ایکنا

IQNA

محاضرون في لقاء حواري في بيروت يؤكدون:

الشرق نموذج للتنوع الديني والأديان السماوية تحمي هذا التنوع

19:05 - January 07, 2021
رمز الخبر: 3479705
بيروت ـ إکنا: أكد العلماء المشاركون في لقاء حواري شامل بعنوان " الإخاء الديني ـ حماية التنوع الديني في المشرق "في مركز لقاء في الربوة أن الشرق نموذج  للتنوع الديني، والأديان السماوية تحمي هذا التنوع وتدعو إليه، مؤكدين أن انتشار التطرف والعنف يأتي من خارج سياق التجربة الدينية الإسلامية والمسيحية.

وفي أجواء الأعياد الميلادية المجيدة وبدعوة من المستشارية الثقافية للجمهورية الإسلامية الإيرانية في بيروت ومركز لقاء في الربوة - انطلياس وملتقى الاديان والثقافات للتنمية والحوار ومنتدى تحولات انعقد لقاء حواري شامل بعنوان الإخاء الديني- حماية التنوع الديني في المشرق ,في مركز لقاء في الربوة بمشاركة حشد كبير من الشخصيات الدبلوماسية والثقافية والدينية والفكرية والإعلامية والتربوية سواء من خلال الحضور المباشر أو عبر المشاركة الالكترونية من خلال تطبيق زوم والقيت العديد من الكلمات التي أكدت على أهمية التنوع الديني في الشرق وكيفية حمايته وتعزيز ثقافة التنوع الديني وأقيم أيضاً معرض لمشاهد حول التنوع الديني تضمن صوراً لكنائس في ايران والعالم الاسلامي ولبنان, فضلاً عن عرض أايقونات وأفلام وثائقية عن التنوع الديني في غرب آسيا.

وقد بدأ اللقاء الحواري بكلمة ملتقى الأديان والثقافات للتنمية والحوار, ألقاها امينه العام العلامة الشيخ حسين شحادة والذي نقل تحيات رئيس الملتقى العلامة السيد علي فضل الله وأكد على أهمية هذا اللقاء الحواري وكيفية تعزيز التنوع الديني.

وقال الشيخ شحادة: لا يمكن حماية حرية التنوع الديني  في الشرق دون الاعتراف بحرية المعتقد  واحترام الحق في الاختلاف والسعي لبناء الدولة المدنية العادلة دولة المواطنة الكاملة .

وأضاف شحادة فاجعة الواقع المرير تتلخص في انهدام بنيان الأمة في أمنها الديني وأمنها الاجتماعي وأمنها السياسي لتتكشف أمام أعيننا الحقيقة الموجعة أن مشكلة الأمن الديني في شرقنا العزيز ليست في اختلاف الأديان بل في سياسات أنظمة الفساد والاستبداد التي تلعب بأحزان الشرق ومصيره، كما تلعب بأديان السماء فذهبت بعيداً بأبشع ما شهده العالم من مخططات سرطنة الدين ليصبح أداة من أدوات القتل والتقسيم والإرهاب.

ثم تحدث المستشار الثقافي للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان الدكتور عباس خامه يار والذي عرض لتجربة التنوع الديني في إيران ودور الجمهورية الإسلامية الإيرانية في حماية التنوع الديني في الشرق.

فأكد  على أن التنوع الديني هو معلمٌ تاريخيٌّ جماليٌّ تميز به المشرق بشكلٍ خاص وجذب إليه الغرب تارةً بالأخذ منه ومن غناه الحضاري وتارةً بمحاربته ومحاولة تقويض قوته واتحاده.
 
وأضاف الدكتور عباس خامه يار ان التعايش بين المسلمين والمسيحيين في إيران يعود إلى أكثر من 400 عام، وقد جاءت الثورة الإسلامية لتكرّس هذا التعايش وتنظم فيه التعاون والحقوق والمواطنة.
 
