، فى اختبار لقدراتهما على الأداء الصوتى، وضبط الأحكام، وحسن التدبر، وذلك ضمن معايير دقيقة تعتمدها لجنة التحكيم لتقييم المشاركين فى البرنامج.
وجاءت درجات المتسابقين فى الحلقة ١٣ متقاربة للغاية، ما يعكس المستوى الرفيع لجميع المشاركين، بداية من محمد أحمد حسن، الذى حصل على أعلى درجة بمجموع ٢٧١، يليه الطفل الموهوب عمر على عوض بـ٢٦٩ درجة، ثم محمد ماهر شفيق بـ٢٦٩ درجة أيضًا، ثم محمد أبوالعلا بـ٢٦٨ درجة، ليغادر الأخير البرنامج.
وفى لفتة إنسانية، عبر المتسابقون عن فخرهم بمرافقة الشيخ محمد أبوالعلا، مؤكدين أنه كان خير مثال للقارئ المبدع والمتفرد.
وأشاد
الدكتور طه عبدالوهاب بقدرة المتسابقين على تطوير أدائهم خلال الجولات، مشيراً إلى أن أصواتهم تزداد بريقاً مع كل تلاوة. بيما وجه الشيخ حسن عبدالنبى نصائح لهم حول مخارج الحروف، والالتزام بالوقفات لضمان صحة المعنى القرآنى.
بينما اختتم الداعية الإسلامى مصطفى حسنى الفقرة بخاطرة إيمانية حول معانى الآيات التى تلاها المتسابقون، متحدثاً عن مراحل وجود الإنسان، وثقة المؤمن فى وعد الله بالعدل، سواء فى الدنيا أو الآخرة.
كما أشاد الداعية الإسلامى بروح الإخاء والمحبة التى تجمع المتسابقين، مؤكدًا أن «القرآن رحم بين أهله»، وأن التنافس فى برنامج «دولة التلاوة» لا يفسد للود قضية، بل يظهر الجانب الإنسانى والروحانى العظيم لخدمة كتاب الله.
وسلطت الحلقة الـ١٣ الضوء على «دار القرآن الكريم» فى العاصمة الجديدة، التى تُعد صرحًا فريدًا يجسد عظمة كتاب الله، الذى نُقش فيها حرفًا حرفًا، بوجود ٣٠ قاعة تحكى كل منها جزءًا من كلام الله، وتاريخ التلاوة القرآنية.
وقالت مقدمة برنامج «دولة التلاوة»، آية عبدالرحمن، أن الدار تحتوى على متحف خاص يكرّم كبار مشايخ القراء فى مصر، ويتيح للزائر الاستماع إلى أصواتهم وكأنهم حاضرون، بفضل أنظمة صوتية حديثة تجعل تجربة سماع القرآن أكثر روحانية وتأثيرًا.
وأفادت بأنه من أبرز معالم الدار وجود مصحف عثمانى ضخم مكتوب بالخط الكوفى، يبلغ وزنه نحو ٨٠ كجم، ويُعد قطعة نادرة تعكس عراقة الفن الإسلامى ودقة الخط العربى.
وشددت فى ختام حديثها على أن مصر تظل الراعى الأدبى للقرآن الكريم، وحارسة لتاريخ التلاوة، معتبرة أن «دار القرآن الكريم» تمثل شاهدًا حيًا على هذا الإرث الدينى والحضارى العريق.
واحتفى برنامج «دولة التلاوة»، خلال الحلقة ١٣، بالشيخ القارئ محمد عبدالعزيز حَصّان، أحد أعلام التلاوة فى مصر والعالم الإسلامى، فى لفتة تقديرية لمسيرته القرآنية العطرة، وإسهاماته البارزة فى خدمة كتاب الله.
وسلط البرنامج الضوء على مكانة الشيخ «حَصّان» بين كبار قراء مصر، وما تميز به من أداء خاشع وصوت قوى جمع بين جمال النغمة ودقة الأحكام، ليظل اسمه حاضرًا فى ذاكرة التلاوة المصرية الأصيلة، فى إطار رسالة البرنامج الهادفة إلى إحياء تراث كبار القراء، وتعريف الأجيال الجديدة بقامات قرآنية خالدة.
وُلد الشيخ محمد عبدالعزيز حَصّان عام ١٩٢٨، فى قرية «الفرستق» بمحافظة الغربية. تعرّض فى سن السادسة لحمى شديدة أفقدته بصره، ووهبه والده لخدمة القرآن الكريم، فبدأ حفظه فى سن مبكرة، قبل أن ينتقل إلى قرية «قسطا» ليتلقى العلم على يد الشيخ عرفة الرشيدى، ويتم حفظ القرآن وإتقان القراءات السبع وهو لم يتجاوز العاشرة من عمره.
سرعان ما لمع صوت الشيخ «حَصّان» فى السهرات القرآنية والحفلات الدينية، ليصبح مطلوبًا فى مختلف المحافظات، بفضل تمكنه من أحكام التجويد وتميزه فى الوقف والابتداء والتلوين النغمى.
تمنّى عقب هزيمة ١٩٦٧ أن يقرأ قرآن الفجر فى اليوم الذى تنتصر فيه مصر، وهو ما تحقق فجر السابع من أكتوبر عام ١٩٧٣، بعدما اعتذر القارئ الشيخ محمود البجرمى، ليقرأ الشيخ «حَصّان» بدلًا منه، ومنذ ذلك اليوم عُرف بلقب «قارئ النصر».
بدأ الشيخ «حَصّان» رحلته الإذاعية عام ١٩٦٤، وترك تراثًا ثريًا من التلاوات القرآنية قبل رحيله عام ٢٠٠٣، ليبقى اسمه حاضرًا كأحد أعمدة مدرسة التلاوة المصرية، وأستاذًا فى فنون الأداء القرآنى، وعلامة مضيئة فى تاريخ التلاوة، وصوتًا خالدًا لا يغيب عن ذاكرة المستمعين، سواء فى مصر أو الوطن العربى.
المصدر: الدستور