ایکنا

IQNA

إيران وأمريكا وجهاً لوجه، مفاوضات منع الحرب والتفاهم الاقتصادي، والنووي!

14:23 - April 08, 2025
رمز الخبر: 3499662
بيروت ـ إکنا: إن أمريكا وإيران تدركان جيداً أن الحرب في الشرق الأوسط مدمرة لمصالحهما، فضلاً عن ما تلحقه من ضرر بإسرائيل! كما أنها أي الحرب قد تشكل متنفسًا لكل من روسيا والصين في تعزيز نفوذهما الاقتصادي والسياسي في الشرق الأوسط!

وطالعتنا أنباء اللحظات الأخيرة،ولا نقول أخبار،لكون الخبر شيء،والنبأ شيء آخر،بحتمية حصول اللقاء بين إيران وأمريكا للتفاهم على ما يسمى بالبرنامج النووي،وقد أوضحنا مرارًا أن المشكلة لم ولن تكون نووية،وإنما هي في جملة من القضايا المتعلقة بالدور الإيراني في الشرق الأوسط وتناقضه مع المشروع الصهيوني الاستعماري في الإقليم،هذا إلى جانب ما هو متعلق بالوضع الاقتصادي وما تراه أمريكا من نفوذ للدور الصيني المتقدم مع إيران!

فالنبأ الجديد حول هذا الاجتماع،هو نبأ استراتيجي بكل معنى الكلمة،ولسنا نشك إطلاقًا في أن البراغماتية الأمريكية ليست بعيدةً عن ما تراه لنفسها من حق في الخيرات الإيرانية،!؟فأمريكا تمارس أقصى الضغوط،ليكون لها مكسبها الخاص في الكعكة الإيرانية أسوةً بغيرها من الدول التي تتشارك مع إيران في النفوذ والخيرات والمعادن النادرة!

وطالما أن إيران قد أوضحت لكل الدول العظمى أنها لا تريد تطوير برنامجها النووي عسكريًا،فهي تعي جيدًا مرادات أمريكا وتطلعها إلى اتفاقيات تضمن لها الاستفادة الاقتصادية الأولى،وقد تم إلغاء الاتفاق النووي في رئاسة ترامب السابقة،لا لكونه ناقصًا،أو لا يضمن المراقبة النووية،وإنما تم إلغاؤه بسبب قلة عوائده وفرص الاستثمار الاقتصادي فيه،وهذا ما نرى أمريكا تعود للتباحث فيه مع إيران بالضغط والتهديد بالحرب!


إقرأ أيضاً


لقد جرّبت إيران روسيا والصين والاتحاد الأوروبي،ورأت أن تجربتها مع هذه الدول لا تتعدى كونها دولًا مترهلةً وخائفة ً،وتسعى جاهدة لضمان مصالحها مع أمريكا،فهذه الدول لم تفلح في التخفيف من أزمات إيران الحادة جراء العقوبات عليها،بل كانت أكثر خوفًا من إيران نفسها على مصالحها في تعاملها مع إيران خشية أن تتعرّض كياناتها المتعاملة مع إيران للعقوبات الأمريكية!

فأمريكا وإيران تدركان جيدًا أن الحرب في الشرق الأوسط مدمرة لمصالحهما،فضلًا عن ما تلحقه من ضرر بإسرائيل!كما أنها،أي الحرب،قد تشكل متنفسًا لكل من روسيا والصين في تعزيز نفوذهما الاقتصادي والسياسي في الشرق الأوسط!وذلك نظرًا لما قد تحدثه الحرب من شروخات وتصدعات في المصالح الأمريكية،وهذا ما تتخوّف منه أمريكا فيما لو استعجلت الحرب مع إيران،ومما تقدّم نخلص إلى الملاحظات الآتية:

أولًا: إن استعجال الاجتماع مع رئيس حكومة العدو في واشطن ليس سببه حالة الرهائن في غزة،ولا الرسوم الجمركية المفروضة على دول العالم،وإنما سببه اجتماع إيران وأمريكا للتفاوض والتباحث حول قضايا اقتصادية ونووية ومصالح شرق أوسطية،وجاء الاجتماع في واشطن بالسرعة المطلوبة لإشراك إسرائيل في المباحثات، والاتفاق معها على سقف التفاوض ومدياته وآفاقه.

