وأجرت مراسلة وكالة "إكنا" للأنباء القرآنية الدولية في لبنان، الإعلامية "ريما فارس"، حواراً مع المدرّس والقارئ سماحة الشيخ "حسين حمد حسين"، وهو طالب ومدرّس للعلوم الدينيّة في معاهد سيدة نساء العالمين (ع) الثقافية.
في البداية، سُئل سماحة الشيخ "حسين حسين" عن الأدوار والمسؤوليات الرئيسية لمعلم القرآن الكريم.
أجاب: الأدوار والمسؤوليّات لمعلّم القرآن الكريم والعلوم القرآنیة و الدينيّة نأخذها من قول الله تعالى: "هو الذي بعث في الأمّيّين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويعلّمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين." فالدور الأوّل للمعلّم في هذا المجال هو إخراج الناس من الظلمات إلى النور، من ظلمات الجهل إلى نور العلم. وهذا الدور، وكما يستفاد من هذه الآية وغيرها من الآيات الكريمة، هو دور الأنبياء، وهذا ما يجعل العلماء ورثة الأنبياء كما ورد أيضاً في مضمون مجموعة من الأحاديث الشريفة.
فإذن، الدور الأبرز هو نقل المعرفة وإيصال العلوم الإلهية والنبوية، قرآنية وغيرها، إلى المتلقين، لنقلهم من الظلمة والجهل إلى العلم ونوره. وهذا المعنى جليّ ومعلوم. إلا أنّ هذا الدور لا يتوقّف هنا، فلا بد من الإشارة إلى أمور:
- أنّ التعليم لا يقتصر على نقل المعرفة أو المعلومة، بل يشمل أيضاً تطوير قدرات الطالب العلميّة من تحليل وتركيب، واستنتاج وغيرها. أو بعبارة أخرى، بناء الشخصيّة العلميّة أو المنهجيّة. وأكتفي هنا بالإشارة إلى حديث مولانا الصادق (ع) لعُنوان البصري حيث ورد فيه: "ليس العلم بكثرة التعلّم إنما العلم نور..."
وتابع سماحة الشيخ "حسين" حديثه قائلاً: إن تعليم القرآن الكريم وعلومه، والعلوم الدينية عموماً، يزيد على تعليم غيره من العلوم بارتباطه بشكل أكبر بالجانب الروحي والعلاقة الأكثر مباشرة مع الله عز وجل، ومع الجانب العبادي بالمعنى الخاص والعام. وهذا ما يزيد من فضل هذه المهمة وهذا الدور كما يزيد من حساسيّته واستلزامه لأدوار أخرى تربوية.
- وبناء على ما تقدّم، نشير إلى دور إضافي للمعلّم في هذا المجال - مشتقّ مما سبق - هو دور القدوة والنموذج الصالح.
بالخلاصة إذن، أبرز أدوار ومسؤوليّات معلم القرآن والعلوم الدينية هي نقل المعرفة، بناء الشخصيّة العلميّة، بيان وربط الجانب التربوي والروحي مع الجانب العلمي، ولعل دور القدوة...
وعن دور جمعية القرآن الكريم ومعاهد سيدة نساء العالمين (ع) في كيفية نشر العلوم الدينية والقرآنية؟
قال سماحة الشيخ "حسين حسين":
-أولاً: إنّ تصدّي هذه المؤسسات لهذا الدور هو واقعا قيام بواجب كفائي وتكليف رفعوه بتصدّيهم عن عاتق الجميع، وهذا ما يقتضي أولا التنويه والتقدير والشكر منا جميعا.
ثانياً: لقد استطاعت هذه المؤسسات من خلال مجموعة من الإجراءات والخطوات، أن تساهم بشكل كبير في نشر وتعليم القرآن الكريم وعلوم النبيّ (ص) وأهل البيت (ع) بين مختلف فئات المجتمع؛ أي رجالا ونساء، صغارا وكبارا. وأنا حقاً أفتخر وأشعر بالامتنان أنني ممن استفاد وعبر في هذه البرامج والمسارات التي أقامتها وقامت بها. إن لجهة حفظ القرآن أو تلاوته أو فهمه وتفسيره فضلا عن العلوم الأخرى من عقيدة وسيرة وأخلاق وفقه وغيرها.
