ایکنا

IQNA

البيان الختامي للمؤتمر الدولي الـ39 للوحدة الإسلامية في طهران

12:54 - September 11, 2025
رمز الخبر: 3501582
طهران ـ إکنا: أكد البيان الختامي للمؤتمر الدولي التاسع والثلاثين للوحدة الإسلامية، على الأمة الإسلامية بأن تعزّز ثقافة الحوار النخبوي، وتأليف القلوب العامة، والعقلانية النقدية، والتقارب الميداني، والبصيرة الجماعية، والوعي التاريخي، والتضامن الإيماني، من أجل سدّ الطريق أمام التيارات التي تسعى إلى بثّ الفرقة والانقسام.

وفيما يلي النصّ الكامل للبیان:
 
"بسم الله الرحمن الرحیم

[إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ] - (الأنبیاء/۹۲).
 
عُقد المؤتمر الدولي التاسع والثلاثون للوحدة الإسلامية بالتزامن مع الذكرى الألف والخمسمائة لميلاد النبي الكريم محمد المصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم)، وذلك في الفترة من 8  الى 10 ايلول / سبتمبر 2025م الموافق لـ 15 إلى 17 ربيع الأول 1447هـ في العاصمة طهران، تحت عنوان "نبي الرحمة ووحدة الأمة"؛ وذلك برعاية ومشاركة فخامة رئيس الجمهورية الدكتور مسعود پزشكيان، إلى جانب كبار المسؤولين والعلماء والمفكرين البارزين في العالم الإسلامي، حيث استضاف المؤتمر 350 شخصية علمية مرموقة من مختلف دول العالم.
 
وقد أضفى تقديم 400 مقالة علمية ـ بحثية، وعرض 200 محاضرة افتراضية، مزيدًا من التألق والتميز على فعاليات المؤتمر الدولي التاسع والثلاثين للوحدة الإسلامية.
 
وانعقاد هذا المؤتمر جرى وسط ظروف يعيش فيها العالم الإسلامي حالة من الحزن العميق نتيجة الاعتداءات والاحتلال والجرائم الوحشية التي يرتكبها الكيان الصهيوني الغاصب؛ فالهجمات المتكررة على الأراضي الإسلامية، واغتيال قادة المقاومة، والمجازر بحق الأبرياء، وتوسيع رقعة الأراضي المحتلة، والدعم الشامل من الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية لهذا الكيان الغاصب، كل ذلك كشف بشكل أكبر عن الطبيعته العدائية لهذا الكيان تجاه الأمة الإسلامية.
 
وفي مثل هذه الظروف، تبرز الحاجة الملحة إلى وحدة الأمة الإسلامية وتضامنها وتآزرها لوقف هذه الاعتداءات وتحقيق القيم والأهداف المشتركة، أكثر من أي وقت مضى.

بالعودة إلى السيرة الرحمانية للنبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم)، الذي يُعدّ قدوة في الأخلاق الرفيعة ورمزًا للسلام والأخوّة، فإن هذه السيرة تعدّ السبيل الوحيد لتحقيق العدالة، والسلام المستدام، وانسجام الأمة الإسلامية؛ وانطلاقاً من ذلك فقد عقد المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية المؤتمر الدولي التاسع والثلاثين للوحدة الإسلامية تحت عنوان "نبي الرحمة ووحدة الأمة الإسلامية"، منوها بتعاليمه المباركة.
 
وقد أكد المشاركون في بيانهم الختامي لهذا المؤتمر على النقاط التالية:

إن نظرية "الوحدة الإسلامية" تقوم على اتباع المشتركات المستمدة من المفاهيم القرآنية مثل: الولاية الإلهية، الطاعة النبوية، الأمة الواحدة، التمسك بحبل الله، الإصلاح المعتدل بين الذات، الأخوّة الإيمانية، وتجنب النزاع الشيطاني، والتركيز على التسامح في الاختلافات وفق مبدأ جواز الاجتهاد في الفروع، مراعاة أخلاق الاختلاف، واحترام المعتقدات بشكل متبادل.
 
