ایکنا

IQNA

أمين عام مجمع التقريب:

الوحدة الإسلامية اليوم ضرورة لا غنى عنها على أرض الواقع

12:37 - September 08, 2025
رمز الخبر: 3501559
طهران ـ إکنا: أكد الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية "الشيخ الدكتور حميد شهرياري" خلال كلمته بمراسم افتتاح المؤتمر الدولي الـ39 للوحدة الإسلامية صباح اليوم الاثنین على أهمية الوحدة الإسلامية كضرورة لا غنى عنها في ظل التوترات العالمية الراهنة.

وأكد الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية الشيخ الدكتور حميد شهرياري، خلال كلمته بمراسم افتتاح المؤتمر الدولي الـ 39 للوحدة الإسلامية صباح اليوم الاثنین على أهمية الوحدة الإسلامية كضرورة لا غنى عنها في ظل التوترات العالمية الراهنة، مشيراً إلى أن هذه الوحدة ترتكز على الولاية الإلهية والأخوة الإيمانية، وتزداد الحاجة إليها في ميدان العمل، مع التأكيد على توسع خطاب التقريب في العديد من الدول الإسلامية.

وأضاف الدكتور شهرياري خلال كلمته بمراسم افتتاح المؤتمر الدولي الـ39 للوحدة الإسلامية أن المؤتمر في هذا العام يحمل شعار "نبي الرحمة وحدة الأمة"، مع التأكيد بشكل خاص على قضية فلسطين.
 
وصرّح أن الهدف الأساسي من اقامة المؤتمرات السابقة للوحدة الاسلامية، هو تحقيق الوحدة بين المجتمعات الإسلامية والتحرك نحو بناء الأمة الواحدة وفقاً لتعاليم القرآن الكريم، واتحاد الدول الإسلامية.

وأوضح الدكتور شهریاري: في هذه المرحلة الحساسة التي يشهد فيها العالم تناحرات وصراعات شديدة وصارخة، تبرز نظرية الوحدة الإسلامية القائمة على التمسك بالولاية الإلهية والأخوة الإيمانية، أكثر من أي وقت مضى؛ مبيناً أن اليوم أصبحت الوحدة الإسلامية في ميدان العمل ضرورة لا غنى منها.
 
وأشار الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية إلى أن إيران اليوم ليست الدولة الوحيدة التي ترفع راية الوحدة، بل نشهد توسع خطابات التقريب والوحدة في مصر، والسعودية، وتركيا، وغيرها من الدول الإسلامية.
 
وفيما يلي النص الكامل لكلمة الشيخ الدكتور شهرياري خلال حفل افتتاح المؤتمر الدولي الـ 39 للوحدة الاسلامية: 
 
"أعوذ بالله من الشیطان الرجیم، بسم الله الرحمن الرحیم، والحمد لله ربّ العالمین، وصلّى الله على سیّدنا محمّد وآله الطاهرین وصحبه المنتجبین ومن تبعه بإحسان إلى یوم الدین.
 
أتقدّم بالتهنئة بمناسبة الأعیاد السعیدة لمیلاد النبیّ الأعظم(صلّى الله علیه وآله وسلّم) ومیلاد الإمام جعفر الصادق(علیه السلام) إلى جمیع الضیوف الأعزّاء والحضور المحترمین فی المؤتمر الدولی التاسع والثلاثین للوحدة الإسلامیة. کما أتقدّم بالشکر إلى فخامة رئیس الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة، الدکتور مسعود پزشکیان، الذي قبل دعوتنا. ونرحّب بجمیع العلماء والأکادیمیین الحاضرین، ولا سیّما الضیوف الذین قبلوا دعوتنا من خارج البلاد ومن خارج طهران، وشرّفونا بحضورهم.
 
ویُفتتح المؤتمر الدولی التاسع والثلاثون للوحدة الإسلامیة بعنوان «نبیّ الرحمة ووحدة الأمّة» مع التأکید على قضیّة فلسطین. ویصادف هذا العام الذکرى الألف وخمسمائة لمیلاد النبیّ الخاتم محمّد المصطفى صلّى الله علیه وآله، ولهذا سُمّی هذا العام بـ «عام نبیّ الرحمة»، وفي الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة شُکّل مقرّ لإقامة هذه المناسبة العظیمة، وکان افتتاحها بالمؤتمر الدولي للوحدة الإسلامیة.
 
