
وبحسب الدراسة التي أجراها مركز "بيو" للأبحاث، فإن عدد المسلمين في السنوات الأخيرة في أمريكا يتزايد بشكل متصاعد، ويضاف حوالي 100 ألف شخص إلى عدد المسلمين في هذا البلد كل عام.
وهناك العديد من المشاهير بين المسلمين الجدد في أمريكا، ومن بينهم شريحة واسعة من الفنانين وأبطال الرياضة والكتّاب وأساتذة الجامعات وفي الوقت نفسه، قام بعض هؤلاء الأشخاص بخدمات كبيرة في نقل الأفكار والتعاليم الإسلامية.
وإحدى هؤلاء المسلمين الجدد هي "عائشة عبد الرحمن بيولي" التي قامت بترجمة العديد من النصوص الإسلامية إلى اللغة الإنجليزية.
إقرأ أيضاً
ولدت "عائشة عبدالرحمن بيولي" في أمريكا عام 1948 ميلادي وبعد تخرّجها من مدرسة "فوتهيل" الثانوية عام 1966 م، حصلت على البكالوريوس في اللغة الفرنسية والماجستير في لغات الشرق الأدنى من جامعة كاليفورنيا.
وكانت عائلتها مسيحية، لكنها شعرت في النهاية بأن المسيحية لا تستطيع إرضاء روحها، لذلك درست البوذية لعدة سنوات وفي الوقت نفسه، بحثت في الفلسفات المختلفة متأملة أن تجد إجابة لسؤالها: ما معنى الوجود الإنساني على الأرض؟
وبالتالي مهّدت قراءة النصوص الإسلامية لقبولها الإسلام واعتناق هذا الدين عام 1968 ميلادي.
وكانت بدايات عائشة في رحلتها نحو البحث عن الإيمان مع البوذية التي أبحرت فيها لسنوات وسنوات، أدركت من خلال هذه الديانة أن الحياة الدنيا ليست كما تبدو في أعيننا، وأن كل ما فيها زائل وليس حقيقياً كما يبدو، وبينما كانت تتعمق في البوذية، كان عقلها يتبحر أيضاً في عالم الفلسفة، فبدأت في الإطلاع على كتب وأفكار "نيتشه وشوبنهاور وكانط وهيجل"، لعلها تجد إجابة على سؤال وجودى كان يحيرها ألا وهو «ما المغزى من وجود الإنسان على الأرض؟».
الوصول لليقين
في عمر العشرين، كانت رحلة عائشة مع القراءة مستمرة، ولكنها لم تكن قد وصلت بعد إلى أي يقين، ولم يرسُ قلبها بعد على بر الإيمان، لذا فقد دفعها حبها للإطلاع ورغبتها في الوصول إلى الحقيقة إلى تصفح بعض الكتب التي تتحدث عن الإسلام، والتي تقدم أفكار الدين الحنيف، وبمجرد أن بدأت في قراءة أحد الكتب الإسلامية قالت على الفور: «هذا ما كنت أبحث عنه»، ومنذ هذه اللحظة بدأت رحلتها مع الإسلام.
وتبحرت عائشة في عالم الدين الحنيف، وتعلمت اللغة العربية ومعانيها وخباياها، وحصلت على ماجستير في اللغات الشرقية، وسخرت علمها لخدمة الإسلام ونشر أفكاره لغير الناطقين بالعربية، فألفت كتباً عدةً، وترجمت كثيراً وكثيراً من الكتب عن اللغة العربية فساهمت في تيسير قراءة محتويات عدد من الأعمال الكلاسيكية العربية للناطقين بالإنجليزية للمرة الأولى مثل كتاب «الموطأ» لمالك بن أنس، وساعدها زوجها «عبد الحق بيولى»، الذي اكتسبت منه لقبها، في رحلتها المثمرة تلك، حيث ترجما معاً كثيراً من الكتب الإسلامية على رأسها «تفسير الجلالين
للقرآن الكريم»، لجلال الدين المحلى وجلال الدين السيوطي، الذي ترجماه إلى الإنجليزية، وهدفت هي وزوجها من ترجمته أن يكون جهدهما خير سبيل لغير العارفين بالعربية ومعانيها
لفهم القرآن الكريم وتفسيره من خلال هذا الكتاب الأهم في مجاله، وليكون وسيلة لتصحيح فهم الوحى القرآنى في جميع أنحاء العالم.
