ایکنا

IQNA

تقرير "إكنا" عن ندوة "الفارابي؛ صوت الفكر"؛

رواية المفكرين عن المكانة الفريدة للفارابي في الفلسفة الإسلامية

10:53 - November 19, 2025
رمز الخبر: 3502488
طهران ـ إکنا: تمّ عقد ندوة "الفارابي؛ صوت الفكر" بحضور أساتذة بارزين في الفلسفة؛ وهي ندوة تمّ فيها تقديم الفارابي ليس فقط كـ فيلسوف، بل كـ مؤسس للعقلانية التي أخرجت الحضارة الإسلامية من قلب التاريخ، ولا يزال يُعتبر فعالاً في تحليل العالم المعاصر.

وأقيمت ندوة تكريم الفيلسوف "أبو نصر الفارابي" بعنوان "الفارابي؛ صوت الفكر" أمس الثلاثاء 18 نوفمبر الجاري، وذلك من قبل جمعية الآثار والمفاخر الثقافية، وبالتزامن مع أيام تكريم "الحكمة والفلسفة".

في مطلع الاجتماع، أشار "محمود شالويي"، رئيس جمعية الآثار والمفاخر الوطنية في ايران، إلى الدور الفريد الذي لعبه الفارابي في ترسيخ الهوية الفلسفية للحضارة الإسلامية، وقال: "رغم أن الفلسفة دخلت إلى أرضنا متأخرة، إلا أنها وجدت مأوى دافئاً في قلب الثقافة الإيرانية، حتى أن معارضيها اضطروا لتعلمها كي يتحاوروا معها."

وأردف مشيراً إلى التاريخ العريق لدخول الفلسفة إلى العالم الإيراني ـ الإسلامي، قائلاً: "الحقيقة أن الفلسفة وإن جاءت متأخرة عن سائر العلوم إلى أرضنا، إلا أنها لم تبقَ غريبة، بل أصبحت روح هذه الديار وجوهرها؛ حتى أولئك الذين شعروا بتهديد من الفلسفة اضطروا لتعلمها ليتمكنوا من محاورتها ومعارضتها عن وعي."
رواية المفكرين عن المكانة الفريدة للفارابي في الفلسفة الإسلامية
وأضاف شالويي أن الفلاسفة الإيرانيين، أمثال الفارابي وابن سينا، لم يكونوا مقلدين لليونان بل كانوا مبدعين لفكر جديد، مبيناً: "لقد كان لديهم فهم أعمق بكثير للفلسفة من أسلافهم، ولم يكونوا مجرد مترجمين لأفكار أرسطو وأفلاطون؛ بل فتحوا آفاقاً جديدةً أمام الفلسفة الإسلامية."


إقرأ أيضاً:


وتطرق إلى المسار التاريخي للفلسفة في إيران وإعادة قراءة الظروف الفلسفية التي عاشها الفيلسوف "الملا صدرا"(صدر المتأهلين)، موضحاً: "في عصر صدرا، ورغم كل الصعوبات والنفي، بلغ العقل الإيراني أعمق تأملاته. فـ مزج الفلسفة بالكلام المعتزلي والأشعري، وبعرفان ابن عربي، وبالمدرستين المشائية والإشراقية، وأقام نظاماً لا يزال زاخراً بالحداثة."

وثم تطرق رئيس جمعية الآثار والمفاخر الثقافية إلى العلامة "الطباطبائي"، مثمناً جهوده في مواجهة الهجمات الفكرية المادية، وقال: "لقد أجاب العلامة الطباطبائي من خلال تأليف كتاب "أصول الفلسفة والمنهج الواقعي" إجابة دقيقة على الأسئلة الفلسفية في عصره؛ وهو عمل لاقى قبولاً واسعاً في الأوساط العلمية بفضل شروح المفكر الايراني الشهيد مطهري."

