ومن آثار الاستغفار جلب رحمة الله تعالى؛ فقد كان النبي صالح (ع) يحذّر قومه من عذاب الله، لكنهم كانوا يتحدونه بإنزال العذاب الذي يعدهم به، فأجابهم "قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ" (النمل: 46).

ومن طرق اكتشاف أثر الأعمال في القرآن الكريم، التأمل في بداية ونهاية الآيات، ففي كثير من الآيات التي يُذكر فيها الاستغفار في صدرها، يُشار في نهايتها إلى الرحمة الإلهية إضافة إلى المغفرة.

كما قال الله تعالى "وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ" (البقرة: 199). وقال أيضاً "وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا" (النساء: 106).

إقرأ أيضاً:

والسؤال هنا، ما علاقة الاستغفار بالرحمة الإلهية؟ السبب هو أن الذنب يشكل حجاباً بين الإنسان والرحمة الإلهية، فإذا زال هذا الحجاب والمانع، فنزلت الرحمة الإلهية.

وللتوضيح أكثر، إذا تصورنا طريق نزول الرحمة والرزق الإلهي إلى العبد كأنه ممر، فإن الذنوب والمعاصي تسدّ هذا الطريق.

فإن الاستغفار لا يعني فقط مغفرة الذنوب، بل إذا وجدت موانع تحول دون وصول الخير والرحمة إلى الإنسان، فإن الاستغفار يزيل تلك الموانع أيضاً، كما ورد في دعاء كميل لأمير المؤمنين (ع) "اللهم اغفر لي الذنوب التي تغيّر النعم".

في بعض الآيات القرآنية، يُشار إلى أن الإنسان يدرك الرحمة الالهية بعد الاستغفار: "وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا" (النساء: 110). وفي آية أخرى، يُذكر أن استغفار الفرد مع استغفار النبي (صلى الله عليه وآله) هو عامل لجلب الرحمة الالهية: "فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا" (النساء: 64).