وأجرت مراسلة وكالة "إكنا" للأنباء القرآنية الدولية في لبنان الإعلامية "ريما فارس" حواراً مع الباحث والمحلل السياسي والأستاذ الجامعي اللبناني والخبير في الشأن الاقليمي والدولي الدكتور "بلال اللقيس".
وفي معرض ردّه على سؤال حول كيفية التخطيط لعملية "طوفان الأقصى" وتقييمه لهذه العملية والفشل الإستخبارتي الذي إكتشفه الصهاينة؟ إضافةً إلى الإنجاز الذي قدمته هذه العملية؟ أجاب الدكتور بلال اللقيس أن هناك نقطتين النقطة الأولى: واضح أنّ ما حصل في عملية "طوفان الأقصى" أهم الضربات والإنجازات التاريخية للمقاومة التي أصابت من خلالها أبرز أعمدة الكيان وهو عامود الأمن والإستخبارات والإنذار المبكّر بحيث تميز هذا الكيان بقدرته على التوقع والإستخبار والإستعلام قبل وقوع الحدث.
وأضاف أننا نتكلم هنا عن غزة وهي بلدة الفضاء الأمني لإسرائيل بكل شيءٍ فيها عملاء تنصت وفيها سجن تابع للكيان الصهيوني وبالتالي أن تحدث عملية بهذا الحجم وبهذا المستوى والتخطيط وتحشيد مئات المجاهدين الذين بلغ عددهم 1200 مجاهد شاركوا في هذه العملية وما يستدعي ذلك من تخطيط ومن محاكاة وتدريبات ومناورات، هذا يدلّ على أنهم كانوا يخططون لهذه العملية منذ أشهر، وبسرية تامة، بحيث أن العدو لم يتمكن من أسر مجاهد واحد، وهذه حقيقة مخيفة ويصدع منها الكيان الصهيوني وأيضاً انجاز للعقل المقاوم ولروح المقاومة من الشجاعة في التخطيط والسرية.وهنا يمكننا القول إن المقاومين قد أنجزوا مدرسة على المستوى الأمني الجديد قدمت اليوم نموذج المقاوم وهي عملية "طوفان الأقصى".
عملیة طوفان الأقصى؛ أول تجربة هجومية ضد الكيان الصهيوني
وأشار الدكتور "بلال اللقيس" الى النقطة الثانية وهي البُعد الإستراتيجي الذي حققته يد المقاومة في إنجازها ضد العدو الإسرائيلي الذي كان مع كل مواجهة يخوضها بالحروب مع قوى المقاومة يخسر شيء من الركائز له ومن عناصر قومه الأمني الاستراتيجي، اليوم تحققت واحدة من الضربات إسمها المباغتة بالأمس كان العدو هو من يفاجئ بالهجوم أم اليوم كانت المباغتة من المقاومة وهي أول تجربة هجومية تقام ضد الكيان الصهيوني، وحدث تبين من خلاله أن جيش الكيان الصهيوني هش لدرجة أنه لايستطيع استیعاب عملاً هجومياً بهذا الحجم.
وفي معرض رده على سؤال هل يمكن أن تكون هذه العملية بداية حرب إقليمية شاملة ضد الکیان الصهيوني؟ كان جواب الدكتور "بلال اللقيس" نعم أكيد لكن السؤال الأهم هل هذه الحرب الإقليمية المفترضة ستكون متصلة بهذا الحدث أو منفصلة عنه؟ اليوم هذا الحدث قد حصل وله تداعيات كبيرة على أمن اسرائيل وعلى مستوى النظام السياسي وعلى مستقبل الدولة، لأن الدولة هي مجموعة من المؤسسات والذي حصل اليوم تهاوت كبير مقابل المقاومين الابطال المجاهدين، جعل الصهاينة يفقدون الثقة عملياً بالمؤسسة السياسية والمؤسسة الأمنية والمؤسسة العسكرية لدرجة الصفر وهذا ما أجبر الاسرائيلي أن يستحضر الامريكي ليعوّض شيئاً من الثقة المفقودة أمام شعبه ويسنده في العسكر ويحمل عنه الصدمة الذي يمرّ بها، وبالتالي نحن أمام حدث أرخى بضلال هائل على الكيان الصهيوني وكسر شوكته وأصبحت المباغتة المقبلة عنده تشكل خطراً لأنها ستكون مرتبطة بنفس هذا الحدث حتى لو انفصلت زمنياً، لكن الذي حصل اليوم أسس لمعركة التحرير الكبرى تأسيساً عملياً وليس فقط نظرياً وإن شاء الله هذه العملية فيها نتيجة ضخمة جداً لامن أجل المطالبة بأهداف مرتبطة بشيء متعلق في قضية غزة والاعتداء على المسجد الأقصى أو الاسرى بل سيبنى عليها التحرير وهذا معطى جديد من نوعه ستواجهه اسرائيل لاحقاً وبسرعة فائقة.