في جانب آخر من الاجتماع، أشار "قاسم‌ بورحسن"، أستاذ الفلسفة في جامعة العلامة الطباطبائي إلى الإرث الذي لا جدال فيه للفارابي في الحضارة الإسلامية، قائلاً: "كما يطرح الفيلسوف الكبير "محمد عابد الجابري"، فإن الفارابي هو بداية تشكل الحضارة الإسلامية القائمة على العقل؛ يجب ألانتصور أن الحضارة الإسلامية كانت ستنشأ بدون الفارابي وابن سينا."
رواية المفكرين عن المكانة الفريدة للفارابي في الفلسفة الإسلامية

وأضاف: "الجابري يصرح بأن الفارابي هو بداية تشكل الحضارة الإسلامية القائمة على العقل، وإن جهود الفارابي وابن سينا بشكل خاص تهدف إلى تشكيل حضارة قائمة على العلم وتفوق العقل، ولا يمكن تجاهل هذه الإنجازات."

وانتقد بورحسن الاتجاهات التي تعتبر فكر الفارابي مجرد تكرار للتقليد اليوناني، مضيفاَ: "الفارابي وضع نموذجاً ليس فقط للحكم، بل نموذجاً لمجتمع إنساني يجب أن يكون قائماً على العقل، وإن رؤيته حول المدينة الفاضلة وتعزيز أخلاق الإنسان، والتي تابعها لاحقاً ابن سينا في رسالة مختصرة، تدل على أصالة هذا الفكر."

الفارابي؛ ربط العقلانية بالتعاليم العرفانية

وبدورها، أكدت "فاطمة مهاجراني" المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، في كلمتها خلال هذا الاجتماع على دور الفارابي كمؤسس لمسار حضاري إيراني جديد، وقالت: "ما يجعل الفارابي يُعرف بالحكيم هو فتحه لبوابة الحضارة الإيرانية المزدهرة والعظيمة. مسار جعل الإنسان محورًا وربط الإنسان بعقل كامل يمكنه التفكير، ومن خلاله يصل إلى الوعي والأخلاق ويصبح مظهرًا لخلافة الله. هذه المحورية للإنسان تكتسب معناها عندما يتصل الإنسان بعقل كامل قادر على التفكير الصحيح."
رواية المفكرين عن المكانة الفريدة للفارابي في الفلسفة الإسلامية
الفارابي؛ الفلسفة الاجتماعية القائمة على العقل والوحي

وفي هذا السياق، بدأ "حجة الإسلام الشيخ حميد بارسانيا، أستاذ جامعة "باقر العلوم(ع)" الايرانية، كلمته بالتأمل في العلاقة بين "الفكر الاجتماعي" و"الفلسفة" في العالم المعاصر، وقال: "الفلسفة بمعناها الأصيل هي التحدث في الظروف الصعبة. ظروف يضطر فيها المفكر إلى إعادة التفكير في أسس المعرفة والمعنى."

وأشار أستاذ الحوزة العلمية والجامعة إلى تاريخ دخول الفكر الاجتماعي إلى إيران، وأضاف: "تاريخ هذا الفكر في إيران لم يدخل عبر الأحزاب والتيارات السياسية، بل عبر الفلسفة الكلاسيكية. فلسفة كانت على مر القرون حجر الزاوية للتأمل في المجتمع والمدينة."

وفي هذا السياق، اعتبر بارسانيا الفارابي نقطة تحول في الفكر الفلسفي في مجال العلوم الاجتماعية، وأكد: "كما كان الفارابي مؤسساً في تطور الفلسفة الإسلامية، فقد كان له دور أساسي في تشكيل نوع من الفلسفة الاجتماعية القائمة على العقل والوحي."
رواية المفكرين عن المكانة الفريدة للفارابي في الفلسفة الإسلامية
رواية المفكرين عن المكانة الفريدة للفارابي في الفلسفة الإسلامية

4317739

captcha