ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة...

حُسنِ العِشرة مع الوالدين من منظور الامام علي(ع)

16:14 - August 30, 2023
رمز الخبر: 3492530
بيروت ـ إکنا: قد أمر الله بحُسنِ العِشرة مع الوالدين والأقرباء واليتامى والمساكين فقال: "لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا..."﴿83/ البقرة﴾.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "خالِطُوا النّاسَ مُخالَطَةً إِنْ مُتُّمْ بَكَوْا عَلَيْكُمْ وَإِنْ غِبْتُمْ حَنَّوْا إِلَيْكُمْ".

عِشْ في الناس كواحد منهم، كُنْ لهم عوناً في أمورهم، أخاً يتحسَّسُ آلامهم ويهتَمُّ لأمورهم، يفرح لفرحهم ويحزن لحزنهم، يحِبُّ لهم ما يحِبُّ لنفسه ويكره لهم ما يكره لها، يصون أعراضهم ويحفظ أموالهم، ويذود عن مصالحهم ويدفع الضُّرَّ عنهم، ويقَدِّر جهودهم ويثني على إنجازاتهم، ويداريهم ويتودد إليهم، ويتفَهَّمهم ويعفو عن سيئاتهم، وينسى زَلّاتهم ويصلِح أخطاءهم، وينصحهم ويرشدهم إلى التي هي أقوم.

كُنْ بَسمة تَسُرُّهم، ونَسْمَة عليلة تُسرّي عن قلوبهم، وعينا تسهر على خدمتهم، ويداً تنتشلهم إذا ما وقعوا، وعقلاً يحلُّ مشاكلهم، وقلباً يعطف عليهم، ورحمة تيَسِّر أمورهم المتعَسِّرة، ورأفة ترأف بضعفهم، ولساناً يدفع عنهم التُّهَمَ الباطلة.

جازِ إحسانهم بالإحسان، وقابل سَيِّئاتهم بالغفران، وادفع إساءاتهم بالتي هي أحسن، مُرْهُم بالمعروف وعاملهم به، وانهَهُم عن المُنكر وانتهِ عنه، واجتَلب مَوَدتهم بالصدق والأمانة، والمَعونة والإحسان، والشكر والامتنان، وخالطهم كما تحِبُّ أن يخالطوك، وبادلهم بأحسن ما تحِبُّ أن يبادلوك، ولا تقطع صلتهم وإن قطعوك، فإنك إن فعلت ذلك وسوى ذلك أقاموك في قلوبهم، واحتضنوك في أفئدتهم، وكنت بمثابة أرواحهم، إن غِبتَ افتقدوك واشتاقوا إليك، وذكروك بالخير ودعوا لك صادقين وكانوا لك مخلصين.

واعلم قارئي الكريم إنك تحتاج إلى الناس، كما يحتاج الناس إليك، لا غِنى بك عنهم ولا غنى بهم عنك، هكذا شاء الله للحياة الإنسانية أن تكون، أن يجتمع الناس ويأتلفوا ويتعاونوا مع بعضهم على حاجاتهم، ولا يتحقَّق لهم ذلك إلا إذا عاشروا بعضهم بالمعروف والإحسان، وكانت علاقاتهم طيبة، وتعاملهم صادقاً، وأخلاقهم رفيعة، وتواصلهم فَعَّالاً، وقد حَثَّ الإسلام المسلم الإلتزام بهذا التعامل الكريم مع من يعاشره ويتعامل معه، واعتبر ذلك دليلا على حُسنِ إسلام المَرءِ، فقد رُوِيَ عن رسول الله (ص) أنه قال: "أحسِنْ مُصاحَبَةَ مَن صاحَبَكَ تَكُن مُسلِماً".

واعتبر سوء العِشرة من نقص في العقل والدين والإيمان، فقد جاء عن الامام الباقر(ع)أنه قال: "إنَّهُ لَيسَ مِنّا مَن لَم يُحسِنْ صُحبَةَ مَن صَحِبَهُ، ومُرافَقَةَ مَن رَافَقَهُ، ومُمالَحَةَ مَن مالَحَهُ، ومُخالَقَةَ مَن خالَقَهُ". 

واعلم إنَّ أولى الناسِ بالعشرة الطيبة أقرب الناس إليك وألصقهم بك، وهم والداك وأخوتك وزوجك وأبناؤك ثم إخوانك في الدين ثم إخوانك في الإنسانية. 

وقد أمر الله بحُسنِ العِشرة مع الوالدين والأقرباء واليتامى والمساكين فقال: "لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا..."﴿83/ البقرة﴾.

وقال سبحانه: "وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴿23﴾ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا"﴿24/ الإسراء﴾.

وأمر بحُسنِ العِشرة مع الزوجة بطِيب القَول، والتلطُّف معها، وتوسيع النفقة عليها، ودوامِ البِشر لها، ولِين الجانِب معها، وتلبية رَغَباتها النفسية والعاطفيَّة والجِنسية، وإدخال السُّرور على قلبها، وسوى ذلك من التعامل الراقي، فقال سبحانه: "...وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ..."﴿19/ النساء﴾. 

وأمرَ بِحُسنِ العِشرة مع الأولاد، بأن يُعاملهم بلُطفٍ ولِين، فيرحمهم، ويعطف عليهم، ويهتَمُّ لأمورهم، ويُغذّي عاطفتهم، فقد رُوِيَ عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: "إنَّ المَرءَ يَحتاجُ في مَنزِلِهِ وعِيالِهِ إلى‏ ثَلاثِ خِلالٍ يَتَكَلَّفُها وإن لَم يَكُن في طَبعِهِ ذلكَ: مُعاشَرَةٍ جَميلَةٍ، وسَعَةٍ بتَقديرٍ، وغَيرَةٍ بتَحَصُّنٍ".

فمن يكُ كذلك فلا شك في انه المصداق الأمثل لقول الإمام أمير المؤمنين (ع): "خالِطوا النّاسَ مُخالَطَةً إن مِتُّم مَعَها بَكَوا عَلَيكُم، وإن غِبتُم حَنُّوا إلَيكُم". 

بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:

کلمات دلیلیة: جواهر علوية ، الامام علي(ع)
captcha