
ومن رحمة الخالقِ سُبحانَهُ وتعالي بخَلقِهِ أن أرسَلَ الرُّسُل والأنبياء بكتب كريمة من لدنه، يهدي بها الناسَ ويُضيء لَهُم طَريقَ الحياة وليُخرجهم من الظلماتِ إلى النور بالعلم والمعرفة، كي تعينهم على أن يعيشوا في سعادة وسلام ورخاء وإخاء.
إن الله سبحانه وتعالى يُخاطب العقل في قرآنه العظيم بأن يتدبر الناسُ آياته، ويتفكروا في مخلوقاتِهِ، ليؤسسوا على شريعة الله نظاماً، يَكفَلُ للناسِ الحُريةَ المُطلقة في اختيار عقائِدهم، ويُرشد سلوكهم بقيمٍ عَظيمَةٍ، لم ترق لها أعظَمُ الحَضاراتِ الإنسانية، بمبادئ العدل والتعاون والرحمة والسلام والمحبة بين الناس.
إنها دعوة للمثقفين في شتى المجالات، وعلماء الدين على اختلاف تخصصاتهم في العالم الإسلامي بكل طوائفهم، من أجل البحث الجادِ والمخلص، في سَبيلِ الخروج من الكارثة التي عاشها ويعيشها المسلمون من حروب ومعارك وصراعاتٍ على مدى أكثر من أربعة عشر قرناً حتى اليوم، أسالت الدماء بغزارة، وذَرفَتْ الدموعَ وبَلغَ الجُوعُ مَبْلَغَهُ، وَتَفَشَتْ الأمراض مكتسحة الناسَ دُونَ، رحمة، وأقفَرَتْ المُدن وحَلَّتْ فيها الـعـــداوة والتنافر والكراهية والبغضاء.
إنَّ عُقلاء المسلمين والمثقفين ، مدعوون اليوم إلى وقفة مسؤولة ، دون تمييز لطائفة أو مذهب ، أو فرقةٍ أو حزب ، للتعاون والبحث الجاد المتجرد في سبيل الوصول إلى مفهوم واحد يتفق عليه الجميع ، فيما تعنيه مقاصد آيات
القرآن الكريم لخير الإنسانية ، مدركين بوعي كامل وإيمان ويقين ، بأن القرآن الكريم هو مرجعية للدين الإسلامي ، كتابُ اللهِ سُبحانَهُ وتعالي الَّذِي نَزَّلَهُ على رسوله الكريم سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام ، والَّذِي أمره الخالق بإبلاغ خطابه للناس جميعاً.
وأن يكون القرآن الكريم مصدر استنباط التشريعات المختلفة التي تحتاجها المجتمعات الإنسانية لتنظيم شؤنها على أساس من العدل والرحمة ليتحد المسلمون ويكونوا بحق الأمة الوسط التي تحمل مشاعل النور الإلهي لتضيء به للإنسانية جمعاء ، طريق الرحمة والعدل والحرية والسلام ، وتقدّم للناس سبل الخير والتعاون واحترام حقوق الإنسان والتطور الحضاري.
وليتخذوا موقفاً شجاعاً أمام الله وأمام أنفسهم ومجتمعاتهم بتجرد وإخلاص للتشريع الإلهي ، ليعيدوا النظر بالتدبر وتحرّي الحقيقة في كتاب الله الكريم والبحث في أسباب الخلاف بين المسلمين منذ عهد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام .. اللهم بلغت اللهم فاشهد.
بقلم الباحث والكاتب "علي الشرفاء الحمادي"
المصدر: بوابة أخبار اليوم
تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي: