وأجرت مراسلة وكالة "إكنا" للأنباء القرآنية الدولية في لبنان الإعلامية "ريما فارس" حواراً مع عالم الدين اللبناني سماحة الشيخ "مصطفى محمد يزبك".
بدايةً عرّف سماحته عن نفسه قائلاً: "أنا الشيخ "مصطفى محمد يزبك" مسؤول مركز أمان للإرشاد الأسري والسّلوكي في منطقة البقاع، وإمام مسجد السيدة زينب (ع) في البقاع ـ بوداي
إمام صلاة الجمعة في بلدة "بوداي" بمحافظة "بعلبك الهرمل" اللبنانية، وأستاذ في الحوزة العلمية.
وفي سؤاله عن حرق القرآن هل هو يعبر عن حرية الرأي أم يعبر عن الحقد وعدم امتلاك أدنى مستوى من العقلانية والوعي؟ أجاب سماحة الشيخ" مصطفى يزبك": "قال تعالى: "إنَا نحن نزلنا الذّكر وإنّا له لحافظون" القرآن الكريم كتابٌ إمتاز بالعظمة من جهة أنَه كلام الله المنزل على أشرف الخلق محمّد (ص) والذي تكفّل الله بحفظه إلى يوم القيامة والكتاب الذي لا يأتيه الباطل لا من بين يديه ولا من خلفه.
وأكد مسؤول مركز أمان للإرشاد الأسري والسّلوكي في منطقة "البقاع" اللبنانية أن القرآن هو كتاب المسلمين المقدس ولا يحق لأي شخص بإهانة المقدسات تحت أي ذريعة وعلى كلَ المجتمعات إحترام مقدسات الآخرين ولا يمكن رفع شعار حرية الرأي لأن مفهوم الحرية واسع ومطلق وله ضوابط ينبغي التقييد بها واحترام حدودها, فلا يحق للمسلم
إهانة الإنجيل بإعتباره مقدس في مجتمعه وأيضاً لا يحق لغير المسلم إهانة القرآن الكريم لأنّه الكتاب المقدس عند المسلمين.
وتابع سماحتة حديثه أنه ينبغي علينا أن نحترم مقدسات الآخرين حتى ولو كنا نخالفهم الرأي والمعتقد، موضحاً أن إهانة مقدسات الآخرين تؤجج نار الفتنة وتعمل على نشر الكراهية والعداوة بين النَاس فسماح لأحد المتطرفين في السّويد بإحراق نسخة من القرآن الكريم يعد إستفزازاً لمشاعر الملايين من المسلمين حول العالم، ومثل هذه الإهانات والأعمال المتطرفة تساهم في عدم الإستقرار وتفجر أعمال عنف إنتقامية.
وأكد الشيخ مصطفى محمد يزبك أن إهانة المقدسات يعدّ خرقاً للمواثيق الدّولية والإنسانية، مشدداً على أن جريمة حرق القرآن الكريم يجب أن تدان من جميع الدّول والمجتمعات والمنظمات الحقوقية، فمصطلح حرية التّعيبر عن الرأي يراد من خلاله مواجهة المجتمعات والعمل على تفكيكها، ونشر الفتنة بين المسلمين والأديان الأخرى.
وفي معرض رده على السؤال هل لغة الحوار بين الأمم والشعوب استبدلت بالحرق والسب والشتيمة؟ قال سماحة الشيخ "يزبك" أننا نؤمن بحرية الرأي ولكن ضمن ضوابط وحدود تليق بالإنسانية وتحفظ الأخلاقيات والقيم، فلايمكن لأي مجتمع يمارس الإستبداد والعنصرية أن يقول أنا أؤمن بحرية التّعبير.
وبيّن أن القرآن الكريم هو منهج حياتنا يدعونا إلى منهج الحوار وتقبل الآخر وإحترامه والتَعامل معه بمنتهى الأخلاق بعكس ما يشاع اليوم من قبل أعداء الإسلام والقرآن.
نذكر بعضاً من الآيات القرآنية كشواهد على ما ذكرنا:
ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ(125 / النحل).
قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ(أل عمران / 64).
وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ(الأنعام / 108).
وأكد أن العدو اليوم يشن الحرب على المسلمين من خلال إستخدام لغة العنف والتَشجيع على إهانة مقدسات المسلمين وخاصة القرآن الكريم.
