ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة...

الطمَّاع لا يشعر بالرضا أبداً

14:52 - April 30, 2024
رمز الخبر: 3495505
إکنا: إن الطمَّاع لا يشعر بالرضا أبداً، إذ يعتقد أنه يستحق أكثر مما في يديه، أو أكثر مما حصل عليه، وهو بارع في التأثير في الآخرين والتلاعب بهم واستغلالهم من أجل تحقيق مصالحه، وهو مستعد أن يفعل أي شيء من أجل الفوز بالمزيد.

رُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "كُلُّ طامِعٍ أَسيرٌ".
 
وهذه حقيقة أخرى يقررها الإمام أمير المؤمنين (ع): إن الطَّمَع يأسِرُ الإنسان، يقيده بقيوده، ويكبِّل حركته، ويُصَيِّره عبداً لأنانيته، ووحشاً يريد أن يستأثر بكل شيء لنفسه، حتى ولو كان يزيد عن حاجته ويمكنه الاستغناء عنه. 
 
لا أريد في هذه المقالة أن أثبت لقارئي الكريم أن الطَّمع صِفة قبيحة، ومذمومة، ومنفِّرة، فلا خلاف بين الناس على ذلك، وقارئي الكريم لديه الكثير ليقوله في قُبح الطمع، وقد يورِد لي شواهد حَيَّة وقِصصاً واقعية عن الطمع والطماعين، ولعله هو يعاني من أقرباء له أو أصدقاء استبدَّ الطمع بهم حتى أحال حياتهم وحياته إلى جحيم، وتسبَّبَ بالكثير من النزاعات والخُصومات.

ما أريد التنبيه عليه هو الآثار الخطيرة التي تنتج عن الطمع، سواء منها الفردية وهي التي تصيب الشخص الطمَّاع، أو الاجتماعية التي يتسبب بها الطَّمَّاع لغيره، وكلها آثار قاتلة.
 
أما أثر الطَّمع على الشخص الطَّمَّاع فأختصرها بالتالي: يعيش الطَّمَّاع في تعَب لا ينقطع، وهمٍّ لا يزول، يُحزنه أن يرى في أيدي الآخرين شيئاً ولو قَلَّ، إذ يريده لنفسه، فإذا لم يحصل عليه دونهم حزِنَ وتوتَّر واغتاظ، يشعر دائماً أنه فقير ولو ملك الكثير، ولا يرى بركة فيما لديه فتضعف ثقته بالله، بل قد تنعدم، حتى يخاصم الله تعالى، ويسيء الظَّنَّ به، ويتهمه بالتقصير معه، وقد يؤدي به طمعه إلى الكفر أحياناً، فيموت عليه وعلى غضب من الله، وإذا اشتد طمعه لم يُبالِ بكرامته ولا بنظرة الناس إليه، فيذله طمعه، ويحتقره الناس، فضلاً عما سبق يؤدي الطمع بالشخص إلى اللجوء إلى الكذب، والغشِّ، والبخل، وأكل الحرام، وارتكاب المعاصي، بل الذنوب الكبيرة، بل قد يصل به الأمر أن يبذل عرضه في سبيل تحقيق ما يطمع فيه، وقد خلص الباحثون إلى أن شديدي الطمع غالباً ما يتخذون قرارات حمقاء وهوجاء، والتي تدفعهم في نهاية المطاف إلى القيام بالكثير من التغييرات السلبية، وتورطهم في الكثير من المشاكل الخطيرة، وهذه وغيرها من الآثار نَبَّهت إليها الروايات الشريفة الصادرة عن النبي الأكرم وآله الأطهار (ص) حيث ذكرت أن الطمع يُفسِد الإنسان، ويُذهِبُ عقله، وحكمته، ويُزِلُّ قدمه، ويورده المهالك، ويجلب إليه الشَّقاء والعَناء، والذُّلَّ والهَوان والاحتقار، وأن الطمَّاع غاشٌ لنفسه يتوهَّم أن الطمع يفيده ولا يفيده، فإنه فقر نفسي دائم، بل سبب للفقر الحقيقي. وجاء عن الإمام أمير المؤمنين (ع) قوله: "مَنْ أرادَ أَنْ يَعيشَ حُراً أَيّامَ حَياتِهِ فَلا يَسْكُن الطَّمَعُ قَلْبَهُ".
 
إن الطمَّاع ومن أجل الوصول إلى هدفه غالباً ما يلجأ إلى مهاجمة الآخرين بهدف الإساءة إلى سمعتهم وتسقيطهم من أعين الناس، وقد يصل الأمر به إلى اقتراف الجرائم، بل والقتل، ولا يشعر بالندم على ذلك، كما أنه يفتقر إلى التعاطف مع الآخرين ولا يهتمُّ بمشاعرهم، ولا يعنيه ما يصيبهم.

والطمَّاع لا يشعر بالرضا أبداً، إذ يعتقد أنه يستحق أكثر مما في يديه، أو أكثر مما حصل عليه، وهو بارع في التأثير في الآخرين والتلاعب بهم واستغلالهم من أجل تحقيق مصالحه، وهو مستعد أن يفعل أي شيء من أجل الفوز بالمزيد.
 
ما سبق كان حديث عن آثار الطمع على الشخص الطَّمَّاع، أما عن آثاره على علاقاته الاجتماعية فأقلها تدمير علاقات الطَّمَّاع مع الناس قريبين كانوا أم بعيدين، فضلاً عن نفورهم منه، وعدم ثقتهم به، وتحقيره، وعدم احترامه، فتنتشر العداوة والبغضاء بينهم وبينه، وذلك يتسبب بالكثير من الفوضى الاجتماعية، بل والفوضى السياسية والاقتصادية، والاحتكار، وزيادة الأسعار، والغَلاء الفاحش، والاضطهاد، والظلم، ولا يقتصر الأمر على مجتمع دون آخر، وهذا ما لا ينكره عاقل، فإن أغلب الحروب التي دارت رحاها في الماضي البعيد والقريب وفي الحاضر، والتي تسببت وتتسبب بقتل مئات الملايين من البشر كان الدافع إليها مطامع القوى المستكبرة.  
 
بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:

captcha