وأجرت مراسلة وكالة "إكنا" للأنباء القرآنية الدولية في لبنان الإعلامية "ريما فارس" حواراً مع عالم الدين والمدرّس اللبناني للقرآن "الشيخ جعفر أمين خيربك".
وبدايةً عرّف سماحة الشيخ "جعفر أمين خيربك" عن نفسه قائلاً: "قد نشأت في مدينة "بعلبك" اللبنانية، وبيت محافظ قائم على الالتزام الديني على نهج رسول الله محمد (ص) ونهج الثقلين: كتاب الله والعترة الطاهرة وهذا بالضرورة جعل إرتباطنا بالقرآن وثيقاً، فما إن بلغت سن التعلم حتى شاركت وإخوتي في العديد من دورات تحفيظ القرآن التي كانت تقام في المدينة".
وأشار الى أن "الله سبحانه وتعالى أكرمنا ببناء المسجد في هذه المدينة على يد والدي المؤمن العارف الحاج أمين خيربك (رضوان الله ورحمته عليه) عنده بدأنا بالشعائر والنشاطات ومنها افتتاح دورات تحفيظ القرآن وتدريس علومه الأولية المبسطة للفتية والفتيات. وقد نشأت أجيال على هذا الأساس القرآني أصبحوا الآن رجالاً وشباباً وأمهات نسأل الله أن ينفعنا وينفعهم بما كان منا ومنهم في خدمة القرآن".
وفي معرض ردّه على سؤال حول الصعوبات التي يواجهها الطالب في دراسة المادة القرآنية؟ أجاب الشيخ "جعفر أمين خيربك": "إن أول صعوبة يواجهها الطالب في تناول المادة القرآنية ودراستها هي حاجز الرهبة والتهيّب، وهذا ناجم عن قلة الممارسة وقلة التعاطي مع القرآن والانشغال عنه بما هو أدنى".
وأوضح أن "البعض يجد صعوبة في لفظ الكثير من كلمات القرآن ويخطئ فيها، وكذلك يعاني من الصعوبة في فهم بعض الكلمات التي يجدونها غريبة عن فكرهم وسمعهم مما لم يختبرونه في حياتهم اليومية، وكل هذا يشكل نوعاً من التهيّب؛ ومن ثم الصدود، والتراجع، والبعد أكثر فأكثر عن القرآن؛ مما يعيدنا إلى منشأ المشكلة، ومن هنا تأتي مهمة العلماء والمدرسين لاجتراح الحلول التي تساهم في كسر هذا التهيب وإزالة هذا البُعد بمختلف الوسائل وخاصة الترغيب. وأعتقد أن هذا سبب من أسباب الوجود المبارك لجمعية القرآن الكريم وباقي المؤسسات التي تعنى بنشر الوعي القرآني سدد الله خطاهم".
وعندما سئل سماحة الشيخ "جعفر خيربك "عن الأهداف التي تسعى اليها جمعية القرآن وتتمنى تحقيقها من خلال الدورات القرآنية والفقهية؟ كان جوابه: "يمكنني القول بأن الجهود المبذولة من قبل جمعية القرآن الكريم للتوجيه والارشاد وبعض الجمعيات والمعاهد القرآنية في لبنان هي في الواقع جهود جيدة ومباركة (إن شاء الله تعالى)، وهي إلى مزيد من التطوير والتحديث لأجل مواكبة التسارع الكبير في الضخ المعلوماتي الذي يشهده العالم اليوم".
وأضاف: "نجد الآثار المباركة لهذه الجهود المبذولة من خلال تواجد الكثير من خريجي المعاهد القرآنية وجمعية القرآن الكريم بالأخص، والذين يحملون القرآن والفكر القرآني في عقولهم وقلوبهم في زمن الغزو الفكري والثقافي والحرب الناعمة التي تواجه أمتنا الإسلامية - وخاصة في لبنان - أسأل الله (عز وجل) أن يوفقنا ويوفق هذه الثمرة الطيبة لنكون معاً من الجيش المقاوم لهذه الهجمة ومن المدافعين عن نهج الحق والحقيقة والأخلاق القرآنية والتعاليم والقيم الإلهية التي يختزنها القرآن".