هدفنا الأساسی فی مؤتمرات الوحدة خلال الدورات الخمس الأخیرة هو أن تتّجه المجتمعات الإسلامیة نحو المفهوم القرآنی والمثالي لـ«الأمّة الواحدة»، وأن یتجسّد اتحاد الدول الإسلامیة، حتى تخفّ الحدود بین البلدان الإسلامیة، وتُعتمد عملة إسلامیة موحّدة، ویُنشأ برلمان موحّد یُقرّ القوانین والأنظمة المشترکة بالتوافق.

وفي هذه المرحلة الحسّاسة التي یشهد فیها العالم صراعاً واضحاً بین الحقّ والباطل، نؤکّد على ما یلي:
 
نظریة «الوحدة الإسلامیة» تتأسّس على المنجزیّة فی المشترکات والمعذوریّة فی الخلافات. فالمنجزیّة تقوم على مفاهیم قرآنیة مثل الولایة الإلهیة، الطاعة النبویة، الأمّة الواحدة العبادیة، الاعتصام بحبل الله، الإصلاح بین الناس بالاعتدال، الأخوّة الإیمانیة، وترک النزاع الشیطانی. أمّا المعذوریّة فتقوم على أصول مثل جواز الاجتهاد فی الفروع، مراعاة أخلاق الخلاف، والاحترام المتبادل للعقائد.
 
الیوم صارت «الوحدة الإسلامیة» ضرورة لا یمکن إنکارها على أرض الواقع، وإجماع الدول الإسلامیة على الالتزام بها آخذ فی التکوّن. وبعد ما یقرب من أربعین مرّة من انعقاد هذا المؤتمر، نشهد مؤتمرات مشابهة فی دول إسلامیة أخرى. ولم تعد الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة وحدها التی ترفع رایة الوحدة، بل إنّ خطاب التقریب والوحدة الإسلامیة آخذ بالاتّساع فی مصر بمرکزیّة «جامعة الأزهر»، وفی السعودیة بمرکزیّة «رابطة العالم الإسلامی»، وفی ترکیا بمرکزیّة «رئاسة الشؤون الدینیة»، وفی غیرها من الدول الإسلامیة. لقد غلب خطاب التقریب والوحدة على خطاب التکفیر والفرقة، وأُقصی أنصار التکفیر عن ساحة العالم الإسلامی. وهذا یدلّ على بصیرة القائد المعظّم الإمام الخامنئی (دام ظلّه العالی) في تأسیس «المجمع العالمی للتقریب بین المذاهب الإسلامیة» وعلى نجاح الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة فی مواصلة أربعین عاماً من خطاب التقریب والوحدة. إنّه فرصة تاریخیة فریدة فی العالم الإسلامی، إذ تصدر المدارس الإسلامیة المختلفة الیوم، بالاستناد إلى المفاهیم العقلانیة، بیانات مشترکة فی مؤتمرات عدیدة. وعلینا أن نصون هذه الفرصة، ونقدّر الدول الإسلامیة الرائدة، ونحافظ على هذه المنجزات القیّمة، ونُسهم جمیعاً فی بروز الحضارة الإسلامیة الحدیثة.
 
إنّ فلسطین الیوم هی بوصلة الحقّ والباطل فی عالم یغمره الظلام. الطغاة فی العالم تواطؤوا على ارتکاب إبادة جماعیة واضحة أمام أنظار الجمیع. لقد فاق الصهاینة المجرمون کلّ جبّاری التاریخ؛ أسقطوا على رؤوس أهل غزّة الأبریاء ما یعادل سبع مرّات قنبلة هیرورشیما، فدمّروا البیوت والمدارس والمستشفیات والمساجد، وقتلوا الأطفال والنساء والشیوخ والمسعفین والصحفیین، وسمّوا ذلك «دفاعاً عن الأرض»! هذه الجرائم أیقظت الأحرار فی العالم لیقفوا، مؤکّدین على الوحدة المنطلقة من القیم الإنسانیة المشترکة، دفاعاً عن فلسطین المظلومة؛ لیرفعوا صوت الکرامة الإنسانیة، ویهتفوا بالعدالة العقلانیة، وینزلوا إلى المیدان من أجل الأمن العالمی. وأصبحت الکرامة والعدالة والأمن مطلباً لجمیع المستضعفین فی العالم، تتحدّى المستکبرین.
 
