ایکنا

IQNA

القرآن الكريم والمنهج القويم

10:44 - June 25, 2023
رمز الخبر: 3491689
بيروت ـ إکنا: إن المنهج القويم ركيزته وأساسه أن يكون القرآن هو الحاكم وليس الرواية أو ما يسمونه السنة، وهذا ما نرى أن الرسول(ص) في حياته يحثّ عليه ويدعو إلى اعتماده في زمن الفتن كما في قوله: "إِذَا اِلْتَبَسَتْ عَلَيْكُمُ اَلْفِتَنُ كَقِطَعِ اَللَّيْلِ اَلْمُظْلِمِ فَعَلَيْكُمْ بِالْقُرْآنِ فَإِنَّهُ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ".

وكتب الأكاديمي والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية "الدكتور فرح موسى" في جواب مَن سأله عن المنهج الجديد في تفسير القرآن ومضمون السؤال يتعلق بالموقف السلبي للباحث من ما هو متداول من مناهج وتفسيرات، أخرجت القرآن الكريم عن كونه نوراً وهدايةً، ليكون مجرد كتاب للتبريك والتقديس.

نعم، إخواني الأعزاء تذكرون أننا في إجابات سابقة عن سؤالكم أوردنا جملة من التأسيسات التي لابد منها لفهم حقيقة ما تم اعتماده من مناهج وتفسيرات للقرآن الكريم، وقد عرفتم معنى أن يكون الاتجاه التفسيري هو الحاكم على المنهج والمفسر معاً وهنا نعود للتأكيد على جملة من المواقف التي نرى أنها مفيدة لنا في مقام توضيح ما ذهبنا إليه من رؤية وموقف، فنقول إن أحداث ونزاعات وسيوف الأمة الإسلامية في تأريخها هي التي أنتجت لنا هذا الكم الهائل من المناهج والتفسيرات، فالقرآن لم يكن مقدساً في التعامل معه، بل كان المقدس الحقيقي هو الاتجاه التفسيري.

ولهذا كان الخوارج يفسِّرون القرآن ويرون فيه ما لايراه الأشعري أو المعتزلي أو أي فرقة من فرق المسلمين وبما أن الله تعالى قد وصف كتابه بأنه يهدي للتي هي أقوم، وقد جعل له إماماً ناطقاً به ومعبراً عنه، فلم تستفد الأمة من هذا الجعل وخرجت بسيوفها ورماحها وخيولها وأحزابها تقاتل من أجل السلطة والمال، وغير ذلك مما أسمته بالشورى وأهل الحل والعقد وولاة الجور.

هنا نستغرب فعلاً أن يجدّدالسؤال من أهل العلم حول موقفنا من مناهج التفسير، والكل يعلم أن علماء المسلمين في الكثير من نظرياتهم قد جعلوا السنة حاكمة على القرآن، جاعلين لها المحورية والمركزية في التأويل والتفسير وأهل العلم يعرفون أن الذين كتبوا الرواية وقاموا بعملية الرعاية،كانوا أقوى تأسيساً وأكثر حضوراً من النبي(ص) في تاريخ المسلمين، كيف لا وأنتم تعلمون أن القرآن الكريم تم إقصاؤه عن التأثير في الواقع، ولم يكن يُرى له ما كانت تراه أحزاب الأمة للسلطان ولعلكم قرأتم في التاريخ أن المصاحف كانت ترفع على الرماح وتطلب للتحكيم زوراً ونفاقاً.

فإذا كانت البداية كذلك، فماذا أنتم قائلون في أحداث كثيرة كان يُبرّز فيها إسلام الحديث على إسلام القرآن، فبدلاً من أن يكونا متلازمين متصاحبين، فقد جعلا متقابلين.

إن المنهج القويم ركيزته وأساسه أن يكون القرآن هو الحاكم وليس الرواية أو ما يسمونه السنة، وهذا ما نرى أن الرسول(ص) في حياته يحثّ عليه ويدعو إلى اعتماده في زمن الفتن،كما في قوله: "إِذَا اِلْتَبَسَتْ عَلَيْكُمُ اَلْفِتَنُ كَقِطَعِ اَللَّيْلِ اَلْمُظْلِمِ فَعَلَيْكُمْ بِالْقُرْآنِ فَإِنَّهُ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ" حتى أنه (ص) وجّه الأمة لأجل أن تعرض الأحاديث على القرآن الكريم لقبولها أو رفضها.

