ایکنا

IQNA

إيران انتصرت، وإسرائيل كيان عليه أن يموت دائمًا ليبقى على قيد الحياة

12:42 - June 24, 2025
رمز الخبر: 3500674
بیروت _ اکنا: لا يختلف اثنان على أن إيران انتصرت في معركة وجودية صلبة، وحّدت الشعب الإيراني خلف قيادته. حتى المعارضون للجمهورية الإسلامية وقفوا إلى جانب دولتهم، وتحركوا بكل الاتجاهات من أجل وقف إطلاق النار.

إيران انتصرت، وإسرائيل كيان عليه أن يموت دائمًا ليبقى على قيد الحياة

أبرز ما كشفته إيران خلال هذه الحرب، هو تجلي القومية الإيرانية، حيث أظهر الشعب الإيراني أنه شعب واحد، لا سني ولا شيعي، ولا حتى تمايز بين المسيحي أو اليهودي أو غيرهم من الطوائف والملل.

أما إسرائيل، فتدّعي أنها حققت أهدافها، وأزالت "التهديد النووي الإيراني"، وهذا الادعاء نفسه هو الدليل الأوضح على ضعفها، لأسباب عدة:

أولًا، أن الولايات المتحدة هي من قصفت المفاعلات النووية المخصصة للطاقة السلمية، وليس إسرائيل.

ثانيًا، أن إيران لم تقل يومًا إنها تسعى لامتلاك السلاح النووي. ويبدو، بوضوح، أن هذا السلاح لا يحمل حتى قيمة ردعية حقيقية. فالهند وباكستان دولتان نوويتان، ومع ذلك اشتعلت الحرب بينهما. وهناك مثال أوضح: روسيا، النووية، تحارب أوكرانيا — الدولة الأقل من عادية من حيث التسليح — منذ أكثر من ثلاث سنوات، ومع ذلك لم يُستخدم السلاح النووي، ولم يظهر له أي دور رادع.

حتى الهجوم على اليمن، شاركت فيه دول تمتلك أسلحة نووية، لكن ذلك لم يمنع الشعب اليمني شبه الأعزل من أن يخرج من المعركة كقوة إقليمية صاعدة.

أما في عدد القتلى والجرحى، فإن إسرائيل خسرت بنسب أعلى مقارنة بإيران:

لإسرائيل:

• 29  شخصا (الحد الأدنى المعلن رسميًا)

• النسبة من السكان:

(29 ÷ 7,700,000) × 100 = 0.000376%

لإيران:

• 220  شخصا (الحد الأقصى وفق إعلام خصومها)

• النسبة من السكان:

(220 ÷ 92,400,000) × 100 = 0.000238%

أي أن نسبة الخسائر البشرية في إسرائيل تفوق تلك في إيران، حتى باحتساب أعلى الأرقام الممكنة.

أما الخسائر المادية للكيان الإسرائيلي، فتفوق ما يتصوره العالم. فبحسب تقارير إسرائيلية، تجاوزت الخسائر الاقتصادية 100 مليار شيكل، أي أكثر من 28 مليار دولار.

قد تكون إسرائيل قادرة على تعويض خسائرها المادية بسرعة، هذا صحيح.

فالدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، مستعدة دائمًا لضخ عشرات مليارات الدولارات في شرايين الكيان الصهيوني كلما أصيب بخسارة أو تراجع. المساعدات تُفتح لها من دون سقف، والتبريرات جاهزة، و"أمن إسرائيل" يُقدَّم كمقدّسٍ على حساب القانون والأخلاق والدماء البريئة.

لكن..من يعوّض الخسارة الأخلاقية؟

من يرمّم صورة كيان باتت تُقرَن في أذهان الشعوب، لا بالحضارة والديمقراطية، بل بالإرهاب المنظَّم والقتل العشوائي والحصار والتجويع والتدمير؟

من يعيد الاعتبار إلى منظومةٍ صارت تُشَبَّه علنًا بالنازية، لا من قبل أعدائها فحسب، بل حتى من داخل العواصم الأوروبية التي كانت يومًا ما تتبنّى سرديتها بالكامل؟

لقد مارست إسرائيل في الأشهر الأخيرة إرهاب دولة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

• في غزة، ارتكبت مجازر يندى لها جبين التاريخ، بلغ فيها القتل حدود الإبادة الجماعية.

• في لبنان، تعمدت تدمير القرى وتشريد المدنيين، وضربت مراكز صحية وتعليمية.

• في إيران، اعتدت على منشآت مدنية، وعلى رمزيات سيادية، في استفزاز واضح ومتعمد.

• في سوريا، لم تتوقف منذ سنوات عن تنفيذ غارات جوية على أراضٍ ذات سيادة، بتواطؤ دولي مخزٍ.

• وحتى في اليمن، شاركت أو دعمت بشكل مباشر أو غير مباشر العدوان على شعب جائع محاصر، فخرج هذا الشعب أصلب عودًا، وأقوى في مواجهتها.

نعم، قد تصلح إسرائيل البنية التحتية في أيام، وتستورد أسلحة ذكية في ساعات، وتبني ناطحات سحاب جديدة في أسابيع.

لكن من يعيد بناء جدار الثقة المتهالك بينها وبين الرأي العام العالمي؟

من يعيد إليها شرعية تتساقط تحت أقدام أطفال غزة ونسائها، وتذوب في عيون جنوبيين يُشَيِّعون أبناءهم كل يوم دون أن ينكسروا؟

لقد دخلت إسرائيل مرحلة ما بعد السقوط الرمزي.

وحتى وإن بقيت جغرافيًا على الخريطة، فإن مكانتها المعنوية في الوجدان البشري الحرّ آخذة في التلاشي.

وإذا كان الكيان قد تأسس على مبدأ "الصورة القوية" و"الجيش الذي لا يُقهر"، فإن هذه الصورة اليوم مشروخة، منهارة، متّهمة، ومرفوضة اقليميا وعالميًا.

ولم نأتِ بعد على ذكر التداعيات الاجتماعية والسياسية: الرحيل الجماعي لليهود الأثرياء، إغلاق عشرات الشركات الكبرى، واهتزاز صورة الدولة "الآمنة" في الداخل والخارج.

لكن الأهم من كل ذلك، أن الحقيقة باتت واضحة: لا القبة الحديدية، ولا الدعم الأميركي، ولا التطبيع العربي… لم يستطع شيء حماية إسرائيل.

إسرائيل كيان غير قابل للحياة.

أو لنقل: كيان عليه أن يموت دائمًا، كي يبقى على قيد الحياة.

بقلم المحلل السیاسی اللبنانی "ناجی امهز"

captcha