
فيما يلي توضيحات حول محتوى كتاب "الحياة الطيبة في الصحيفة السجادية" بقلم مؤلف الكتاب وعضو هيئة التدريس بجامعة "شهركرد" في إيران الدكتور أصغر طهماسبي البُلداجي:
الحمد لله الذي أعطانا نعمة القرآن وخاتم الأنبياء وآله وأتاح لنا فرصة معرفتهم والإيمان بهم، وهذه نعمة الهداية، نعمة عظيمة وثمينة من الله: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذي هَدانا لِهذا وَ ما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللَّهُ» حقاً إن شكر هذه النعم صعب بل مستحيل، ولكننا نسأل الله صادقين أن يوفقنا لمعرفة هذه النعم وشكرها. ولكن بعد الثناء عليه تعالى، ينبغي أن يقال أن أهل بيت النبي(ص) هم خلفاؤه من الله، هم کثقل القرآن ومبین ومفسر لآیات القرآن، إنهم يعبرون عن المعارف الإلهية؛ كما قال الرسول الكريم في هذا الشأن: «إِنِّی تَارِکٌ فِیکُمُ الثَّقَلَیْنِ مَا إِنْ تَمَسَّکْتُمْ بِهِمَا لَنْ تَضِلُّوا، کِتَابَ اللَّهِ وَ عِتْرَتِی؛ أَهْلَ بَیْتِی وَ إِنَّهُمَا لَنْ یَفْتَرِقَا حَتَّى یَرِدَا عَلَیَّ الْحَوْضَ» بعد الرسول الكريم وحسب الأحداث التي جرت بعد وفاته وما حدث من بدع وانحرافات لدى بعض الناس، حاول كل من الأئمة حسب مقتضيات عصره شرح تعاليم الإسلام الصحيحة وإرشاد الناس، فبذلوا كل جهدهم في مواجهة الانحرافات والبدع التي جاءت مخالفة للسنة الصحيحة للنبي(ص) والقرآن؛ وقد ضحوا بحياتهم بهذه الطريقة.
قد سار الإمام السجاد (عليه السلام)، باعتباره الإمام الرابع، على نهج أبيه وأجداده آخذاً في الاعتبار مقتضيات عصره وأحواله، وإرشاد الناس وشرح المعارف الإلهية. وبالفعل فإن زمن الإمام السجاد (عليه السلام) من أصعب أوقات الأئمة، وقد جاء بعد استشهاد الإمام الحسين(علیه السلام). في هذا الوضع الصعب اختار الإمام السجاد(علیه السلام) منهج الدعائیة لشرح التعاليم الإلهية. الصحيفة السجادية هي نتيجة جهود ومحاولة كثيرة للإمام السجاد(ع) في التفسير والتبيين عن المعارف الإلهية. إن الصحيفة السجادية ليست مجرد تعبير عن الدعاء والتضرع إلى الله، ولكنها طريقة وطقوس خدمة الله والأنسنة في طريق عبادة الله تعالى.
الصحيفة السجادية بحر من المعارف والاحکام والأخلاق والمبادئ الإيمانية التي عبر عنها الإمام السجاد (عليه السلام) في شكل لغة الدعاء. إن مجرد إلقاء نظرة الدعائیة على الصحیفة السجادية هو أمر غير عادل وقصير في هذا الكتاب المقدس. هذا الكتاب مليء بالتعاليم التي يعبر عنها في تفسير القرآن وشرح تعاليمه بصيغة الدعائیة. لم تكن ادعیة هذا الكتاب القيم ذات بُعد واحد، بل اهتمت بجميع جوانب الحياة البشرية. في هذه الادعیة يتم التعبير عن أبعاد مختلفة للمعارف الإلهية وفي مجال العقائد فقد ثبتت المعرفة الصحيحة بالله وصفاته.
إن معرفة الله هي السمة الأساسية والهامة في ادعیة الإمام السجاد(عليه السلام)؛ إن تعظيم الله عز وجل في هذه الأدعية والتعرف الصحيح على صفات الله من مميزات أدعية الإمام السجاد(علیه السلام). معرفة الآخرة والإيمان به وإعداد الإنسان للآخرة من الموضوعات الأخرى التي يعبر عنها في ادعیة الإمام السجاد؛ ومعرفة اهل البيت(عليهم السلام) والإيمان و الاعتقاد بهم هي من الأمور الأخرى التي عبر عنها الإمام السجاد بلغة الدعاء في عصر الاختناق ذلك. في مختلف مجالات الحياة منها الدينية والأخلاقية والاقتصادية والاجتماعية والسلوكية، تم التعبير عن خصائص مهمة في ادعیة الإمام السجاد، وكل منها يعبر عن الطريقة الصحيحة للعبودیة وعاداتها؛ وباختصار فإن الصحيفة السجادية كتاب يتضمن أنسنة وخدمة الله، ويجب شرح تعاليمها وتعزيزها واستخدامها في تفسير القرآن وشرح التعاليم الإلهية.
