
لقد رأينا كيف تشرف البابا السابق بزيارة المرجعية الدينية العليا المتمثلة بسماحة
السيد علي السيستاني(دام ظله)، وما حملته تلك الزيارة من دلالات روحية ووطنية. وإننا نرجو أن ينعكس الجوّ الذي نعيشه اليوم في لبنان على المواطنين والأحزاب والتيارات السياسية، التي ما زالت أسيرة السلطة والمال، بدل أن تكون في خدمة الإنسان.
وقد أصاب
بابا الفاتيكان في كلمته في القصر الجمهوري حين خاطب المسؤولين قائلاً لهم: "عليكم أن تهتموا بالناس، وأن تكونوا بينهم".
وكم كنا نتمنى لو شمل برنامج الزيارة في هذه الفترة محطة أساسية هي قانا، التي تمثل عمقاً مسيحياً وروحياً في لبنان، وتشهد على الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة.
بانتظار ما الذي ستحمله الزيارة من نتائج يرجوها لبنان للخروج من محنته. فالامور لا تقتصر فقط للصلاة… فنحن نصلي. وإن كانت للدعاء…فالمسلمون والمسيحيون معاً يدعون. لكنّ ما نتمناه حقاً هو الدعوة إلى
الوحدة العملية، والدعم الحقيقي لهذه الدولة عبر رفع الفقر، وتأمين الدواء، وتعليم أبناء الفقراء، ونشر الود والمحبة بين أبناء الوطن الواحد، والسعي إلى إعادة الإعمار. ونحن نعلم أن للبابا سلطةً معنوية ومالية يمكن أن تُسهم في تحقيق ذلك.
إننا نشتاق اليوم إلى عودة لغة الحوار التي حملها المطران حداد والأباتي أنطوان ضو، اللذان ربّيا جيلاً من الشخصيات المؤمنة بالانفتاح، وأذكر منهم الأخ الأستاذ ناجي أمهز، الذي يسير على نهج الأباتي في نشر ثقافة الحوار والدعوة إليها والعمل بها، لأن الحوار هو محبة الأوطان وتوحيد الجهود وبذل المعرفة وترسيخ العيش الكريم.
ونأمل أن تكون زيارة البابا إلى لبنان مناسبة لتوحيد الجهود، وتعزيز العطاء، وبناء لغة الحوار، وإرساء السلام، وإطلاق كلمات تُنصف المظلومين وتبتعد عن الظلم والقهر والتهديد.
بقلم رئيس المجمع الثقافي الجعفري للبحوث والدراسات الإسلامية وحوار الأديان في لبنان "العلامة الشيخ محمد حسين الحاج"