ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة...

مَنْ كَثُرَ أَكْلُهُ قَلَّتْ صِحتُهُ وَثَقُلَتْ عَلَى نَفْسِهِ مَؤُنَتُهُ

21:18 - April 28, 2025
رمز الخبر: 3499935
بيروت ـ إکنا: هناك جوهرة كريمة ينبهنا الإمام أمير المؤمنين (ع) فيها إلى خطورة الشّراهة في الأكل، وتأثيرها السلبي الخطير على صحة الإنسان، وما ينتج عنها من أمراض تفتك بالبدن، وتجعل شفاءه منها متعسِّراً، وما يستتبع ذلك من تكاليف مادية ونفسية واجتماعية.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "مَنْ كَثُرَ أَكْلُهُ قَلَّتْ صِحتُهُ وَثَقُلَتْ عَلَى نَفْسِهِ مَؤُنَتُهُ".
 
جوهرة كريمة ينبهنا الإمام أمير المؤمنين (ع) فيها إلى خطورة الشّراهة في الأكل، وتأثيرها السلبي الخطير على صحة الإنسان، وما ينتج عنها من أمراض تفتك بالبدن، وتجعل شفاءه منها متعسِّراً، وما يستتبع ذلك من تكاليف مادية ونفسية واجتماعية.
 
لا جدال قارئي الكريم في أن الغذاء هو أحد الضروريات الأساسية للحياة، إذ يساعد الطعام الذي نتناوله على نمو الجسم والنشاط طوال اليوم، وتطوير مقا.و.مته ضد الأمراض، ولذلك لم تسمح الشريعة الإسلامية الغرّاء بالتقصير مع البدن في هذا المجال، بل دعت إلى تغذيته بألوان الطعام الصحي، واعتبرت ذلك من الحقوق الواجبة للبدن على صاحبه، وقد صرَّح بذلك رسول الله (ص) حين بلغه أن أحد أصحابه يقوم الليل كله، ويصوم الدهر كله، فقال له:  "لا تَفْعَلْ، قُمْ ونَمْ، وصُمْ وأَفْطِرْ، فإنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقّاً، وإنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًاً، وإنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقّاً، وإنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقّاً".  

ولكن الشريعة الحكيمة نهت من جانب آخر عن االشراهة في الأكل والإسراف في تناول الطعام زائداً عن الحاجة، قال تعالى: ...وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴿الأعراف: 31﴾. فالآية الكريمة تشير إلى الإطار الشرعي الذي لا يحرّم الأكل بقدر الحاجة، وفيها نهيٌ صريح عن الإسراف فيه لما فيه من ضرر على البدن.
 
في هذا المجال يرى الباحثون أن الإفراط في تناول الطعام يؤدي إلى اعتلال الصحة، حيث يتسبب بالإصابة بمرض يسمى اضطراب الشراهة عند تناول الطعام، والذي يؤدي إلى العبء الزائد على أعضاء الجسم المختلفة، ما يوجب على الكلى والكبد والمعدة أن تعمل أكثر من طاقتها، وهذه الحالة تؤدي إلى انخفاض وظيفة الأعضاء، وفي بعض الحالات قد تؤدي إلى خلل في الأعضاء، فعندما يفرط الإنسان في تناول الطعام تضطر الكبد إلى العمل بجهد أكبر لمعالجة العناصر الغذائية الزائدة، مِمّا يؤدي إلى تراكم الدهون فيها وهذا يمكن أن يؤدي في النهاية إلى حالة تعرف باسم مرض الكبد الدهني غير الكحولي، والذي يمكن أن يسبب تلف الكبد وحتى فشل الكبد.
 
كما يؤدي الإفراط في تناول الطعام إلى تأثير سلبي على الكلى، وهي المسؤولة عن تصفية الفضلات والسموم من الدم، فعند الإفراط في الطعام يتعين على الكلى أن تعمل بجهد أكبر للتخلص من النفايات الزائدة التي ينتجها الطعام الزائد، وبمرور الوقت يمكن أن يؤدي عبء العمل المتزايد هذا إلى انخفاض وظائف الكلى وحتى تلفها.
 
وإذا كانت المعدة غير قادرة على معالجة الطعام الزائد، فقد يؤدي ذلك إلى حالة تسمى خزل المعدة، والتي تتميز بتأخر إفراغها، مما يسبب الغثيان، والقيء، وأعراض الجهاز الهضمي الأخرى، ناهيك عن البِطنة وهي امتلاء المعدة والشعور بالانتفاخ وعدم الارتياح، وزيادة الوزن، والسُّمنة، ورائحة الفم الكريهة، ورائحة الجسم، وزيادة الحموضة، ومرض الارتجاع، وحرقة المعدة، والإسهال أو الإمساك، والإعياء، والخمول، والإرهاق، وزيادة العطش، والأرق، وقلة أو انعدام التركيز، وفقدان الذاكرة، وقد نبَّه الإمام أمير المؤمنين (ع) إلى ذلك إذ قال: "البِطْنَةُ تَمْنَعُ الفِطْنَةَ".
 
ودعا (ع) إلى الإقلال من الطعام، أو الأكل بقدر الحاجة،  مما يجلب الصحَّة للبدن، وقوة الفكر، فقال: "مَنْ اقْتَصَرَ في أَكْلِهِ كَثُرَتْ صِحَّتُهُ وصَلَحَتْ فِكْرَتُهُ" وقال الإمام موسى الكاظم (ع):  "لَوْ أَنَّ النَّاسَ قَصَدُوا فِي الطُّعَمِ لَاعْتَدَلَتْ أَبْدَانُهُمْ".

بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات الدينية السيد بلال وهبي
captcha