ایکنا

IQNA

"نبأ فلسطين وهجرة الوعي العربي"(إسلام المظاهر وحشر المقابر)

14:23 - December 24, 2023
رمز الخبر: 3493914
بيروت ـ إكنا: لعل أحد لا يساوره شكُ، ولا ينتابه قلق في أن فلسطين والقدس ليست مجرد خبر في التاريخ؛ وإنما هي نبأ تداخلت فيه عوالم الغيب والشهادة، وقد امتحن بها العرب والمسلمون.
 
عباده بتوالي الأنباء، فقال الله تعالى في الآية الـ49 من سورة "هود" المباركة: "تِلْكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ ۖ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلَا قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَٰذَا ۖ فَاصْبِرْ ۖ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ.".ولعل أحد لا يساوره شكُ، ولا ينتابه قلق في أن فلسطين والقدس ليست مجرد خبر في التاريخ؛ وإنما هي نبأ تداخلت فيه عوالم الغيب والشهادة، وقد امتحن بها العرب والمسلمون، وكانت عقولهم دائماً تهجر الوعي وكل قداسة لأجل الفوز بباطل هنا أو هناك على مفارق الغرب والشرق معاً! فلم يعِ العرب يومًا معنى أن تكون القدس وفلسطين نبأً إلهياً لما يحيط بقدسها من هالة السماء وشرائع الأنبياء!

فها هي فلسطين اليوم تطوف بأشلاء الشهداء في عواصم العروبة ناعيةً لموت الضمائر، ومخبرةً بحشر المقابر! فغزة اليوم تكتب بدماء شهدائها نبأ فلسطين، وسوف يعي العرب والمسلمون قريباً حقيقة هذا النبأ فيعلمون أنه الحق من ربهم، وقد قال تعالى:"لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون.".فليس أمام العرب اليوم مزيداً من الوقت كي يفرجوا عن غزة فلسطين، فكثيرون منهم كانوا دائماً يشكلون الحصار والنار لأهلها! وكأنه من معاني الإسلام وحقائقه هجران الوعي بفلسطين، ونصرة العدو المستعمر، والمغتصب للأرض والمقدسات!؟
 
فالعالم اليوم يقف أمام مشهدية فلسطين، وينظر إلى غزة الشهادة بكل ما تمثله من تاريخ وقداسة، وغيب وشهادة، فلم تعد أطروحة الشرق الأوسط الجديد ماثلةً، ولا مفاوضات التطبيع حاضرة، فكل شيء يغيب في وحي الشهادة ليحضر أمام مشهدية طرد الغزاة من غرب آسيا،كما قال قادة المقاومة: إن الغد لفلسطين بكل ما تعنيه من نبأ في الأرض والسماء.
 
فالله يقول وقوله الحق:"لكل نبأ مستقر، وتغيير وجهة العالم، وإحداث التحولات العظمى في مصائر البلاد والعباد لم يكن يوماً مجرد خبر إلهي، بل هو نبأ غير مهجور من وحي السماء،كما أنه ليس متروكاً ليأخذ به العابثون في كل اتجاه،كما قال تعالى: "وسوف تعلمون"، تعلمون ماذا؟ أن النبأ الإلهي الذي كان يُخبر به الأنبياء(ع) هو تحول الأحداث ومجريات الأمور باتجاه المراد إلهياً، وكان الأشرار والطغاة دائماً يمانعون ويقتلون ويكفرون بالحقوق، ولكن إرادة الله تعالى كانت دائماً هي الغالبة.
 
فالعجب كل العجب من أمم ترفع شعارات السماء، وتصلي لرب العباد، ثم يكون منها القتل والحصار والعذاب لمآذن الحق والتكبير في فلسطين!لقد حشرتم أيها العرب والمسلمون أمام نبأ فلسطين طوعاً وكرهاً، فكل أهل الأرض يتطلعون إلى مظاهر الدين في بلاد العرب والمسلمين، ويقرؤون الفوز في دماء المجاهدين، ولا زلتم أيها العرب تكابرون في وعي الحق وتشهدون على أنفسكم بالموت ديناً ودنيا لتجعلون من أنفسكم نبأً في الموت ونكران الحق!
 
فلسنا نشك إطلاقاً في أن الأيام تنحسر عن نبأ إلهي يحشر إليه كل وعي عربي وإسلامي، ولن يفلح الأعداء في تهجير الوعي بفلسطين، فإذا ما تدبّر العرب قليلاً، فإنهم سيعون معنى أن تفتح الضمائر والعقول على ما أعد من نبأ إلهي لا بد أنه مستقر عند حدوده وفي مكانه!
 
إن غرب آسيا،كما تعلمون هو مصطلح أهل المقاومة،تماماً كما هو مصطلح يوم القدس العالمي، وإذا كان الصراع اليوم قد تجوهر في طوفان الأقصى، فلسنا نرتاب أبداً في ما سينكشف عنه هذا الصراع من نتائج على مستوى الوجود، ذلك أن طبيعة كل صراع تتجوهر وتتحقق بما يشكله كل شعب، وكل أمة، من وعي بأطروحة الوحي الإلهي الحاكم على كل مسار ومصير في تاريخ البشرية.
 
لقد فشلت جاهلية العرب الجديدة في تحقيق مشروعها رغم كل ما توفر لها من غطاء استعماري وباتت فلسطين اليوم بكل شهدائها ودماء أطفالها كاشفةً عن ضلال وتيه أكثرية العرب والمسلمين عن دينهم! فليبكوا كثيراً ويضحكوا كثيراً على ما تسببت لهم به رعونة الجاهلية الجديدة التي أرادوا التعبير عنها بكثرة المساجد وتأدية العبادات لمن ظنوا به ربًا! وما هو كذلك،كما قال تعالى في سورة النساء: "إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا ﴿117﴾ لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا ﴿118﴾".
 
بقلم الأكاديمي والباحث في الدراسات القرآنية "د. فرح موسى"
 
تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:
captcha