وهذه الإجراءات أو الخطوات التي تمّت عبر سنوات طويلة وبشكل مستمر ومتواصل ومتنامٍ، يمكن تصنيفها كالآتي:
- وضع أهداف علميّة وكفايات منهجيّة للمواد المختلفة والمتنوّعة التي تصبّ بمجموعها في تشكيل شخصيّة الفرد العلميّة بالشكل المطلوب، والتي تؤدي بالفرد إلى تحقيق الهدف (يعلمهم ويزكيهم).
- بناء وصياغة وتأليف مناهج ومتون لتدريسها في البرامج التي تقام لهذا الهدف.
- استقطاب الإمكانات والطاقات البشريّة العلميّة في المجالات والجوانب المختلفة مما ذكرنا للقيام بهذه المهام من تخطيط وتأليف وتدريس وإدارة. وهذا لا يقل أهميّة طبعاً وهو بحد ذاته تحدٍّ صعب.
- المثابرة والمواظبة في وضع الخطط والبرامج والدورات وإقامتها على مدار سنوات طويلة، وفي البقاع والمناطق المختلفة وللشرائح المختلفة.
- العمل الدائم على تطوير المناهج والبرامج والمتون والمدرسين وغيرها.
وأضاف سماحته: بعدما ذكرنا في النقطة السابقة، لعلّه بات واضحاً بعض الشيء المسار، لذا نشير سريعاً إلى البرامج والأنشطة:
- إن جمعيّة القرآن الكريم تقيم دورات أحكام التجويد والتلاوة الصحيحة بمستويات مختلفة وبما يتناسب مع الشرائح المختلفة وبشكل مرن نوعاً ما يسمح بتعميم الاستفادة في المناطق، كما تقيم دورات النغم والمقامات للقرّاء، ودورات إعداد الكادر والمدرّس القرآني الذي من خلالها يصبح مؤهلاً لتنفيذ البرامج المقرّرة بل ويتمكّن من الإفادة بشكل أوسع من ذلك. ومن أهمّ برامج الجمعيّة مواكبة ومتابعة الحفظة بشكل جماعي أو فردي من خلال مدرّبين مختصّين ومن خلال برامج على مدار العام وبالتنسيق مع أهالي الحفظة الصغار، ما أنتج عبر السنوات حفظة جزئيين أو كامل القرآن فاقوا الفترات والمراحل الزمنية السابقة.
- أما المعاهد الثقافيّة ف من خلال الدراسة النظاميّة المنهجيّة في برنامج الدراسة العامة والإجازة والتخصص، أو من خلال دورات خاصة أو برامج استثنائية حيث تدعو الحاجة في المناطق المختلفة وللفئات العمرية المختلفة. فإنها تخرج أخوات في كل عام قد حصلن على المعارف المطلوبة، بعضهنّ لثقافتهن الشخصيّة أو للاستفادة في تربية أولادهن والعناية بأسرهن وبعضهن بما يخوّلهن للتبليغ أو التدريس.
وعند سؤال سماحة الشيخ "حسين حسين" عن التحديات الرئيسية التي تواجه معلمي القرآن الكريم، أجاب:
بعد ما بيّنّاه في النقطة الأولى من الأدوار والمسؤوليّات يظهر بوضوح تحدّيان رئيسان للمعلّم في هذا المجال المقدّس. الأول، فلنعبّر عنه بالفنّي، والثاني، بالروحي أو السلوكي.
فالأول على شقّين:
- أن يحرص المعلّم على تمكنّه وإتقانه للمضامين والمعارف التي يعمل على نقلها لطلابه وتعليمها لهم.
- وأن يتقن ويستخدم الأساليب والوسائل المناسبة، وأن يعمل على تطوير أدائه بشكل دائم ليتمكّن من تحقيق الأهداف.
الثاني: هو أن ينسجم في شخصيّته وسلوكه ومظهره وقوله وكلّ ما يرتبط به مع رسالته ومجال عمله في تعليم هذه المعارف السامية والمقدسة، وما يتناسب وارتباط اسمه وشخصه بالله وكتابه الكريم وبالنبي الأكرم (ص) وأهل بيته الأطهار.