وأعطى الله إسماعيل (ع) ذرية لسیدنا إبراهيم (ع) وهو كبير في العمر وأمره بأن يسكنه مع أمه في مكة المكرمة فاتبع النبي إبراهيم (ع) أوامر ربّه وسأله قائلاً: "رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ" (إبراهيم / 37).

واستجاب الله تعالى دعاء النبي إبراهيم (ع) واجتمعت في الكعبة التي كانت أرض قاحلة لا ماء فيها ولا عشب، كل أنواع النعمات والثمرات. فاستجاب الله تعالى أيضاً دعاء إبراهيم (ع) بحق أهل بيته (ع) وبحق ذريّته فنجد القلوب تقصد مراقد أهل البيت (ع) من كل صوب ونشاهد ملايين الزوار يقصدون كربلاء المقدسة سنوياً في ذكرى عاشوراء وأربعينية الإمام الحسين (ع).

ويقول الله تعالى في الآية الثامنة من سورة المنافقون المباركة "وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ" فـ قد يكون هناك من يمتلك القوة والسلطة بينما لا يمتلك شيئاً من العزة وقد يكون الرجل رئيس دولة دون أن يتمتع بشعبية.

والشهرة لا تعني الشعبية فهناك من هو يكون رئيساً أو بطلاً ولكنه لا يحظى بـحبّ الآخرين فأي رجل في التاريخ يقصده الملايين بعد مرور ألف ومائتي عام على استشهاده؟

وكشف البارئ عز وجل عن سرّ هذا الحب في الآية 96 من سورة مريم المباركة "إِنَّ الَّذینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَیَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدّاً" وإن لفظ "سيجعل" يشير إلى أن الناس سيحبونه في المستقبل.

وعندما تظهر ذروة الإيمان والعمل الصالح مثل التضحية والشجاعة والثبات والعبادة والبصيرة والوفاء والجهاد في سبيل الله، فمن الطبيعي بعد واقعة عاشوراء أن يأتي وقت تمتلئ فيه كربلاء المقدسة بالملايين من محبي الامام الحسين(ع). فـ إن قصة كربلاء رغم مرارتها فهي أجمل القصص على مرّ التأريخ.