ایکنا

IQNA

آية الله اليعقوبي:

إستخدام المنبر الحسيني للتعصبات خيانة لله تعالى

15:08 - June 27, 2025
رمز الخبر: 3500709
النجف الأشرف ـ إکنا: صرّح المرجع الديني آية الله العظمى الشيخ محمد اليعقوبي أن استخدام المنبر الحسيني للأهواء الشخصية والتعصبات والتحزبات، وتغذية الخلافات والعواطف المذمومة خيانة لله تعالى ولرسوله ولأمير المؤمنين وللإمام الحسين (صلوات الله عليهم أجمعين).

 فيما يلي نصّ الكلمة التي وجّهها سماحة المرجع الديني آية الله العظمى الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله) بمناسبة حلول شهر محرم الحرام:
 
"الإمام الحسين بن علي (ع) مصباح هداية فبنوره يهتدي السائرون في طريق الكمال حتى بلوغ أعلى درجات القرب من الله تبارك تعالى بحسب ما يليق بشأنهم، وهو (ع) سفينة نجاة تنقذ الغارقين في بحار الذنوب والمعاصي والخطايا والجهل والضياع وتعيدهم إلى ساحل الأمان والإيمان ليبدؤوا حياة جديدة مفعمة بالأمل والسعادة، وهذا ماورد في نص زيارته (ع) في يوم الأربعين المروية عن الإمام الصادق (ع)، قال (ع): (وَبَذَلَ مُهْجَتَهُ فِيكَ؛ لِيَسْتَنْقِذَ عِبادَكَ مِنَ الجَهالَةِ، وَحَيْرَةِ الضَّلالَة).

فالإمام الحسين (ع) لم يخرج على حكومة يزيد منافسةً في سلطة، ولا لعداء شخصي معه ولا لتسليط الأضواء الإعلامية عليه ونيل الشهرة، وإنما خرج للمطالبة بإقامة الحق والعدل ونصرة المستضعفين والمحرومين، بعد أن عطّل يزيد العمل بالدستور الذي آمنت به الأمة وهو القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، واستئثاره بثروات الأمة وتبديدها على شهواته ونزواته، ولعبثه في مقدسات الأمة، ولإقصائه العلماء الصلحاء الأكفاء وتقريبه التافهين وتسليطهم على ولاية أمور الأمة، وغير ذلك من الجرائم الكبرى التي كان يرتكبها، قال الإمام الحسين (ع) في بيان أهدافه (أني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي صلى الله عليه وآله أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب عليه السلام فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن رد علي هذا أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق وهو خير الحاكمين..) وقال (ع) (...الا أن هؤلاء القوم قد لزموا طاعة الشيطان، وتولوا عن طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد وعطلوا الحدود، واستأثروا بالفيئ ...) أي أنهم منعوا وصول حقوق الناس و ادخروها لأنفسهم وقال (ع) (...ألا ترون أن الحق لا يعمل به وأن الباطل لا يتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء الله محقا، فإني لا أرى الموت إلا سعادة ولا الحياة مع الظالمين إلا برما...).

إقرأ أيضاً:


وقد استسلمت الأمة لهذا الحكم الجائر خوفاً من القتل والسجن والحرمان من الرزق وأسباب المعيشة، أو طمعاً في فتات من الدنيا يحصلون عليها من يزيد واعوانه، فقدّم الإمام الحسين (ع) دمه الزكي ومعه أهل بيته وثلة قليلة من الأصحاب ليوقظ ضمير الأمة ويعيدها إلى رشدها، وليرسم لها المسار الآخر الذي يجب أن تتبعه، ونجح (ع) في فرز خط الهدى والصلاح عن خط الانحراف والضلال بعد أن خلطهما الامويون، بحيث اصبح يزيد وابوه يخاطبان بأمير المؤمنين، وقد أقام (ع) الحجة بذلك على الأمة وهو الحجة البالغة الدامغة لأنه سبط رسول الله (ص) وريحانته وبضعة منه وسيد شباب أهل الجنة بنص الأحاديث النبوية الشريف {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ} (الأنفال: 42).

وحينما كان الامام الحسين (ع) ينادي يوم عاشوراء (هل من ناصر ينصرنا) لم يكن نداؤه موجهاً الى الموجودين في ساحة المعركة فقط، وإنما كانت دعوته موجهة إلى كل الأجيال الى يوم القيامة لكي ينصروه في تحقيق أهدافه السامية التي سعى من اجلها، ففرصة أن نكون من أنصاره التي نعبر عنها بقولنا (ياليتنا كنا معكم) موجودة لكل الأجيال، وليست هي مجرد أماني فارغة.
 
وفي ضوء هذا ندرك المسؤولية العظيمة الملقاة على الخطباء والشعراء والمنشدين الذين يلتف المؤمنون حولهم في هذه المناسبات، ويصغون إليهم ليتعرفوا منهم على سمو مقام الإمام الحسين (ع) وخصاله الكريمة ودرجته الرفيعة، وعظمة حركته المباركة وأهدافه الإلهية السامية التي تتطلع إليها الإنسانية جمعاء.

 فلابد أن يكون هؤلاء الأحبة في مستوى المسؤولية ويبيّنوا للناس المبادئ والقيم العليا في نهضة الإمام الحسين (ع) وعلى رأسها الإخلاص لله تبارك وتعالى والانعتاق من أسر الشهوات وعبادة الطواغيت والمستكبرين ونيل الحرية الحقيقية، وإقامة العدالة الاجتماعية والمساواة بين البشر جميعاً والتحلّي بفضائل الأخلاق، والإحسان في القول والعمل {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} (النحل: 90).

ولابد ان يكون خطابهم وبيانهم والمفردات التي يستعملونها مناسبة لثقافة الناس ومستواهم الفكري وباللغات التي يفهمونها، لأن رسالة الإمام الحسين (ع) عالمية فلابد أن تصل إلى جميع الناس.
 
وليعلم هؤلاء الأحبة أن استخدام المنبر الحسيني للأهواء الشخصية والتعصبات والتحزبات، وتغذية الخلافات والعواطف المذمومة خيانة لله تعالى ولرسوله ولأمير المؤمنين وللإمام الحسين (صلوات الله عليهم اجمعين)، وظلم للجماهير المؤمنة التي احتشدت لتسمع كلمة تدلّها على الحق والهدى وتصدها عن الضلال والعمى فالحذر الحذر.
 
ارجو أن يسدّد الله تعالى بألطافه وتأييداته هؤلاء الأحبة وكل خدّام أهل البيت (ع) ومقيمي الشعائر المباركة وأن يدخلنا جميعاً في شفاعة الإمام الحسين وجده وابية وأمه وأخيه (صلوات الله عليهم اجمعين) إنه ولي النعم.
captcha