 وكانت الكلمة بعد ذلك لمدير مركز لقاء كمال بكاسيني الذي رحب بالمشاركين داعياً لتعزيز المبادرات العملية لحماية التنوع.

اضاف بكاسيني: علينا أن نعيد إحياء التعايش المشترك، قال بكاسيني الوحدة الوطنية، الصلح والسلام. نحن أمةٌ بمستقبلٍ مشترك علينا أن نعيشَ إلى جانب بعضنا البعض بالتوكل على الله، التواصل المشترك، من أجل الوصول إلى العيش المشترك. علينا أن نحافظ على التنوع الديني، وأن نضع مفاهيمنا المشتركة مع بعضها البعض ونتوحد لأن منطقتنا تعيش اليوم ظروفاً صعبة. مستقبلنا واحد، لذا علينا أن ندافع عن تنوعنا، حريتنا ووجودنا إلى جانب بعضنا البعض.

والقيت بعد ذلك العديد من المداخلات التي أكدت على التنوع الديني وكيفية حمايته وتعزيز ودور الأديان في حماية التنوع.

وقد أصدر  المشاركون في ختام اللقاء بياناً أكدوا فيه على أن الشرق كان نموذجاً للتنوع الديني وان الأديان السماوية تحمي هذا التنوع وتدعو إليه، حيث إن كل التجارب العربية والإسلامية كانت نموذجاً مهماً لحماية التنوع وإن انتشار التطرف والعنف يأتي من خارج سياق التجربة الدينية الإسلامية والمسيحية، لذا فالمطلوب اليوم العمل على مواجهة كافة أشكال التطرف والعنف والقيام بمبادرات عملية لحماية التنوع الديني وإشراك الشباب والطلاب في كافة الأنشطة الحوارية وتعزيز ثقافة التنوع وقبول الآخر ومواجهة كل من يعمل على الترويج للعنف أو الإساءة للاخر ونشر ثقافة الكراهية.

المتحدثون تكلموا  مباشرة وحضورياً  او عبر منصات  زوم الالكترونيه, فكانت كلمة المستشار الثقافي المستشار الثقافي للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان الدكتور عباس خامه يار الذي تكلم عن  مسألة التنوّع الديني في المشرق تحديداً،  واعتبر أنّ الإسلام جاء متمّمًا ومكمّلًا للمسيحية وليس على تعارضٍ معها.

وأضاف أنه  توجد اليوم أكثر من 50 كنيسة في طهران وحدها، و300 كنيسة في كل إيران أي كنيسة لكل 500 شخص تقريباً، مشيراً الى أن  المادة 13 من الدستور الإيراني تنص على أن الإيرانيين الزرادشت واليهود والمسيحيين يتمتعون بحرية أداء مراسمهم الدينية، وتنص المادة 14 على أن الحكومة الإسلامية يجب أن تعامل غير المسلمين بالتسامح والأخلاق الحسنة والقسط والعدل وأن تراعى حقوقهم الإنسانية.

وأكد أن الشهيد سليماني دافع عن الإنسان بدون استثناء حتى في المدن العراقية والسورية المسيحية وكان يتواجد حيثما حلّ الإرهاب ليدمر حياة الناس وينتهك حرماتهم.

واعتبر مار ثيوفيلوس جورج صليبا - مطران جبل لبنان وطرابلس للسريان الأرثوذكس ان المطلوب خطوات عملية لتعزيز الاخاء الديني، مؤكداً أن اللقاء والحوار وقبول الاخر مبادئ سامية يتميز  بها الانسان وحده في خلائق الله المنظورة  وغير المنظورة فالحوار اذا التقى متحاوران على طاولة واحدة فخمسون بالمئة من الموضوع يكون قد تحقق للوصول الى التفاهم.