ثانيًا:لقد أدركت إيران حقيقة ما تريده أمريكا تحت عنوان التفاوض النووي،كما أدركت ترهلات الدول وضعفها أمام العقوبات الأمريكية،فضلًا عن قبولها اليومي للابتزاز الأمريكي في أوكرانيا وتايوان وفي أكثر من مكان في العالم،ومقتضى البرغماتية السياسية والاقتصادية يفرض على إيران إعطاء الفرص السانحة لتجنب الحرب واختبار النوايا طالما أن ثوابت الدولة والثورة في إيران محفوظة،سواء لجهة العداء لإسرائيل،أو لجهة عدم قبول التدخلات المؤثرة على قضية الأمن القومي الإيراني..

ثالثًا:إن تجربة أمريكا في حربها على اليمن جعلتها موقنةً بأن الحرب مع إيران ستكون أكثر إيلامًا لإسرائيل وأمريكا،لأن منطقة الشرق الأوسط لا تزال تتمتع بحيوية النفوذ الإيراني ومن شأن الحرب زيادة هذا النفوذ وليس تقليصه،فإذا كان العجز الأمريكي باديًا في حرب اليمن،فما بالنا بما يمكن أن تؤدي إليه الحرب مع إيران؟

رابعًا:إن ما أوحت به إيران من أن التفاوض المستجد،سواء كان مباشرًا،أو غير مباشر،يشكل فرصةً واختبارًا للنوايا الأمريكية،يكشف عن إرادة وعزيمة إيران التفاوضية البنّاءة،لإدراكها أن أمريكا تريد هذا الاجتماع في أجواء الرسوم الجمركية لتعزيز وتأكيد الدور الأمريكي داخليًا وخارجيًا بهدف تظهير السياسات الناجحة لإدارة الرئيس ترامب،وكم سيكون مفيدًا لهذا الرئيس أن يتصاعد الدخان الأبيض من اجتماعات التفاوض النووي بكل فوائده الاقتصادية ؟

خامسًا: إن تجربة إيران مع الدول العظمى المناوئة للسياسات الأمريكية لم تكن مشجعة في ظل التناغم الروسي الصيني اقتصاديًا مع أمريكا،فلا بأس أن تبحث إيران عن مصالحها بما يحفظ لها موقعها ودروها وسياساتها المستقلة اتجاه كل دول العالم.فإيران الدولة والثورة ليست منعزلة عن تجاذبات السياسات الدولية، ولا بد أن تكون شريكة في رسم خطوط التواصل العالمية،وأمريكا جزء من هذا العالم،وهذا ما يحتم على إيران فتح قنوات التواصل للحيلولة دون وقوع الحرب طالما أن أحدًا لا يفرض هذه الحرب.

فإيران تعي حقيقة ما هو عليه العالم من تجاذب في المصالح والأهداف،كما أنها تستوعب معنى أن يكون السلاح النووي عبئًا على أصحابه،فهذه كورسك الروسية التي تم احتلالها من قبل أوكرانيا،ولم تجرؤ روسيا على استخدام سلاحها النووي،ما يؤكد لنا أن قوة الدول لا تكمن في السلاح النووي،بقدر ما تتجلى في قوة البنيان الثوري الذي يحفظ العباد والبلاد.فالأيام المقبلة كفيلة بكشف مرادات أمريكا من سرعة تفاهمها مع إيران،ولربما تكون الصهيونية والحزبية اليهودية من أكثر المتضررين من نجاح الاتفاق الأمريكي الإيراني،ويبقى على إيران أن تكون حذرةً في خطواطها التفاوضية لئلا تؤخذ على حين غرّة إلى الحرب في أجواء النفوذ اليهودي على السياسات العالمية.

تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:

captcha