ما تمت مناقشته في هذا البحث موضوع الحياة الطیبة. إن الحياة الطیبة هي حياة كاملة مرضية عند الله، وعد بها الذين آمنوا وعملوا الصالحات: «مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَ لَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُون» فمن أجل تحقيق هذه الحياة الثمينة لا بد من الإيمان بما أمَر الله به والقیام بالعمل الصالح. للإيمان والعمل الصالح أمثلة كثيرة موضحة في تعاليم القرآن وأهل البيت(علیهم السلام). في الصحیفة السجادية يطلب الإمام السجاد(عليه السلام) أولاً من الله الحياة الطيبة؛ ثانياً: أنه يعبر عن أمثلة الحياة الطيبة في ظل الإيمان والعمل الصالح في صورة الدعاء بأبعاد مختلفة. قد تم في هذا الكتاب ذكر هذه الأبعاد والفئات مع ذكر خصائصها.
توضيحات حول فصول الكتاب
قد نظم هذا الكتاب واستكمل في ثمانية فصول، ذكرت فيها نماذج مهمة من الحياة الطيبة. في الفصل الأول تم ذكر مفاهيم البحث وعمومياته وشرح مختصر لسيرة الإمام السجاد(علیه السلام) وتاكيد لصحة و اعتبار الصحيفة السجادية و اسنادها الى الامام السجاد(عليه السلام). في الفصل الثاني تم شرح الجوانب الدينية في الحياة الطيبة، وتم ذكر أهمية معرفة الله. النقطة المهمة في هذا الفصل هي بيان آثار الإيمان بالله في الحياة، وذلك بحسب ادعیة الإمام السجاد وغيرها.

وفي الفصل الثالث ذكرت أهمية ولاية الأئمة؛ في هذا الفصل تم بيان الأسس القرآنية والروائیة للولاية وخلافة الأئمة بعد النبي. نقرأ في هذا الفصل شرح ولاية أهل البيت وإمامتهم في ادعیة الإمام السجاد وأهمية الإيمان والاعتقاد بولاية الأئمة. في الفصل الرابع تم بيان الإيمان بالآخرة، وتناول الآخرة المركزية باعتبارها أحد مؤشرات الإيمان. في هذا الفصل بيان أمثلة عن الآخرة وارتباطها بالدنيا وكيفية الإيمان بالآخرة والاستفادة منها في الحياة.
وفي الفصل الخامس تناولت التوجهات السلوكية والتعبدية في الحياة الطيبة؛ قد تناول في هذا الفصل أهمية العبادات كالصلاة والصيام والحج، والمناهج السلوكية كالتوكل والصبر والدعاء في الحياة الطيبة، وتم تحليل خصائص وأهمیة كل منها. في الفصل السادس تناولت المناهج الأخلاقية في الحياة الطيبة؛ في هذا الفصل تم بيان الخصائص الأخلاقية في مجال الفضائل الأخلاقية واجتناب الرذائل الأخلاقية، وقد تم تحليل هذه المؤشرات وتحقيقها بالرجوع إلى الآيات والأحاديث. في الفصل السابع تم تناول المؤشرات الاقتصادية للحياة الطیبة، وفي هذا الصدد تم بيان ما يتطلبه الحياة الدينية السليمة والصحيحة في المجال الاقتصادي. في الفصل الثامن والأخير تم ذكر الخصائص الاجتماعية للحياة الطیبة، وفي هذا الصدد تم شرح خصائص ومناهج المجتمع السليم الذي يرضي الله.
أهمية هذا الكتاب
هذا الكتاب مقدمة لشرح أهمية الصحیفة السجادية وتعاليمه الثمينة في الحياة، حتى يلاحظ المفكرون والمؤمنون أهميتها من حيث المضمون وتطبيقه في الحياة، فيستفيدون من تعاليم هذا الكتاب القيم في مختلف المجالات. في هذا الكتاب تم بذل كل جهد لشرح خصائص الحياة الطیبة بشكل شامل وجامع بناءً على ادعیة الإمام السجاد(علیه السلام) وتم المحاولة على شرح هذه المؤشرات بشكل عملي فيما يتعلق بحياة الإنسان، ليتمكن قارئ الكتاب من خلال قراءته لهذا الكتاب وتطبيقه لهذه المؤشرات من رؤية النتائج في حياته. مؤلف هذا الكتاب يقسم الله بحق السيد الساجدين أن يتقبل منه هذا العمل ويجعله في ميزان حسانته ويجعله كتاباً نافعاً في حياة الناس حتى يتمكنوا من قراءته الوصول إلى درجات العلم والهداية.
الشكر و التقدير
أتقدم بالشكر والتقدير إلى كافة المسؤولين في العتبة الحسينة المقدسة الذين عملوا و یعملون جاهدين في تنظيم مهرجان تراتیل السجادية ونشر تعاليم أهل البيت(علیهم السلام)؛ أخص بالتقدير والشكر لسماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي الذي يجتهد في تنظيم المؤتمرات ونشر الكتب والمجلات لنشر معارف أهل البيت و ايضاً جزيل الشكر و الامتنان لأخي الفاضل الأستاذ السيد جمال الدين الشهرستاني رئيس اللجنة التحضيرية لمهرجان "تراتيل سجادية"؛ الذي اجتهد كثيراً في تنظيم مهرجان تراتیل السجادية ولقد أرشدني في كتابة هذا الكتاب.
تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي: