ويشير القرآن الكريم بعد ذكر "الرِّبِّيُّونَ"، أي العلماء الذين كانوا يقاتلون مع الأنبياء (ص) (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ: آل عمران: 146)، إلى أنهم حينما كانوا يواجهون المصاعب أمام العدو، بدلاً من أن يتركوا الساحة أو يستسلموا، كانوا يلجؤون إلى الله، ويطلبون مغفرة الذنوب والصبر والثبات.
ويقول الله تعالى في هذه الآية الکریمة "وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ" (آل عمران: 147).
إقرأ أيضاً:
ومن اللافت أن الاستغفار (طلب المغفرة) يُذكر أولاً، ثم الاستنصار (طلب النصر)، أي أن الاستغفار يُمهّد لطلب النصر من الله سبحانه تعالى.
وتذكر الآية التالية ثمرة عملهم، وهي نيل الثواب الإلهي في الدنيا والثواب الحسن في الآخرة "فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ" (آل عمران: 148).
لذلك، هناك فرق كبير بين ثواب الدنيا وثواب الآخرة؛ ففي مكاسب الدنيا توجد بعض المرارة، أما ثواب الآخرة فهو كله حسن وجميل.
كما أُمر بنو إسرائيل في زمن النبي موسى (ع) عند دخولهم باب بيت المقدس، عليهم مراعاة الآداب وإظهار الخضوع والخشوع والاستغفار، كما جاء في قوله تعالى "وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ" (البقرة: 58).
وكلمة "حِطَّةٌ" في اللغة تعني السقوط، وهنا تعني أنهم يطلبون من الله سقوط ذنوبهم ومغفرتها.
في الواقع، يمكن اعتبارها نوعاً من الاستغفار باللغة العبرية؛ ولذلك فإن هذه الآية أيضاً تشير إلى أن ذكر الاستغفار سبب لمغفرة الذنوب ونيل الثواب الإلهي.