ایکنا

IQNA

مؤرخ وباحث ديني إيراني يشرح:

دور الإمام محمد الباقر (ع) في ترسيخ أسس الحضارة الإسلامية

12:30 - July 28, 2025
رمز الخبر: 3501095
مشهد المقدسة ـ إکنا: قال مدير قسم التاريخ والسيرة بمركز الدراسات والردّ على الشبهات في الحوزات العلمية: "ما نعرفه اليوم بأنه أصالة الإسلام النقي والفكر الشيعي العقلاني، هو بفضل جهود الإمام الباقر (ع) وجهاده العلمي، وقد رسخ أسس الحضارة الإسلامية من خلال التعليم الدقيق لعلوم القرآن والفقه والحديث والتفسير والكلام والأخلاق".

ويُعد دور الإمام محمد الباقر (ع) في حفظ الإسلام وتأسيس الحضارة الإسلامية، أحد المقاطع المهمة والمصيرية في تاريخ الإسلام. فقد أسس في فترة حساسة، حيث كان الدين يواجه خطر التحريف والطائفية وتغلغل الأفكار المنحرفة، حركة علمية وثقافية عظيمة بالاعتماد على العلم والتقوى والتدبير.

وقد أحيا الإمام الباقر (ع) المسار الصحيح للدين من خلال تربية طلاب بارزين، وتوضيح المعارف الإسلامية الأصيلة، ومواجهة الانحرافات الفكرية، وأرسى أسس حضارة عقلانية قائمة على الوحي، حضارة لا تزال آثارها باقية حتى اليوم في الفكر الشيعي والعالم الإسلامي.

وبمناسبة ذكرى الولادة السعيدة للإمام محمد الباقر (ع)، أجرت وكالة الأنباء القرآنية الدولية (إيكنا) حوارًا مع "حجة الإسلام أمير علي حسنلو"، أستاذ الحوزة العلمية ومدير قسم التاريخ والسيرة بمركز الدراسات والرد على الشبهات في الحوزات العلمية.

وفي معرض ردّه على سؤال حول الأخطار التي كانت تهدّد الإسلام في زمن الإمام محمد الباقر (ع)؟ قال الشيخ أمير علي حسنلو: "تُعد فترة إمامة الإمام محمد الباقر (ع) من أحرج وأخطر المراحل في تاريخ الإسلام. كانت هذه الفترة هي التي واجه فيها الدين الإسلامي أخطارًا جدية من التحريف والانحراف، ولو لم تكن جهود الإمام الباقر (ع) العلمية والفكرية، لربما تعرض أصل الدين وأساسه، خاصة في مجالات الفقه والكلام والحديث والتاريخ، للانحراف".
 
وأضاف: "من الأمثلة المهمة لمواجهة الإمام الباقر (ع)، ردّه على شبهة تفضيل البيت المقدس على الكعبة. هذه الشبهة التي نشأت في أذهان بعض المسلمين نتيجة لتغلغل اليهود، رفضها الإمام الباقر (ع) بشكل قاطع. قال: "لا يوجد مكان على الأرض أحب إلى الله من الكعبة" لتثبيت مكانة مكة ومرجعيتها الدينية والجغرافية ومنع أي انحراف".

وتابع هذا المؤرخ الإيراني: "بدأ الإمام الباقر (ع) حركة علمية وثقافية عظيمة. في ظلّ ظروف كانت فيها الأجواء أمنية للغاية ومليئة بالقمع السياسي، استغل الفرص وأسس، بطريقة التقية، حوزة علمية مثمرة تخرج منها مئات الطلاب البارزين، وقد لعب هؤلاء الطلاب لاحقًا دورًا رئيسيًا في نشر معارف أهل البيت (ع) وحفظ الإسلام النقي".
 
وأشار الشيخ أمير علي حسنلو إلى أن الإمام الباقر (ع) رسّخ أسس الحضارة الإسلامية من خلال التعليم الدقيق لعلوم القرآن والفقه والحديث والتفسير والكلام والأخلاق، وقال: "كان للطلاب البارزين مثل زرارة، ومحمد بن مسلم، وجابر بن يزيد الجعفي، و...، دور مهم جداً في نشر وترويج معارف أهل البيت (ع)، وقد أدّى هذا التوسع في المعرفة إلى ترسيخ المكانة العلمية للمدرسة الشيعية ومواجهة موجات الانحراف والتحريفات الفكرية".
 
وفي معرض ردّه على سؤال حول كيف تمكن الإمام الباقر (ع) من تأسيس المدرسة العلمية الشيعية في ظلّ ظروف القمع السياسي؟ قال: "بناءً على رواية الحسن بن علي الوشاء، كان هناك أكثر من 900 أستاذ في العلوم الإسلامية يعملون في مسجد الكوفة وحده، وجميعهم كانوا من خريجي مدرسة الإمام الباقر (ع) والإمام الصادق (ع)، وهذا الإحصاء يدل على اتساع وعمق النفوذ العلمي لهذه المدرسة في جميع أنحاء العالم الإسلامي، مما عزّز المكانة العلمية للشيعة".
 
وأوضح مدير قسم التاريخ والسيرة بمركز الدراسات والرد على الشبهات في الحوزات العلمية: "يمكن دراسة مراحل النشاط العلمي للإمام الباقر (ع) في ثلاث فترات؛ قبل الإمامة؛ حيث كان يكتسب العلم ويستعد للقيادة المستقبلية إلى جانب الإمام السجاد (ع)، وفترة الإمامة النشطة؛ حيث تم الرد على الأسئلة العلمية، وتوضيح المعارف الإسلامية النقية، وتربية الطلاب، وتثبيت النظام العلمي لأهل البيت (ع)، وترسيخ الفكر الشيعي ومواجهة تغلغل الانحرافات؛ حيث أصبحت الشيعة، بإدارة الإمام الباقر (ع) العلمية، أحد أهم التيارات العلمية والفكرية في العالم الإسلامي".
 
وأكد: "أصبحت الإنجازات العلمية للإمام الباقر (ع) أساساً لتطوير مدرسة الإمام الصادق (ع)، وفي النهاية لبناء حضارة شيعية عظيمة، لم تنقذ هذه الحركة العلمية الإسلام من خطر التحريف فحسب، بل رسخت أسس الحضارة الإسلامية في المجالات الفكرية والأخلاقية والمعرفية، ولا تزال آثارها باقية حتى اليوم".
 
وفي الختام، قال الشيخ أمير علي حسنلو: "في النهاية، ما نعرفه اليوم بأنه أصالة الإسلام النقي والفكر الشيعي العقلاني، هو بفضل جهود الإمام الباقر (ع) وجهاده العلمي.لقد حافظ بصبره وعلمه وجهوده المستمرة على الإسلام من عاصفة التحريف، وجلب الطريق الواضح للدين للأجيال القادمة".
 
captcha