وفي سؤاله عن الخطوات التي يمكننا القيام بها ضد هذه الأعمال الاستفزازية؟ أكد سماحة الشيخ "مصطفى يزبك" أنه يجب علينا مواجهة هذه الحرب التّي تسعى إلى تغيير المعتقدات والأفكار من خلال جهاد التَبيين الذي أكد عليه قائد الثورة الاسلامية الايرانية آية الله العظمى السيد علي الخامنئي (دام ظله) ومن أنواع هذا الجهاد جهاد التَبيين الهجومي وهو الدّفاع عن المقدسات والمعتقدات التي تتعرض للإهانة وعلينا أن نسخر الإعلام ووسائل التَواصل في ساحتنا التَبليغية ونسلط الضوء على خطورة هذه الحرب النّاعمة.
وأشار الى أن المسؤولية الشّرعية تطلب منا اليوم أن نواجه أعداء المسلمين وأن نبين رسالة الإسلام رسالة المحبة والسَّلام واحترام الآخرين, وأن نبيّن حقيقة القرآن الكريم للآخرين وأنّه الكتاب الذي يحتوي على كلّ القيم والسّلوكيات للآخرين.
وأكد سماحة الشيخ "يزبك" ضرورة عدم مغادرة ساحة الجهاد، وأن نستمر دائماً في مواجهة هذه الحرب النّاعمة حتى ننتصر على هؤلاء المعتدين والمعرضين، ومن أجل أن يبقى القرآن الكريم ناصعاً ومضيئاً يتجلى فيه نور الله عزوجل, وهذا النّور لن يخمد ولن ينطفىء قال تعالى: "يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ"(التوبة / 32).
وقال: "ينبغى علينا كمسلمين أن نؤدي حق القرآن وأن نحوّل الآيات القرآنية إلى سلوك عملي في علاقتنا مع المسلم وغير المسلم وأن تكون أخلاقنا قرآنية.
وعن الواجبات التي ينبغي على المسلم أن يؤديها حتى يعطي الصورة الناصعة عن القرآن الكريم؟ أجاب سماحة الشيخ "محمد يزبك" قال النَبي محمّد (ص): "تخلّقوا بأخلاق الله, قيل يا رسول الله (ص) وما أخلاق الله, قال (ص): القرآن".
وقال: "من خلال سلوكنا القرآني نحافظ على مقدساتنا ونجعل الآخرين يحترمونها ويقدسونها ولكن عندما نتعامل مع الآخرين بعنف وغلظة ونحن ندعي أنّنا نتمي إلى القرآن الكريم سيكون هذا التّعامل سبباً للهجوم على القرآن الكريم وإهانته"، مصرحاً أن الجماعات التّكفيرية حكمت بإسم القرآن وقاتلت بإسم القرآن وذبحت بإسم القرآن الكريم.
وتابع سماحته قوله إن القرآن الكريم بريء منهم, وزرعوا في عقول النَاس من خلال تصرفاتهم أنّ القرآن کتاب إرهاب وإجرام لا يتقبل الآخرين ويحث على قتلهم, وأيضاً من خلال تصرفاتهم وزرعوا في عقول النّاس أن الإسلام دين الإرهاب وأنّ النّبي محمّد (ص) يمثل الإرهاب ويجب علينا من خلال سلوكنا القرآني أن نزرع في عقول الآخرين أن الإسلام دين الرّحمة، والقرآن كتاب الرّحمة والنَبي محمّد (ص) نبي الرّحمة قال تعالى: " وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين".
وأضاف سماحة الشيخ "مصطفى"أن كل معاني الرّحمة تجلت في القرآن الكريم وفي الرّسول الأعظم (ص) الذي بيّن القرآن وعمل بأحكامه وتمثل بسلوكه.
وأخيرا ً سيبقى القرآن الكريم كتاب الهداية للبشرية جمعاء, وسيبقى كتاباً مشعاً ينبثق منه نور الإيمان والهداية والتّقوى والصّلاح, ولا يمكن لأي أحد أن ينال من قدسية القرآن الكريم فهو كتاب قدسيته من الله وسيبقى الكتاب الذي ينشر التّعاليم والقيم من جيل إلى جيل إلى أن يأذن الله تعالى بقيام السّاعة والحمدلله ربّ العالمين.