وتابع سماحة الشيخ جعفر حديثه مجيباً عن تقييم عمل جمعية القرآن الكريم وباقي الجمعيات والمعاهد القرآنية في لبنان، قائلاً: "أعتقد أن جمعية القرآن الكريم المباركة تضع نصب عينيها هدفين أساسيين:
الأول: استراتيجي بعيد المدى والثاني: فعلي قريب".
أما الأول فهو نشر الثقافة القرآنية على أوسع نطاق بما يشمل المجتمع بكافة أطيافه وفئاته بما يمكن أن نعبر عنه: صناعة وتشكيل مجتمع قرآني بالفعل، وكذلك تكوين جيل قرآني يتخلق بأخلاق القرآن ينهل من تعاليمه ويسير على هداه في كل مفاصل حياته. وهذا ما يتطلب العمل على كافة شرائح المجتمع وعدم إهمال أي منها ومن الفرص المتاحة للعمل معها ولها.
وأما الهدف الثاني: فهو السير المنهجي وإنجاز الخطوات المرحلية خطوة بخطوة لتحقيق الهدف الكبير والاستراتيجي أولاً ولقطف الثمار الموسمية ثانياً عبر زيادة حَمَلَة الفكر القرآني في المجتمع مما يساعد في تقويم المجتمع وتوجيهه الوجهة الصحيحة.
وأضاف سماحته: "يتم ذلك من خلال الأنشطة الدورية وإحياء الفعاليات القرآنية العامة والخاصة باستمرار وكذلك من خلال محاولة الولوج إلى الخلايا الاجتماعية الأصغر والمتابعة الميدانية لشؤونها القرآنية مع بذل المزيد من وسائل الترغيب والتشجيع وهذا برأيي سيؤدي إلى نتائج إيجابية ومهمة وفي زمن لا بأس به إن شاء الله".
وفي معرض ردّه على سؤال حول الاستراتيجية التي يجب على القراء إتباعها حتى يتفاعل معها الناس أكثر؟ قال سماحة الشيخ "جعفر خيربيك": "إننا كمسلمين ينبغي أن نجعل القرآن محور حياتنا وروحها وأن نستفيد إلى أبعد مدى من هذا الفيض الإلهي فيما يتعلق بإصلاح دنيانا وآخرتنا".
ومن الناحية الإجرائية العملية لاضير أن يكون ملفاً يخضع للمنهجية في العمل والتطبيق للمساهمة في نشر ذخائره وتوعية الناس للمنافع التي سينعمون بها في الدنيا وفي الآخرة.
وفي هذا الإطار لابدّ من تفعيل العمل الإعلامي على أوسع نطاق ويصبح عندنا فرع خاص تحت مسمى: الإعلام القرآني - وهذا ما بادرتم إلى تأصيله في وكالة الأنباء القرآنية الدولية(إکنا) مشكورين مأجورين.
وتابع حديثه سماحته، لأن أصل المواجهة وجوهرها هو فكري وعقائدي وقيمي والإعلام والميديا أهم أسلحة الدفاع فيها، ونحن المسلمون نعتقد أن دستورنا والحامل لكل قيمنا: الفكرية، والعقائدية، والقيمية هو القرآن الكريم، لذلك ينبغي العمل بمثابرة وتأني على استراتيجية واضحة تجمع بين الترغيب والتبسيط والتسهيل مع المحافظة على المغزى العميق، والعمل باستمرار على استثارة القرآن والتنقيب والبحث فيه ثم تبسيط المطالب والنتائج وتقديمها للناس بالأساليب المحببة إضافة إلى استغلال الوسائل الحديثة من برامج ذكية والاطلالة القرآنية على الناس بشكل دائم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فهذا يخدم الانتشار على أوسع نطاق.
تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي: