وصدر حديثاً عن دار الصـادقين للطباعة والنشر والتوزيع في مدينة "النجف الأشرَف" بالعراق كتاب "النبي المصطفى (ص) في القرآن" بقلم سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي، حيثُ الكتاب يقع في أكثر من (270) صفحة وضمّ مجموعة محاضرات ألقاها سماحتهُ في مناسبات مختلفة، وكان محورها الاساس شخصية النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) منذ بدء حياته ومنعطفاتها التاريخية ورسالته النبوية حتى ارتحاله الى الرفيق الأعلى.
وجاء في هذا الكتاب:
"الحمد لله الذي جعل الحمد مفتاحاً لذكره وسبباً للمزيد من فضله، ودليلاً على آلائه وعظمته، والصلاة والسلام على حبيبه من خلقه النبي الامين المبعوث رحمة للعالمين محمد بن عبد الله وآله الطاهرين، ومن والاهم الى يوم الدين.
وبعد..فأن الالمام والإحاطة بشخصية عظيمة مباركة كشخصية النبي الخاتم (صلى الله عليه وآله وسلم) من الصعوبة بمكان، بل مستحيلة عقلياً.. ولا غرور فكيف يمكن استكناه جميع أبعاد شخصية هذا النبي العظيم وسبر حقائقها وقد حفّها خالق الاكوان بعنايته الدقيقة وألطافه الخاصة وأودعها من العلوم والمعارف فكان (صلى الله عليه واله) مدينة العلم - مطلق العلم بأمره وأرادته جل وعلا - ثم أختصه بأمره وأرتضاه لسره الا أن هذه المحدودية الذي جبل الانسان عليها لا تمنعنا من الاستفادة قدر الامكان من بركات سيرته العطرة والتأمّل والنظر فيها وترسّم خطاه بقوله وفعله، سيما وأن الله تعالى هو الذي يأمرنا بالاقتداء والتأسي به ويصفه في كتابه الكريم بعظيم الصفات التي لم يوصف بها غير (صلى الله عليه وآله وسلم).
إن وجود شخص النبي الأكرم (ص) كان سبباً لإفاضة نعم جليلة على العوالم كلها وبعثتهُ المباركة كانت من أعظم الرحمات الإلهية فكانت سبباً للهداية الالهية والتوحيد فهو بحق أعظم مصلح اجتماعي عرفته البشرية، ومؤسس خير أمة أخرجت للناس من العدم وبذلك وفرت قيادته المباركة للبشرية أسعد عصر من عصورها.
إن المتأمل لسيرةِ خاتم الرسل من إرهاصات ولادته الى يوم استشهاده (ص) ليقف متحيراً.. منذهلاً.. تحيطه الكثير من علامات التعجب والاستفهام.. فهذا الكم الهائل من المبادئ السامية والقيم الرفيعة والمثل العليا والسلوك الراقي الحكيم ومكارم الاخلاق التي أفاضها نبينا الأكرم على من عاصره وعلى من قرأه عن بعد، إنبلج نور فجره في بيئة لا تساعد على صناعة هذه المعاني بعد ان طمى عليها ليل الجاهلية الجهلاء وأظلمّت زواياها وأدلهمت حناياها وغلبت عبادة الاصنام والشرك بالله تعالى الواحد كما انه (ص) لم يحض بتربية الأب ولم تطل رعاية الأم له إذ فارقاه في بواكر عمره الشريف ففقد بذلك أحد أهم الاسباب الطبيعية لصناعة العظمة (نعم عاش ونشأ في كنف جده ثم عمه رضوان الله تعالى عليهما) ونالته الكفالة والحماية الا إنهما - بمجردهما مع اهميتهما ومحوريتهما في حياة النبي(ص) - لا يوصلان الى القمة السامقة والمقام العظيم والمنزلة الرفيعة عند الله تعالى لوحدهما.
فلا يمكن الاجابة عن هذا السؤال إلاّ بالاستعانة بمصادر النور الإلهي، وهما القرآن الكريم والعترة الطاهرة فقد روي عن الامام الصادق (عليه السلام) قوله ان الله تبارك وتعالى أدب نبيه فلما انتهى به الى ما أراد الله قال له (وأنك لعلى خلق عظيم)، فأخلاق النبي(ص) من أعظم معاجزه (ص) فقد صنعه ربه بيديه وأدبّه ورّباه وبلغ به الغاية فيما يريده وأظهر (ص) هذه الحقيقة وهذه المعجزة بقوله (أدّبني ربي فأحسن تأديبي)، ومن أهم الشواهد على عظمة أخلاقه تلقيه هذا الثناء وهذه الشهادة من الخالق العظيم دون أن يأخذه العجب أو يشمخ بأنفه على الاخرين كأغلب الناس حينما يحصلون على ثناءٍ وتبجيل من كبرائهم فلم تضطرب أفكاره أو يفقد اتزان شخصيته أو يتملكه عارض غير حسن، فتلقّى هذا التكريم من ربه العظيم بنفسٍ مطمئنة، راضية متواضعة، وقد حفلت كتب السير والحديث والتاريخ بشواهدٍ لا تحصى من أخلاقه العظيمة.
ومع كل هذا العطاء العظيم والخُلق الذي لا نظير له نجد أنفسنا تجاه مسؤولية كبيرة لإظهار شمائل هذه الشخصية الآسرة والمتفردة في خصائصها وسيرتها الوضاءةَ.. بكونها معيناً صافياً لأهل البصائر وذوي النهى، خاصة إذا كان السراج الذي نقتبس منه ونستنير به للاستفادة منها هو كتاب الله العظيم وقرآنه المجيد الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ومن خلفه والروايات الشريفة الواردة عن أهل البيت العصمة (عليهم السلام).
رابط الكتاب كامل لمن يحب المطالعة:
https://library.yaqoobi.net/book/%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A8%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B7%D9%81%D9%89-%D8%B5-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85