لقد امتلأت كتب المفسرين بآراء الفرق والمذاهب والأحزاب حتى لانكاد نجد مكاناً للنبي(ص) وأهل بيته(ع) وكل ذلك كان يتم تحت عناوين التبريك والتقديس للقرآن إلى أن آل الأمر لانعدام القداسة عن كل شيء في حياة المسلمين. نحن لانقول كما فُهم عنا أننا ندعو إلى إسلام القرآن بعيداً عن السنة النبوية، لكن أي سنة هذه يراد لها أن تكون عِدل القرآن الكريم؟ هل هي سنة آلاف المرويات والأحاديث التي سطّرها الرواة لحساب السلاطين ضد القرآن الكريم، بالله عليكم نحن نسألكم وأنتم أهل فضيلة، هل ما تقرؤونه من علوم قرآنية له دخالة بعلوم القرآن؟ ألا تلاحظون كيف أن علم الناسخ والمنسوخ قد بُني أساساً على آية رجم غير موجودة، حتى طالعنا القوم بأطروحة ما نسخت تلاوته وبقي حكمه. ولازلنا حتى يومنا هذا نتعايش مع العلوم القرآنية لا تصمد أمام أدنى نقد في ضوء المنهجية القويمة للقرآن الكريم، فماذا عساكم فاعلون لو  علمتم أن ما بين أيديكم من مناهج وتفسيرات تجانب الصواب في مدلولاتها البيانية لجهة أن أكثر علماء التفسير هم في الأساس علماء لغة وصرف ونحو وفقه وأصول وعقائد،ثم نراهم لايميزون بين مفردات القرآن الكريم، ويخلطون بينها دون فهم لحقيقة الوجوه والنظائر.

هذا فضلاً عن ما زعمه أكثرهم من قول بالترادف، وغير ذلك مما أخرج القرآن عن إعجازه البياني والتشريعي والعلمي والتاريخي ليكون إجتهاداً وموقفاً لهذا المفسر أو ذاك، ألم تسمعوا بسؤال الزمخشري العظيم أنه ما المانع أن يبعث الكفار على المؤمنين؟ فهو أستاذ البلاغة ولم تخدمه قريحة البلاغة في التمييز بين ما تختزنه دلالات المفردات في سياقاتها القرآنية المختلفة..عموماً يمكن القول إن موقفنا اتجاه ما يطرح من أسئلة جديدة هو هذا، أن القرآن بعد وفاة رسول الله(ص) لم يكن حاكماً ولا مقدساً،وقد بيّنا كيف أن ما يسمونه بالسنة تقدم على القرآن لدرجة أنهم قالوا "إن السنة تنسخ لقرآن بهدف تدمير المنظومة المعرفية للقرآن الكريم في حياة المسلمين" فأن تقولوا: "إن السنة تخصص العام وتقيد المطلق وتفسر القرآن،فهذا يمكن أن نجد له تسويغاً في ضوء ما للرسول(ص) من مقام تشريعي".

أما أن يقال: إن السنة تنسخ القرآن فهذا شطط من القول، إن لم يكن كذباً على الله ورسوله، وذلك إنما نذهب إليه بدلالة آيات التبيين التي يقتصر دور الرسول(ص) فيها على التبيين والتفسير والتأكيد ليس إلا هناك أمور كثيرة يمكن التفصيل فيها للتدليل على ما وصلت إليه حال المسلمين تأويلاً وتفسيراً، ويكفي أن نتدبّر في كتب المفسرين ومناهجهم ليتبين لنا مقدار ما بلغه الأمر من التشويه والتحريف لآيات الله تعالى، وهذا ما ندعو إلى أن يكون حافزاً لإعادة النظر بكل المنهجيات التي تعاملت مع القرآن الكريم، وشوّهت معالم الدين.
القرآن الكريم والمنهج القويم

تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:

twitter

facebook

whatsapp

captcha