هذه وحدة إنسانیة تتجاوز الوحدة الإسلامیة، جاءت دفاعاً عن الإنسانیة وقیمها. هناك حدث جدید یتشکّل فی العالم، وخطاب المقاومة فی اتّساع مطّرد. وهذا هو نفس هدف الإمام الخمینی (قدّس سرّه) الذی جعل الدفاع عن المستضعفین شعار الجمهوریة الإسلامیة منذ انطلاقتها. ومع أنّ المستکبرین یسعون إلى إضعاف المستضعفین، إلّا أنّهم فی النهایة سیغلبون، بالإیمان والصبر والتقوى وحفظ الوحدة، وبالاعتماد على الإرادة الإلهیة المحتومة والوعد الصادق والقدرة الإلهیة اللامتناهیة، وسیصبحون هم قادة العدالة وورثة الأرض.
 
لقد ألحق العدوان المفروض خسائر لا تُعَوَّض، واستهدف علمائنا وقادتنا، وأدّى إلى استشهاد أکثر من ألف مواطن بریء منّا. کان ذلك ثمناً دفعته الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة دفاعاً عن شعبها وعن الشعب الفلسطینی. ومع ذلك، فإنّ العدو أیضاً تحمّل خسائر غیر مسبوقة: انهارت هیبة «القبة الحدیدیة» المزیّفة، وانکشف ضعف الصهاینة أمام أنظار العالم، وعاد العزّ العربی الإسلامی للحیاة، وأصبحت صوَر صواریخ إیران رمزاً ملهماً للزائرین فی الأربعین وانتشرت فی العالم الإسلامی. کذلك شهدنا هروب الاستثمارات، وتوقف الرحلات فی مطاری تل أبیب وحیفا، وتوقف الإنتاج والتصدیر، وتصاعد السخط الداخلی، وحالة هلع وطنی نتیجة فشل الإنذارات الوقائیة، وعدم الأمان للمهاجرین، وبروز الهجرة المعاکسة، وفقدان المصداقیة الدولیة، وخسارة 40 ملیار دولار، وانکسار إعلامی، وفشل مشروع التطبیع و«صفقة القرن»، وإجماع عالمی ضدّ النظام الصهیونی. کلّ ذلك یشیر إلى مسار متسارع نحو زوال "إسرائیل".
 
إنّ الأحادیة التی یمارسها الاستکبار العالمی بقیادة أمریکا أثارت أصوات الاحتجاج والتظلّم فی جمیع أنحاء العالم، بل حتى بین المواطنین الغربیین أنفسهم. لقد فرّطت أمریکا بسمعتها لدى حلفائها الغربیین بدعمها نظاماً سفّاکاً یقتل الأطفال. لم تعد تلتزم بأیّ معاهدة دولیة، ولا تقف عند أیّ عهد. هذه الأحادیة في النفعیة السیاسیة والأخلاقیة، وإن خرجت إلى العالم بشعار «اللیبرالیة الفردیة وحقوق الإنسان»، فإنّها فی الواقع تضحّی بجمیع حقوق الإنسان فی سبیل مصالحها، وتسفک دماء آلاف الأبریاء، وتعرّض الأمن العالمی للخطر.
 
أمّا أنصار التعددیة فقد تحالفوا على أساس الکرامة والعزّة الإنسانیة والأمن الوطنی والعدالة العالمیة. إنّ الصین وروسیا والهند وإیران، التی تضمّ قریباً من نصف سکّان العالم، وقفت صفّاً واحداً فی إطار «منظمة شنغهای للتعاون» وغیرها من التحالفات الإقلیمیة، بوجه العقوبات الظالمة، والرسوم الأحادیة، والأحکام الجائرة. إنّهم یسعون إلى مواجهة التهدیدات المشترکة، وتعزیز الثقة المتبادلة، ودعم السیادة الوطنیة، والمشارکة فی مشاریع البنی التحتیة للنقل والطاقة، وتعزیز التبادلات الثقافیة، وتقویة التکامل الإقلیمی، وتحقیق التعاون العلمی والتقنی، وتوسیع المبادلات التجاریة والمالیة، ووضع حدّ للهیمنة الغربیة على السوق العالمی. نحن قادرون على تأسیس هذا النظام العالمی الجدید، وإعادة الکرامة إلى الإنسان، وتوسیع المقاومة ضدّ جبابرة العالم، وإعادة بناء الأمن والعدالة العالمیة. ﴿إِن تَنصُرُوا اللّهَ یَنصُرْکُمْ وَیُثَبِّتْ أَقْدَامَکُمْ﴾.
 
والسلام علیکم ورحمة الله وبرکاته.
 
المصدر: taghribnews.com
captcha