ایکنا

IQNA

هل لعملية "طوفان الأقصى" مشروعيته الدينية؟

17:07 - November 05, 2023
رمز الخبر: 3493327
بيروت ـ إكنا: هناك أسئلة تفرض نفسها في سياق الأزمات الحادة التي تعصف بالأمم والشعوب، ولسنا نشك إطلاقًا أن ما يتعرض له الشعب الفلسطيني اليوم من عدوانية صهيونية لا يمكن توصيفه على أنه أزمة حادة وحسب، وإنما هو أزمة وجودية تتعلق بمصير شعب مسلم يعتدى عليه في أرضه وحقه ومصيره.

هل لعمليةومن هنا يأتي السؤال عن جدوى معالجة هذه الأزمة التي امتدت في الزمان والمكان والحياة لتكون حاضرةً في كل وجدان،وروحاً لكل إنسان حر في هذا العالم.

فالقدس وفلسطين ليست مجرد فعل سياسي، وتفاعل إنساني، بل هي تتجاوز ذلك لتكون رؤيةً ومنهجاً دينياً حاكماً في حياة أهل الإيمان لما تعنيه الأرض المقدسة من معنى في الأرض والسماء.

وهكذا، فإن الإنسان المؤمن بحكم انتمائه إلى روحية الإيمان والدين لايصدر في تعقله لمعنى القدس، وفي عمله السياسي عن مجرد مصلحة سياسية يتوخاها من أي عمل جهادي يقوم به اتجاه القضية الفلسطينية.


ومن هنا يتأتى لنا السؤال المنهجي عن مدى واقعية الرؤية السياسية سواء في التكتيك والاستراتيجيا، لتكون منسجمة مع الحكم الشرعي الضامن لصوابية العمل ومشروعيته مهما كانت آثاره وتداعياته.

ولا شك في أنه من ثوابت الإسلام، وكل دين وشريعة،حق الإنسان في الدفاع عن نفسه في مواجهة العدوان، وهذا حق ثابت لمن كانت له مشروعية وجود،فكيف لا يكون ثابتاً لمن له مشروعية وجود وحقانية وجود،بخلاف ذلك الصهيوني الذي لايتمتع بشيء من ذلك.هذا أولاً.

ثانيًا:هناك تطبيقات إسلامية كثيرة عايشها المسلمون وتفاعلوا معها في تاريخ الإسلام والمسلمين،وهي بمثابة تجارب يمكن الاستفادة منها في توجيه الفعل السياسي والعمل الجهادي،ولا يكفي المسلم أن يكون على قوة قاهرة ليخوض الحرب بمعزل عن الشروط والظروف والمعطيات الحاكمة،وهي شروط لا بد من لحاظها،تكتيكاً واستراتيجياً في إدارة الصراع سواء في الحرب أو في السلم.
هل لعملية
ومن هنا جاء طوفان الأقصى ليطرح سؤالاً مهماً وملحاً،مفاده ماذا عن تداعيات هذا الطوفان في الدين والسياسة؟وهل لهذا الطوفان مشروعيته الدينية في ضوء موازين القوى بين العدو والمقاومة؟وهل يحق لبعض المتحللين من قيود الدين والدنيا أن يوصِّفوا هذا الطوفان بالغضب ضد المحتل، فكانت له هذه النتائج الكارثية على أمة المقاومة؟!

وانطلاقًا من هذه التساؤلات، نرى ضرورة لأن نؤسس للموقف الحق من منطلق مشروعية الدفاع عن النفس ومقاتلة المحتل،لكونه معتدياً وقاتلاً للنفس المحترمة! فهذا مما لا نقاش فيه ولا سؤال حوله،وإنما يكون النقاش إيجابيًا ومشروعًا فيما لو علمنا أن منهجية التكتيك جاءت بلحاظ الهدف الاستراتيجي في إطار رؤية واعية لتحولات العالم،وإمكانيات وقدرات الواقع الذي تتاح فيه لأهل الجهاد مقارعة العدو على نحو ما تقتضيه القدرة لاتخاذ الخطوة المناسبة في تثبيت الحق المشروع في الدفاع والمقاومة.

عملية طوفان الأقصى جاءت في سياق الرؤية المتكاملة للمقاومة

فإذا كان "طوفان الأقصى" قد جاء في سياق الرؤية المتكاملة للمقاومة، فهذا من شأنه أن يجعل له مفاعيل في الاستراتيجية مختلفة تماماً عما إذا كان هذا الطوفان آتياً بلحاظ رؤية جزئية منبثقة عن رؤية موضوعية في الدين والسياسة لتحقيق خرق قاهر في جدار العدو،مادياً ومعنوياً،وقد تم هذا للمقاومة على نحو يعادل سنوات من الجهاد ضد المحتل.

فالمناقشة الشرعية لا يمكن أن تكون في الرؤية والموقف والإيمان والحق المشروع،وإنما هي في الأسباب والمعطيات والظروف وشمولية الموقف المقاوم واستعداداته لضمان فاعلية الحدث والانتصار فيه؛لأن العمل الجهادي لا ينفصل عن نتائجه وتحققاته الجوهرية في الفعل والأثر على المستوى الاستراتيجي.

نعم،يمكن لأي حدث(طوفان الأقصى) أن يشكل مفاجأة تكتيكية للعدو، أما أن يشكل مفاجأة استراتيجية لمن يقوم به، فهذا مما لايمكن تعقله،كما أنه لايمكن تجاهل وحدة الموقف المقاوم لعموم الفاعلية والأثر الذي ينشأ عن تداعيات الحدث، وكيف لا يكون أثرًا عاماً والكل يعلم أن العدو ستكون له ردات فعل قاسية وغير معهودة في الهمجية والعدوان.

وهذا كله،كما يعلم أهل العلم والفقه يحتاج إلى تسويغات شرعية وفاق الرؤية الدينية العامة.إن ما يحق لكل باحث أن يتساءل حوله في الدين والسياسة،هو هذا؛هل الطوفان جاء نتيجة رؤية شاملة لفاعلية المقاومة ليكون له معناه الاستراتيجي،أو أنه أتى بلحاظ تكتيك خاص أملته ظروف المرحلة وقدرة التنفيذ مع تجاهل التداعيات على الواقع المقاوم وتفاعلات العالم بما قد ينشأ عن هذا الطوفان الصاعق!؟

فإذا كانت لهذا الطوفان رؤيته الشاملة فلايخشى من تفاعلاته ولا من تداعياته؛ وكذلك إن لم تكن لهذا الحدث رؤيته فهو ساقط على محوره سقوط القدر، إذ إنه لا فكاك من قدر المقاومة،بدلالة الحدث اللبناني الذي لم تكن له توقعات الشمول،وما كان ليترك لو كانت لتداعياته آثار الهزيمة،فكل فعل مقاوم له بعده الاستراتيجي وليتحمل الكل مسؤولية الطوفان،دعماً للقدس ودفاعاً عن فلسطين في زمن لم تعد تكفي فيه هتافات الحناجر في شوارع الموتى في العواصم العربية والإسلامية،.! إنه قدر هذه الأمة أن تمتحن بفلسطين والقدس والويل ثم الويل لمن جعلوا من أنفسهم حزامًا لبؤس فلسطين،ولموت أطفال فلسطين.والسلام

بقلم الأكاديمي والباحث اللبناني "د. فرح موسى"

تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:
أخبار ذات صلة
captcha