الصوفية
حصلت الصوفية، الجانب الروحى للإسلام، على اهتمام كبير من عائشة، فقد تبحرت في عالمها وقرأت كثيراً عن التصوف الإسلامى الذي ترك أثره في حياتها كباحثة ومؤلفة ورائدة في مجتمعها، فدرست كتب الشيخ ابن عربى، أحد أشهر المتصوفة الإسلاميين، على يد الشيخ المغربى فضول الهوارى في مدينة فاس، وأصبحت مع السنوات على وعى تام بتاريخ الإسلام وأفكاره، ولقد ولدت هذه المعرفة العميقة بالعربية والإسلام من التجربة والتعامل المباشر، وليس فقط عن طريق التلقين والتعليم الأكاديمي، فقد قضت عاماً كعضوة في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وحضرت سيمنار حول الفلسفة الإسلامية والتصوف في دار العلوم بالقاهرة.
الشيخ الاسكتلندي
ولقد جاء هذا الاهتمام بالتصوف الإسلامى نتيجة تأثر "عائشة بيولى" بشيخها الاسكتلندى عبد القادر الصوفي، شيخ الطريقة الدرقاوية الصوفية في الغرب، الذي تتلمذت على يديه، وكان سبباً في تبنيها للطريقة الدرقاوية الصوفية، وفى تزايد إنتاجها في عالم التأليف والترجمة عن التصوف الإسلامي، بصفة عامة، ومتون وأبحاث التراث الصوفى المغربى بصفة خاصة، حتى أطلق عليها لقب «الترجمانة»، وكان الشيخ عبد القادر الصوفى محور اهتمام كثير من كتب وأبحاث عائشة بيولي، فقد ترجمت رسائله إلى اللغة الإنجليزية، كما أنها ترجمت أيضاً عدداً من أعمال شيوخ التصوف المغربى، مثل رسائل الشيخ على العمرانى الملقب بـ«الجمل»، وديوان محمد بن الحبيب، شيخ الطريقة الحبيبية الدرقاوية، وهى الأعمال التي تؤمن عائشة أنها تملك رسائل توجيهية.

كما كان الدعاء الناصرى للشيخ المغربى محمد بن ناصر الدرعى، وقصيدة البردة من أكثر المتون الصوفية التي خضعت لعملية الترجمة إلى الإنجليزية على يد عائشة والتي اعتمدت في ترجمتها على النسخة المغربية الشهيرة للسهيلي، ويُعد كتاب «الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم» الذي كتبه القاضى عياض من الكتب التي ساهمت عائشة في ترجمتها مع زوجها عبد الحق بيولى، باعتباره الكتاب الذي يحكى حياة رسول الله(ص)، وسيرته بأسلوب مفعم بالمحبة والشوق والتعلق بالذات النبوية، وصفحاته تحوى توثيقاً للمعجزات التي كانت تحدث للمصطفى(ص) مع أصحابه، كما أنه كان يحمل بين طياته إشارات تربوية مهمة يستفيد منها المريد.
واختار المركز الأردني للدراسات الإسلامية الاستراتيجية الذي ينشر قائمة تضمّ 500 مسلم مؤثر في العالم كل عام، الكاتبة الإنجليزية عائشة بيولي باعتبارها المرأة المسلمة للعام في قائمته لعام 2023.
وعائشة عبد الرحمن بيولي ، المولودة عام 1948 ، هي مترجمة مشهورة وبارزة في الأدب الإسلامي الكلاسيكي، وبعد اعتناقها الإسلام عام 1968 ، أمضت أكثر من خمسة عقود في تعلم كل ما يمكن معرفته عن الإسلام.
وتخرجت بدرجة الماجستير في لغات الشرق الأدنى من جامعة كاليفورنيا في بيركلي وتابعت دراستها في الجامعة الأمريكية بالقاهرة. منذ تخرجها ، عملت بيولي بلا كلل لتجعل الأدب الإسلامي متاحاً للمجتمع المسلم الناطق بالإنجليزية.
ومن أعظم إنجازاتها ترجمة القرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية بدعم من زوجته عبد الحق بيولي. وتم نشر الترجمة الكاملة تحت عنوان "القرآن الشريف".
وبالإضافة إلى كونها مترجمةً، فهي أيضاً كاتبة في حد ذاته. وتغطي أعمالها مجموعة واسعة من الموضوعات، ومن بين الأعمال المهمة لهذه الكاتبة والمترجمة المسلمة الإسلام: تمكين المرأة (1999)، والاستبداد الديمقراطي والنموذج الإسلامي (2018).
4250426
تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي: