
لا شك أن التضحيات كانت عظيمة وجسيمة ونحن نتحدث عن الإرهاب الذي مارسه نتنياهو بحق
الشعب الفلسطيني الأعزل، حيث ارتكبت حكومة العدو الإسرائيلي جرائم حرب غير مسبوقة في تاريخ الحروب.
فقد استخدمت إسرائيل في قصفها للمؤسسات الطبية والدينية، سواء كانت مسيحية أو إسلامية، بالإضافة إلى قصف المؤسسات الدولية. لقد خرجت إسرائيل عن كل القوانين الدولية والأعراف الإنسانية.
نعم، الثمن كان كبيراً، ولكن فلسطين تستحق كل هذه التضحيات من قبل الشعب الفلسطيني وحلفائه في المحور المقاوم. حيث تدخل حزب الله منذ اليوم الثاني لدعم غزة، وقدم العشرات من الشهداء، بل وارتقى أمين عام الحزب شهيداً على طريق القدس.
نجحت فلسطين في توحيد العالم الإسلامي، حيث امتزج الدم الشيعي بالدم السني في أروع ملحمة عرفتها الإنسانية، وسُطرت بطولات خالدة وارتفعت راية المجد لفلسطين.
هذه التضحيات الجسيمة من أجل فلسطين أيقظت الأحرار في العالم، فانتفضت الشعوب من واشنطن إلى لندن وعشرات المدن في أوروبا.
لقد كشفت عملية "طوفان الأقصى" الوجه القبيح للكيان الإسرائيلي. فلا يوجد اليوم من يقبل بالعمليات الإرهابية التي تنفذها إسرائيل بحق أبناء المنطقة، وخاصة في فلسطين ولبنان. وقد ارتفعت الأصوات الحقوقية من المنظمات غير الحكومية التي تطالب بمحاسبة الكيان الذي تحول إلى عصابة تمارس القتل بأبشع الصور، خاصة باستخدام الأسلحة المحرمة دولياً ضد المدنيين العزل.
مع ثبات الشعبين الفلسطيني واللبناني، لجأت إسرائيل إلى استخدام أسلحة خطيرة، مما أثار قلقاً دولياً عندما قام العدو الإسرائيلي بتفجير أجهزة مدنية بطرق عسكرية. هذا الفعل أسقط ادعاءات الشركات الكبرى التي تتحدث عن الأخلاق، ورغم محاولات الكيان التملص من هذه الأعمال الإرهابية، إلا أن الأدلة على تورطه في تفجيرات البايجرات كانت دامغة.
طوفان الأقصى ودعم غزة كشفا العجز الحقيقي للكيان الإسرائيلي القائم على القتل والإجرام وممارسة إرهاب الدولة. هذا الكيان الهجين لن يُكتب له العيش في المنطقة.
العجز الإسرائيلي أكبر مما يظهره الإعلام، فقد شهد الكيان انهياراً اقتصادياً كبيراً، إلى جانب هجرة معاكسة نحو أوروبا وحتى إفريقيا. وهناك حالة نزوح كبيرة لم يسبق حصولها منذ احتلال فلسطين، حيث نزح أكثر من 400 ألف مستوطن من شمال فلسطين إلى عمق الكيان بفضل قوة المقاومة في لبنان.
اليوم، ومع بداية العام الجديد لطوفان الأقصى، وبعد استهداف العدو الإسرائيلي للمدنيين في لبنان، بدأت المقاومة في لبنان برفع وتيرة استخدام الأسلحة ودك عمق الكيان الإسرائيلي، مما أربك حكومة العدو وأفقدها بعض لحظات النصر التي اعتقدت أنها حققتها من خلال الاغتيالات والتدمير في لبنان وفلسطين.
الجمهورية الإسلامية توجت كشف ضعف العدو الإسرائيلي عندما قامت للمرة الثانية بقصف الكيان رداً على اغتيال سيد المقاومة سماحة السيد نصرالله والقائد إسماعيل هنية. وقد أصابت الصواريخ مطارات العدو وطائراته الرابضة، وكشفت عجز القبة الحديدية عن التصدي للصواريخ الإيرانية. هذه الضربات أفهمت العدو الإسرائيلي أن أي تجاوز للخطوط الحمراء في المستقبل سيجلب الصواريخ إلى عمق تل أبيب.
نعم، طوفان الأقصى يرسم مشهداً جديداً في الشرق الأوسط، رغم حجم الخسائر الكبيرة، لكنه وقت التضحية والثبات والصبر تمهيداً للنصر القادم بإذن الله.
إسرائيل بعد طوفان الأقصى لن تكون كما كانت قبله، فقد سقطت بكل المقاييس، وأثبتت أنها لن تكون يوماً كدولة طبيعية في المنطقة.
بقلم الكاتب والمحلل السياسي اللبناني "الدكتور ناجي أمّهز"
تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي: