
وأشارت إلى ذلك، "أليسا غاباي"(Alyssa Gabbay)، الأستاذة المشاركة بجامعة "نورث كارولينا" في مدينة "غرينزبورو" الأمريكية، حول الدراسات الشيعية باهتمام متزايد من قبل الباحثين الغربيين أكثر من أي وقت مضى.
وتناولت أليسا غاباي في كتابها حول السيدة فاطمة الزهراء (س) بعنوان "الجندرة والخلافة في إسلام العصور الوسطى وبداية العصر الحديث: النسب الثنائي وإرث السيدة فاطمة (س)"، فترات من تاريخ الإسلام قبل العصر الحديث حيث كان الأفراد أو المجتمعات يعترفون بالنسب من جهة الرجال والنساء معاً.
وقالت: "هناك أبعاد عديدة من حياة وشخصية السيدة فاطمة (س)، إن تضحيتها وإيثارها تجاه النبي (ص) أمر بالغ الأهمية بلا شك، ويبدو أنها كانت سنداً ثابتاً له في الأوقات التي كان الرسول الأعظم (ص) في أمس الحاجة إليها."
إقرأ أيضاً:
وأضافت:" إن الخطبة التي ألقتها أمام المجتمع الإسلامي، والتي انتقدت فيها بشدة توجه الأمة وطرحت فيها قضية ملكية فدك، تُعدّ أيضاً علامة بارزة جداً على سلطتها الروحية، رغم أن هذا الموضوع كان محل خلاف".
وأردفت قائلة: "إن حقيقة أن السيدة فاطمة (س) تلقت من خلال جبرائيل مصحفاً، تؤكد مكانتها كـ شخص، وإن لم تكن إماماً أو نبياً، فهي تشبههم إلى حد كبير".
وأوضحت أن دور السيدة فاطمة(س) كناشطة وكقائدة روحية ودنيوية يتم التأكيد عليه بشكل متزايد من قبل الباحثين المعاصرين، وهذا أمر جيد. يمكن أن يتوافق هذا بسهولة مع دورها كأم حنون؛ فهذان الأمران لا ينفصلان عن بعضهما البعض.
رداً على سؤال بشأن الدروس التي يمكن أن يتعلمها المؤمنون من صمود وتقوى السيدة فاطمة (س)، قالت: "بصفتي امرأة غير مسلمة، لا يمكنني إلا أن أتحدث عن الدروس التي تعلمتها بنفسي وهي الصبر في مواجهة المعاناة، وعدم السكوت أمام الظلم عند الضرورة، وإدراك أن الشهرة والثروة والنجاحات الكبيرة في الحياة ليست الكنز الحقيقي، بل المكانة الروحية للفرد المصحوبة بالتواضع هي التي لها القيمة الحقيقية؛ والدروس التي تعلمتها أن تكريس الذات للعائلة هو أعلى القيم."
وفي معرض ردّها على سؤال بشأن الخطبة الفدكية للسيدة فاطمة الزهراء (س)، قالت: "لا يمكن أبداً تجاهل أهمية خطبة فدك للسیدة فاطمة (س)؛ أولاً، هي خطاب نموذجي من امرأة تتوجه إلى المجتمع الإسلامي بأسره في قضية محورية، ولا تتردد في التعبير عن آرائها المثيرة للجدل ومن هذه الزاوية، تستحق هذه الخطبة أن تُدرس وأن تُطرح كـ نموذج لأولئك الذين يدّعون أن النساء في الإسلام يفتقرن إلى الحقوق والسلطة".
وأردفت مبينة: "ثانياً أنه كان تأثيرها واسع النطاق، فإن علماء العصور الوسطى مثل "ابن بابويه" و"المجلسي" ذكروا هذه الخطبة في مجموعاتهم الحديثية، مما يدل على أنهم كانوا يعتبرونها مرجعاً دينياً."
وتابعت مستندة بأقوال العلماء الحديثين قائلة: "في العصر الحديث، كان آية الله "محمد باقر الصدر"، العالم العراقي، يعتقد أن فاطمة (س) كانت أول من انتقد الحاكم علناً."
وقالت ، "أليسا غاباي"(Alyssa Gabbay): "أعتقد أن جميع المسلمين يمكنهم الإعجاب بتفاني السيدة فاطمة(س) وتقواها وحكمتها وتضحيتها. صحيح أن الشيعة يميلون إلى إعطائها مكانة عالية جداً، لكن هذا لا يعني أن السنة يتجاهلون صفاتها ودورها المهم في الأحداث التاريخية، مثل دفاعها الشرس عن النبي(ص)، وولائها له ولزوجها وأولادها، وحتى الآيات القرآنية التي تشير إليها مثل سورة الكوثر.
من الجدير بالذكر أنه في المجتمعات السنية ما قبل الحداثة مثل الإمبراطورية العثمانية، كان هناك احترام كبير للسيدة فاطمة(س). على سبيل المثال، وثيقة وقف لمسجد كتبتها الأميرة العثمانية، مهرماه سلطان (توفيت عام 1578 ميلادي)، شبهت الأميرة بالسيدة فاطمة(س) في العفة. وتنص الوثيقة نفسها على أن اسم السيدة فاطمة (عليها السلام) يجب أن يُذكر بانتظام في الصلوات التي تُقام في المسجد.
في الواقع، كان دافعي لكتابة هذا الكتاب هو ذكر السيدة فاطمة(س) من قبل الشاعر السني الهندي أمير خسرو الدهلوي (توفي عام 1325) في قصيدة قصيرة يمدح فيها ابنة النبي(ص)؛ هذه علامة واضحة على الاحترام الذي يكنه لها السنة والشيعة على حد سواء.