وعن اذا كان هناك إمكانية دخول حرکات مقاومة أخرى بما في ذلك حزب الله اللبناني في هذه العملية؟ قال الدكتور "بلال اللقيس": "نعم هناك إمكانية دخول حركات المقاومة وهذا الاحتمال قائم تزيد قوته وتنقص بحسب مجريات الأمور لايستطيع أحد أن يحسم وأيضاً مرتبط بعدة إتجاهات: الأداء الامريكي، أداء المقاومة في فلسطين وقدرتها على الصمود، تحمل أهل غزة، سير المخطط الأمريكي لتجويف هذا الانتصار، بالإضافة إلى ثبوت أنظمة العرب أم هناك تخاذل أمام الضغط الامريكي كلها أسئلة تكتشف مع مرور الوقت وتساعد على تجلية الموقف.
وتابع الدكتور "بلال اللقيس": هناك أيضاً ما نراه من إحتمالية قائمة في جبهة الجنوب أو في الساحة العراقية من جهوزية المواقف إن كان من قبل آية الله السيد "السيستاني" أو "القوى الشعبية" أو السيد "عبد الملك الحوثي" وكل القيادات الثورية في اليمن أو عموم عالمنا العربي والمقاومة الاسلامية، فضلاً عن ايران التي هي في موقع قيادة العملية السياسية وحركة المقاومة، فمن الإحتمال تغير الوضع إلى وضع اقليمي وتدخل قوى خارجية هذه الاحتمالية قائمة ممكن أن تزيد وممكن أن تنقص وذلك وفقاً لمجريات الأمور ومجمل التطورات التي هي ساعة بساعة وتحتاج إلى إدارة موقفية، وكله بفضل عملية "طوفان الأقصى" التي انتقلت من فكرة وارادة إلى واقع ثابت ورصين. ويبقى اختيار التوقيت المناسب والبحث عن العناصر التي تؤدي إلى حرب تحريرية هذا هو البحث اليوم وغداً والمرحلة المقبلة إن شاء الله.
وفي معرض رده على سؤال عن تقييمه للدول والفصائل الفلسطينية في ظل هذه الظروف الراهنة، أوضح الدكتور "بلال اللقيس" قائلاً: "وصلت القضية الفلسطنية إلى تدني عند بعض الشعوب وبعض الحكومات التي إستطاعت أن تدجن شعورها وتبعد القضية الفلسطنية عن شعوبها، وهذا شيء مخيف لكن بالمقابل كان هناك الشارع الأكبر الطاغي وهو السواد الأعظم الذي كان يطالب بالمقاومة والانتصار لفلسطين وهو الذي يمثل الارادة الجماهرية الفعلية أما الأطراف الثانية لا تمثلها".
الإرادة الشعبية الفعلية وتجمع الفصائل الفلسطينية هي من أسس أداة المقاومة
وأكد أن الإرادة الشعبية الفعلية وتجمع الفصائل الفلسطينية هي من أسس أداة المقاومة لذلك يجب أن ننظر الي بعض الساحات التي فوجئنا بمواقفها مثل بعض الدول كالدولة التركية وغيرها أننا أمام انتصار عظيم بعدما كانت فلسطين في العناية الفائقة وتكاد أن تفارق الحياة الحمد الله أنقذت وعادت إلى مسرح الحياة لصناعة التاريخ والمستقبل وهذا ما سنبني عليه في المستقبل.
وأكد الدكتور "بلال اللقيس" أن غالبية الأنظمة العربية والأجنبية لايرغبون بإنتصار المقاومة لأن هذا فضحية لهم بعد التطبيع مع اسرائيل وهم يتمنون فشلها، أما بعض دول المقاومة مثل إيران وسوريا، العراق، اليمن، لبنان مواقفهم جيدة وهم حاضرون في الساحة والخصوصية الأكبر بين الدول تعود الى لبنان.