لقد أصبحت "الوحدة الإسلامية"، اليوم، ضرورة لا يمكن إنكارها في الميدان العملي، وسط إجماع الدول الإسلامية على ضرورة الالتزام بها. وبعد انعقاد ما يقارب أربعين مؤتمرًا، نشهد اليوم إقامة مؤتمرات للوحدة الإسلامية بعناوين مشابهة في دول إسلامية متعددة، حيث لم تعد الجمهورية الإسلامية الإيرانية الدولة الوحيدة التي ترفع راية الوحدة وتؤكد عليها.
 
لقد تغلّب خطاب التقريب والوحدة الإسلامية في مختلف الدول على خطاب التكفير والانقسام. وهذه فرصة استثنائية في العالم الإسلامي، حيث تصدر المدارس الإسلامية المختلفة بيانات مشتركة في مؤتمرات متعددة، مستندة إلى أكثر المفاهيم عقلانية. وبما يستدعي الحفاظ على هذه الفرصة، وتقدير الدول الإسلامية الرائدة، وصون إنجازاتها الثمينة، والعمل على إبراز الحضارة الإسلامية الحديثة بمساعدة جميع الدول الإسلامية.
 
إن تنمية شخصيات معتدلة، حكيمة، وذات بصيرة، وعارية عن التعصبات العمياء والعنف اللامبرر، هي مهمة أساسية وخطيرة تقع على عاتق العلماء الربانيين، والنخب الدينية، والمفكرين في العالم الإسلامي. فالاعتدال يعني الثبات على الصراط المستقيم، والوفاء للحق، والانفتاح على الحوار، والتعايش، والتفاعل البنّاء؛ وهو ما يقوم به علماء الدين وأصحاب الفكر من خلال إعادة قراءة عقلانية وأخلاقية لتعاليم الوحي، حيث يقدمون الى العالم الوجه الحقيقي للإسلام كدين للرحمة، والكرامة الإنسانية، والعدالة، والسلام المستدام.
 
هؤلاء العلماء، ومن خلال تبيين الفضائل الإسلامية، وتوضيح العقلانية، وتجريد الدين من الخرافات والتحريفات، ومواجهة القراءات المتطرفة والتكفيرية، يمهّدون الطريق للتقريب، والتقارب، والأخوّة الإيمانية. وفي هذا المسار، تؤكد النخب الدينية على أخلاق الحوار، والتسامح الحكيم، وتأليف القلوب، وتعزيز العقلانية النقدية والاجتهادية، حتى تستطيع الأمة الإسلامية من خلال تنوع المدارس والتقاليد الفكرية، بلوغ آفاق جديدة من الوحدة الروحية والتكامل الحضاري. وهذا الأمر يُعد حجر الأساس لتشكيل الحضارة الإسلامية الحديثة، ومجالًا لتجاوز الأزمات الراهنة، ومواجهة مشاريع الأعداء التي تهدف إلى بثّ الفرقة.
 
تُعد الأسرة في منطق الإسلام "محور الحياة الإنسانية وحامية للقيم الإلهية والأخلاقية"؛ فهي المكان الذي تُنقل فيه المحبة، والإيمان، وتحمل المسؤولية، وروح التعاون إلى الأجيال. وفي هذا النظام، تُعتبر الأسرة المدرسة الأولى للتربية، وتنمية الشخصية المتوازنة، وتفجير الطاقات الإنسانية، ولطالما شكلت "الحصن الحصين" في مواجهة الفتن العاتية والمعضلات الاجتماعية.
 
إن ترسيخ دعائم الأسرة، والدعم الشامل للشباب في مواجهة الغزو الثقافي والانحرافات الأخلاقية، ونقل روح "الأخوّة الإيمانية، والتضامن الاجتماعي، وتحمل المسؤولية المدنية" إلى الأجيال القادمة، يُعد ضرورة أساسية لاستمرار حياة الأمة الإسلامية وتحقيق الحضارة الإسلامية الحديثة. وفي المقابل، فإن العالم الغربي من خلال ترويج "الليبرالية الفردانية"، قد أضعف دعائم الأسرة لصالح المتعة، والنزعة الفردية، والحرية غير المحدودة، مما حوّل الأسرة إلى مؤسسة هشة وعقدية بحتة، وقطع الروابط العاطفية والمسؤوليات الاجتماعية فيها.
 
