وفي سورة آل عمران، ذُكرت إحدى صفات أهل الجنة في الدنيا وهي الاستغفار في الأسحار "وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ" (آل عمران: 17). وفي سورة الذاريات أيضاً، وُصف حال المتقين في الجنة بقوله تعالى "وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ" (الذاريات: 17-18).
هذه الآيات التي جاءت في مقام مدح المستغفرين، ذكرت وقت "السحر" كـ وقت للاستغفار، وهذا يدلّ على أن السحر أنسب من غيره من الأوقات للاستغفار.
إقرأ أيضاً:
روي عن الامام الصادق(ع): "مَنْ قَالَ فِي وَتْرِهِ إِذَا أَوْتَرَ; أَسْتَغْفِرُ اَللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ; سَبْعِينَ مَرَّةً وَهُوَ قَائِمٌ فَوَاظَبَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى مَضَى لَهُ سَنَةٌ كَتَبَهُ اَللَّهُ عِنْدَهُ مِنَ اَلْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ َ وَجَبَتْ لَهُ اَلْمَغْفِرَةُ مِنَ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ". المقصود هو أنهم يستغفرون سبعين مرة في صلاة الوتر (آخر ركعة من صلاة الليل). ربما تفسير الاستغفار بالصلاة هو أن الاستغفار جزء من صلاة الليل، أي صلاة الوتر.
وقد ورد في سورة يوسف المبارکة، حول مناسبة وفضل ليلة الجمعة لطلب المغفرة من الله عز وجل، فعندما اعترف إخوة يوسف (ع) بخطئهم أمامه، قال لهم فوراً "قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ" (يوسف: 92).
ولكن عندما طلبوا من أبيهم أن يستغفر لهم "قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ" (يوسف: 97)، فأجّل النبي يعقوب (ع) الاستغفار وقال "قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ" (يوسف: 98).
وكلمة "سوف" تدلّ أيضاً على الاستمرار في المستقبل، أي أنني سأستمر في طلب المغفرة لكم.
في رواية، بيّن الإمام الصادق (ع) سبب هذا الاختلاف: "وکَانَتْ جِنَایَهًُْ وُلْدِ یَعْقُوبَ (ع) عَلَی یُوسُفَ (ع) وَجِنَایَتُهُمْ عَلَی یَعْقُوبَ (ع) إِنَّمَا کَانَتْ بِجِنَایَتِهِمْ عَلَی یُوسُفَ (ع) فَبَادَرَ یُوسُفُ (ع) إِلَی الْعَفْوِ عَنْ حَقِّهِ وَأَخَّرَ یَعْقُوبُ (ع) الْعَفْوَ لِأَنَّ عَفْوَهُ إِنَّمَا کَانَ عَنْ حَقِّ غَیْرِهِ فَأَخَّرَهُمْ إِلَی السَّحَرِ لَیْلَهًَْ الْجُمُعَهْ".