إن اللسان من النعم الإلهية على البشر ليتم استخدامه في سبيل نيل النمو والكمال البشري.
إن الإنسان النبيل يستخدم نعمة اللسان بشكل صحيح وهي النعمة التي بعد "تعليم القرآن" و"خلق الإنسان" تعتبر ثالث أهم نعمة إلهية للبشر لقوله تعالى "الرَّحْمن*عَلَّمَ الْقُرْآنَ*خَلَقَ الْإِنْسَانَ*عَلَّمَهُ الْبَيَانَ" (الرحمن/1-4).
فإن اللسان كـ نعم الله الأخرى من أعضاء الجسد الذي قد يكون أحد أدوات الإثم والذنب إذا ما خالف التعاليم الإلهية بينما يكون من أدوات الطاعة إذا ما اتبع التعاليم الإلهية وبالتالي فإن المحافظة على اللسان لاجتناب الذنب لا يختلف عن غيره من أعضاء الجسد كـ اليد والرجل.
والفرق بين اللسان والأعضاء الأخرى قد يكون في عدم اكتراث الناس للذنوب التي يرتكبونها باللسان بينما إن الافتراء الذي يؤدي إلى الإضرار المعنوي بالطرف الآخر قد يكون أشد من أي جرح تلحقه الأعضاء الأخرى بالآخر.إن اللسان كـ آلة قوية للتواصل ونقل المفاهيم له دور محوري في إنشاء العلاقات الاجتماعية والاخلاقية.
ورغم ذلك فإن هذه الأداة إذا لم يتم استخدامها بشكل صحيح قد تتحول إلى آلة مضرة بالعلاقات الاجتماعية وإن الاستخدام غير السليم للسان قد يضرّ بالأخلاق الاجتماعية وقد يحرف المجتمع نحو الانفلات والفوضى.
إن اللسان ليس مجرد أداة لنقل المعلومات بل هو يعكس الأفكار والمشاعر والنوايا الباطنية للإنسان.فإن المفردات التي يخرجها اللسان قد تعمل كـ الدواء المشفي أو كـ السم القاتل. إن اختيار الكلمات والنغم واللحن وأسلوب التعبير كلها أمور تؤثر على المتلقي. الاستخدام غير السليم للغة يمكن أن يؤدي إلى سوء الفهم والانقسام والكراهية وحتى العنف.
وإن الضرر المحتمل للسان ليس الكذب فقط بل قد يرتكب الإنسان ذنوباً أخرى بلسانه منها الغيبة والتهمة والنميمة والإستهزاء والتحقير والإثارة وكل هذه السلوكيات قد تضر بالأسس الأخلاقية للمجتمع وتشوّه العلاقات بين الأفراد.
وفي المجتمعات السليمة يتم استخدام اللسان للتعبير الصحيح والسليم عن المشاعر والأفكار واحترام الآخر وتعزيز التفاهم والوئام. عندما يستخدم الناس في المجتمع اللسان كأداة لتدمير وإيذاء الآخرين، بدلاً من استخدامه للتواصل الفعال والبناء، فإن الأخلاق الاجتماعية تصبح في خطر ويواجه المجتمع تحديات خطيرة.
ونتيجة لذلك، فإن الوعي بآفات اللسان والسعي لتحسين الكلام يعدّان من أهم واجبات كل فرد في المجتمع. وباستخدام اللغة كأداة للخير، يمكننا أن نساعد في بناء مجتمع أكثر سليماً وانسانياً .