أما الإسلام، فإنه من خلال التأكيد على "الرابطة المقدسة للزواج، والمكانة الرفيعة للوالدين، وكرامة الأبناء، والدور الأساسي للأسرة في سعادة الدنيا والآخرة"، يقدم نموذجًا راقيًا ومستدامًا يضمن سعادة الفرد وسلامة المجتمع.
 
إن إثارة الفتن وإشعال نار الخلاف، هي أخطر أدوات الأعداء لإضعاف وتمزيق وحدة الأمة الإسلامية. وقد وصف القرآن الكريم الفتنة بأنها بلاء أعظم من القتل: ﴿وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ﴾ (البقرة/191). وعلى مرّ التاريخ، سعى الاستعمار والاستكبار العالمي إلى استغلال الانقسامات الدينية والعرقية لإحداث شرخ في صفوف المسلمين.
 
إن الإساءة إلى مقدسات المذاهب الإسلامية، وتحفيز المشاعر الطائفية، وتدمير الرموز المقدسة، وإطلاق الأوصاف التكفيرية، ليست سوى جزء من هذه الفتن المنظمة. واليوم، نرى مظاهر هذه الفتن في ساحات العالم الإسلامي من العراق، وسوريا، واليمن، وأفغانستان، وشمال إفريقيا، وغيرها. ورغم أن هذه الأزمات الميدانية قد تكون محدودة، إلا أنها تستهدف أرواح وأموال المسلمين، وتستنزف الثروات الروحية والحضارية للأمة.
 
إن التصدي لمروجي هذه الفتن ليست مهمة سياسية أو مؤقتة فحسب، بل هي رسالة أخلاقية، ودينية، وحضارية. مما يؤكد على علماء الدين الاجلاء، والنخب الفكرية، والقادة الاجتماعيين أن يعملوا على توضيح تعاليم الإسلام الرحمانية، وإبراز المشتركات، وتوعية الأمة تجاه الدعايات السامة، لتقوية الصفوف في مواجهة هذه المؤامرات. كما ينبغي على الأمة الإسلامية أن تعزز ثقافة الحوار النخبوي، وتأليف القلوب العامة، والعقلانية النقدية، والتقارب الميداني، والبصيرة الجماعية، والوعي التاريخي، والتضامن الإيماني، من أجل سدّ الطريق أمام التيارات التي تسعى إلى بثّ الفرقة والانقسام.
 
فلسطين هي بوصلة الحق والباطل في عالمٍ يغمره الظلام، حيث تواطأ الظالمون في العالم وارتكبوا إبادة جماعية واسعة وظاهرة أمام أعين البشرية جمعاء.
 
لقد تجاوز الصهاينة المجرمون في وحشيتهم كل طغاة التاريخ؛ إذ ألقوا على رؤوس الأبرياء في غزة متفجرات تعادل سبعة أضعاف قنبلة هيروشيما النووية، ودمّروا البيوت والمدارس والمستشفيات والمساجد، واستشهد الأطفال والنساء والمسنون والمسعفون والصحفيون، وكل ذلك تحت ذريعة "الدفاع عن الأرض".
 
جرائم الحرب هذه، أيقظت الضمائر الحية في العالم، لتدافع عن فلسطين المظلومة وسكان غزة المحاصرين، وتدعو إلى الكرامة الإنسانية، وترفع شعار العدالة، والأمن العالمي.
 
لقد أصبحت الكرامة والعدالة والأمن مطلبًا لكل المستضعفين في العالم، وتحديًا للمستكبرين؛ إنها حالة من التضامن الإنساني تتجاوز الوحدة الإسلامية، وتنهض من أجل الإنسانية وقيمها. هناك حدث جديد يتشكّل في العالم، وخطاب المقاومة يزداد انتشارًا عالميًا. وسيصبح المستضعفون في العالم، بإيمانهم وصبرهم وتقواهم ووحدتهم، وبالاعتماد على الإرادة الحتمية والوعد الصادق والقوة الإلهية اللامحدودة، قادة العدالة في العالم، وسيتغلبون على الظالمين والمستكبرين، ويصبحون ورثة الأرض.
 
