ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة...

مَنْ ظَلَمَ رَعِيَّتَهُ نَصَرَ أَضْدَادَهُ

21:00 - February 05, 2025
رمز الخبر: 3498877
بيروت ـ إکنا: يتمثَّل ظلم الراعي لرعيته في استغلال السلطة لفرض إرادته وتوجهاته عليها، ومنعها من المشاركة في صنع القرار، أو قمع حريتها وتكميم أفواهها، أو إهمال حاجاتها، أو فرض ضرائب باهظة عليها.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "مَنْ ظَلَمَ رَعِيَّتَهُ نَصَرَ أَضْدَادَهُ".
 
هذه معادلة تحكم علاقة الحاكم بالمحكومين، والراعي بالرعية، وتكشف عن قاعدة اجتماعية وسياسية ذات علاقة بأثر الظلم على تماسك المجتمع واستقراره، حيث تعكس ارتباطاً واضحاً بين الظلم الواقع على الرعية وتكاثر الأعداء وتقوية خصوم الحاكم وأضداده.

والظلم يعني: وضع الشيء في غير موضعه، أو التعدي على الحقوق، وتجاوز الحدود الشرعية أو القانونية، وأخذ ما ليس بحق، وهو من أقبح الأفعال، وأسوئها أثراً على الظالم وعلى المظلومين، وما يدمِّر المجتمعات عملٌ كما يدمرها الظلم، وما يُحدِث الشقاق والفراق شيء كالظلم، وما يسلب الأمن الاجتماعي كما يسلبه الظلم، وما تكون حروب وصراعات وما تُزهَق أرواح الملايين من البشر إلا بسبب الظلم، بل إن كل فساد في الأرض المسؤول الأوحد عنه هو الظلم، بل إن التغيُّرات الهائلة في الطبيعة وتغيُّر المُناخ وما ينتج عنه من كوارث طبيعية إلا بسبب تجاوز حدود الله في نظام التكوين وهذا من أفدح أنواع الظلم، ناهيك عن أثر الظلم على الظالم في الآخرة.

أما إذا صغَّرنا الدائرة واقتصرنا على علاقة الراعي بالرعية، والحاكم بالمحكومين فسنجد الظلم هو السبب الأبرز للتوترات والقلاقل والأزمات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.
 
ويتمثَّل ظلم الراعي لرعيته في استغلال السلطة لفرض إرادته وتوجهاته عليها، ومنعها من المشاركة في صنع القرار، أو قمع حريتها وتكميم أفواهها، أو إهمال حاجاتها، أو فرض ضرائب باهظة عليها، أو التدخل في القضاء، أو منع الحقوق عن أهلها، أو التمييز بين الأفراد على أساس العرق، أو الدين، أو المذهب، أو الطبقة الاجتماعية، أو تطبيق القوانين بطريقة انتقائية، أو إجرائها بطريقة تعسُّفيَّة، أو استخدامها لصالحه أو لصالح فئة معينة.
 
ومِمّا لا جدال فيه أن الظالم الذي يتصف بهذه الصفات ويمارس تلك الأفعال لا بد وأن يفقِد ولاء رعيته، فحين يشعر الناس بالظلم يفقدون الثقة في الحاكم الذي يظلمهم ويجور عليهم، مِمّا يجعلهم أكثر مَيلاً للتعاطف مع أعدائه، والتمرُّد عليه، وهذا بدوره يوفِّر فرصة ذهبية لأعدائه، فيستغلونها لتحريض رعيته وانقلابها عليه. 
 
الظلم يولد شعوراً قاسياً بالقهر والإحباط لدى الرعية، ويُضعِف تماسكهم الاجتماعي والسياسي، ويؤدي إلى تفككهم، ما يجعلهم يبحثون عن أي مخرج أو أمل لتغيير الوضع، حتى لو كان بالانضمام إلى الأضداد.
 
خلاصة القول: إن الظلم ليس عملاً غير أخلاقي وفعلاً محرَّماً دينياً وحسب، بل هو أيضاً سلاح يدمِّر أركان الدولة من داخلها، فحين يظلم الحاكم رعيته، فإنه ينقل ولاءهم إلى خصومه، مِمّا يُعَجِّل بانهياره، كما إن العدل والإنصاف ليسا مجرد واجب أخلاقي وديني وحسب، بل ضرورة سياسية واجتماعية لاستقرار أي نظام وحفاظه على بقائه.

بقلم الباحث اللبناني في الدراسات الدينية السيد بلال وهبي
 
تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:
captcha