ایکنا

IQNA

 جواهر عَلَويَّة..

مَنْ خَلُصَتْ مَوَدَّتُهُ احْتُمِلَتْ دالَّتُهُ

16:03 - February 15, 2025
رمز الخبر: 3499003
بيروت ـ إکنا: إنّ التحفيز على العمل الجَماعي، فالإخلاص في المحبة والمودة يؤدي إلى تحفيز أفراد المجتمع على العمل من أجل الصالح العام دون التفكير في المصالح الفردية.


ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "مَنْ خَلُصَتْ مَوَدَّتُهُ احْتُمِلَتْ دالَّتُهُ".

وتدعونا هذه المعادلة إلى استكشاف العلاقة الوثيقة بين خلوص المودة ونقائها والصدق فيها، وبين قوة ومقبولية الشخص وتأثيره على الآخرين، وقبولهم رأيه ومشورته ونصحه، أو ما يُطلق عليه بالعامية (المَوْنَة) أي يكون له عند الطرف الآخر حق الأمر والنهي وتكون رغبته محققة عند من يطلبها منه.

إننا أمام معادلة ذات علاقة سببية بين صدق المودة والإخلاص فيها، وبين المكانة التي يتمتع بها الشخص والتأثير الذي يكون له عند أودائه ومحبيه، فالسلطة على القلوب أهم بكثير من السلطة على الأبدان، وتأثير الشخص في الناس بسبب مودتهم له أكثر بكثير من تأثيره فيهم بسبب منصبه الإداري أو التنظيمي أو السياسي، والعلاقة التي تتأسس على أساس المودة والمحبة أقوى وأعمق وأشد من العلاقة التي تتأسس المصالح أو المناصب، فإذا ما كانت المحبة والاهتمام بالآخرين خالِيَين من الرياء والمصالح الشخصية، فإن ما يَقترحه الشخص من توجيهات يكون له وزنٌ أكبر في النفوس، ويستجيب له الآخرون طوعاً وعن ثقة ومودة.


إقرأ أيضاً


ولو نظرنا إلى المعادلة من منظور القيادة وعلاقتها وتأثيرها في الجماهير، لوجدنا أنه لا يكفي أن يكون القائد مثقفاً، أو ماهراً في الإدارة والقيادة، بل يجب أن يتميَّز بصدق النوايا والحرص الأكيد على مصلحة من يقودهم، والمودة وإرادة الخير المَحض لهم، ودفع الضُرِّ عنهم بكل ما أوتي من قدرة، الأمر تماماً كما وصف الله رسوله الأعظم محمد (ص) إذ قال: "لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ" ﴿التوبة: 128﴾. ولا شكَّ في أن من تكن هذه صفاته، وهذا تعامله مع الناس يملك قلوبهم، وتكون له دالَّة عليهم، وهم يقبلون توجيهاته ونصائحه، بل ويقدِّمون إرادته على إرادتهم.

إن هذه المعادلة تنعكس في واقع الحياة الاجتماعية من خلال:

أولاً: بناء الثقة بين الإنسان والإنسان، فكلما كان الدافع وراء العلاقات الإنسانية مبنياً على حبٍ صادق، ومودة عميقة كانت العلاقة أعمق، وكان المجتمع أكثر تماسكاً.


ثانياً: قوة تأثير وفاعلية التوجيه والإرشاد والنُصح، سواء في الأسرة أو في المؤسسات الاجتماعية والسياسية، فإن الشخص الذي يتمتَّع بمشاعر صافية صادقة ينال احترام وتقدير من حوله.

ثالثاً: التحفيز على العمل الجَماعي، فالإخلاص في المحبة والمودة يؤدي إلى تحفيز أفراد المجتمع على العمل من أجل الصالح العام دون التفكير في المصالح الفردية.

وانطلاقاً  مِمّا سبق، يمكننا استخلاص عدد من التوصيات العملية التي تُظهر كيفية تطبيق معاني هذه المعادلة في حياتنا اليومية وفي ميادين القيادة والعلاقات الإنسانية:

أولاً: تنقية النوايا، والإخلاص في العمل، والحرص على أن تكون نوايانا خالصة لله تعالى، وما يكون لله يكون ثوابه على الله، وما يتكفَّل الله بثوابه يصل إلى مستحقه تاماً كاملاً لا نقصان فيه، فضلا عن ذلك، فإن تعاملنا مع الله يُصلِح داخلنا وليس ظاهرنا وحسب، لأننا نعلم يقينا أنه تعالى يعلم ما نخفيه في صدورنا، فيدفعنا ذلك إلى صدق النية.

ثانياً: تعزيز قِيَمَ المحبة والمودة كركنين أساسيين من أركان بناء علاقات إنسانية مستقرة وآمنة ومثمرة، لأن ما يقابل المودة والمحبة من الحقد والبغض مُدمِّر للعلاقات، ومدمِّر لنفس الكاره والحقود.

ثالثاً: حرص الأب والأم، والمُربي، والمعلم، والمسؤول، والمدير، وكل ما يمارس دورا قيادياً على الإخلاص في عمله، والحرص على مصلحة الآخرين، وحب الخير لهم.

رابعاً: الاهتمام الدائم والمواظبة المستمرة على تهذيب النفس، وزيادة فضائلها، ومالجة نقائصها ورذائلها، والاقبال على العبادة والذكر، لما لذلك من أثر بالغ على نقاء القلب وصفائه.

بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:

captcha