وقد كان أهم إنجاز لعملية "طوفان الأقصى" التي بدأت في 7 أكتوبر 2023م، هو كشف الوجه الخبيث للكيان الإسرائيلي البغيض أمام العالم، وفضح مخططه الشرير لتأسيس "إسرائيل الكبرى". هذا الحدث وحّد صفوف الدول الإسلامية، وأزال المفاهيم الخاطئة حول التنافس الداخلي في العالم الإسلامي، ووجّه الأنظار نحو العدو الصهيوني المشترك.
 
ان حرب الـ 12 يوما الصهيونية العدوانية على ايران، رغم الخسائر الفادحة والشهداء الذين تجاوز عددهم الاف من الأبرياء، نساء وأطفالا وشيبا، والتي دفعتها الجمهورية الإسلامية ثمنا قبال موقفها الداعم للشعب الفلسطيني المظلوم، لكنها ألحقت أيضًا خسائر غير مسبوقة بالعدو الغادر، وقد كشفت عن خواء الشعار الذي كا يروج له الكيان الصهيوني حول "القبة الحديدية" أمام الصواريخ الإيرانية، وانكشفت هشاشة الصهاينة أمام الراي العالم، واستعاد العز الإسلامي ـ العربي مكانته، كما فرّ المستثمرون من الأراضي المحتلة، وتوقفت الرحلات الجوية إلى تل أبيب وحيفا، وتوقفت عمليات الإنتاج والتصدير، وظهرت حالة من السخط والخوف الداخلي بسبب فشل الإنذارات الوقائية، وانعدمت أمنية الأراضي المحتلة، وبدأت الهجرة العكسية، وتراجعت مكانة الكيان دوليًا، وتكبّد خسائر بمليارات الدولارات، وفشل إعلاميًا، وانهار مشروع التطبيع وصفقة القرن، وتشكّل إجماع عالمي ضد الكيان الصهيوني، وكل ذلك يدل على تسارع وتيرة زوال "إسرائيل".
 
وقد أدان المشاركون في هذا المؤتمر بشدة هجمات الكيان الصهيوني على شعوب إيران وفلسطين ولبنان واليمن وسوريا وقطر، وأعربوا عن تقديرهم وشكرهم لجميع الدول الإسلامية التي وقفت إلى جانب الشعوب المتضررة من عدوان هذا الكيان منذ 7 أكتوبر وحتى الحرب المفروضة التي استمرت 12 يومًا وما بعدها، وأدانوا الأعمال الوحشية للكيان الغاصب وحلفائه.
 
كما دعا المؤتمرون الدول الإسلامية والعربية إلى اتخاذ خطوات عملية، من خلال قطع العلاقات السياسية والعسكرية والاقتصادية مع الكيان الغاصب، والإسراع في تقديم الدعم الحقيقي والملموس للشعب الفلسطيني المظلوم وسكان غزة.
 
وفي الختام، أشاد المشاركون في المؤتمر بشهداء المقاومة: إسماعيل هنية، السيد حسن نصر الله، السيد هاشم صفی‌الدین، يحيى السنوار، صالح العاروري، أحمد غالب الرهوي، والعلماء والقادة الإيرانيين الشهداء وغيرهم من الشهداء، مؤكدين على مواصلة طريق المقاومة، والحفاظ على الوحدة الإسلامية على أساس الأخلاق الرحمانية للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وآله، وهنّأوا جميع المسلمين في العالم بمناسبة الذكرى الألف والخمسمائة لميلاد نبي الرحمة. كما أعربوا عن شكرهم العميق لقائد الثورة الإسلامية، سماحة آية الله العظمى الإمام الخامنئي دام ظله الوارف، ولحكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وخاصة فخامة رئيس الجمهورية، وللأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية، الشيخ الدكتور حميد شهرياري، وللمجلس الأعلى والعاملين في المجمع.
 
 
المصدر: وكالات
captcha