وأضاف: خلال زيارتي إلى إيران، هذا البلد المسلم والشيعي، عليّ أن أقول إن الكثير من المسيحيين بعد انتصار الثورة الإسلامية للإمام الخميني، شعروا بالقلق على مصيرهم، والكثيرون هاجروا إلى الخارج لكن بعد عدة سنوات، تغيرت نظرة المسيحيين إلى سياسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية ولاحظوا الفرق الشاسع بين سياساتها ما بين زمن الشاه وما بعد الثورة حيث تحسنت أحوالهم كثيراً بعد الثورة. بعد لقائي بالإمام الخميني ومن بعده الإمام الخامنئي، رأيت تعاملهما الإنساني والمحترم، وأرجو أن تقتدي الدول العربية بهذا السلوك الإنساني للجمهورية الإسلامية الإيرانية مع المسيحيين والأقليات.
 
أما الشيخ زياد الصاحب عضو المجلس الشرعي الاسلامي ورئيس جمعية الفتوة الاسلامية في لبنان فأشار الى ضرور تضافر الجهود من اجل مجتمع يحترم الاخاء الديني، مصرحاً: كل الرسالات السماوية هدفها سعادة الإنسان بغض النظر عن الطوائف والتوجهات، فالإسلام والمسيحية يؤمنون بالله الواحد، القيامة والعمل الصالح للوصول إلى الجنة. والإسلام يعتبر الرسائل السماوية مكملةً لبعضها البعض. لذا فإذا كنت تؤمن بالمسيح وتحب الإسلام فهذا لا يعني بأنك لم تعد تؤمن بالمسيح وإنما الأديان تكمل بعضها البعض.

  من جهته  الوزير والنائب السابق الدكتور عصام نعمان تحدث عن العناصر الضرورية لقيام الاخاء الديني ومن ضمنها وحدة المجتمعات الوطنية كأساس حاضن للإخاء الديني.

الدكتور  عصام نعمان  قال: ان ثمة واقعة في فهمنا في مجتمعاتنا يغفلها كثيرون من الباحثين والعاملين في الشأن العام هي التعددية العميقة، الراسخة واحيانا المرهقة التي تميّز مجتمعاتنا في مشرق العرب بل في منطقة غرب اسيا الممتدة من شواطئ بحر قزوين شرقا.  

من جهته امين عام مؤسسة  العرفان التوحيدية الدكتور الشيخ سامي ابي المنى تحدث عن الإخاء الديني- حماية التنوُّع الديني في الشرق فقال:  على تنوُّع انتماءاتكم المذهبية والروحية، وأنتم تتشاركون في حواركم وتؤكِّدون معاً باهتمامكم على أهميّة حماية التنوُّع الديني في الشرق، كأنَّنا وإيَّاكم جميعاٌ رَكْبٌ جمعتنا مسيرةٌ توحيديةٌ مشرقية، ورُكَّابٌ في سفينة الإنسانية العابرة للحدود، ننجو بنجاتها ونهلَكُ بهلاكِها، ونحن المُستخلَفون على هذه الأرض، وفي كلا الحالَين، نتحمَّل المسؤوليةَ ثواباً أو عقاباً، ومن هنا أهميةُ الحوار والبحث والتلاقي على قواسمَ مشترَكة ومساحاتٍ جامعةٍ آمنة بحثاً عن الخلاص وعن معنى الحياة.

وأضاف: من البديهيّ القول بالأخوّة الدينية بأنها أهمُّ من أية أخوَّة أخرى، دموية أو عرقية أو إنسانية، لما للرابط الروحي من أهميةٍ وتأثير بالغَين، وقد استندنا في حواراتنا إلى قول الإمام علي (ع): "الناس صنفان، إمَّا أخٌ لك في الدين أو نظيرٌ لك في الخَلق"، فالأخوّة واقعٌ لا يمكن تجاهلُ أهميتِه، وهو على درجاتٍ متفاوتة، فالأخ يمكن أن يكونَ من والدَين أو من والدٍ واحد، او أخَ الرضاعة والطفولة، كما أنّ الأخوّة الدينية لا يمكن أن تكون على مستوىً واحدٍ من الرفعة والقُربى، فهي ربما تكون ضاربةً في صميم الروح والوجدان، كما يمكن أن تكون تعصُّباً أو تطرُّفاً، سطحيةً أو هامشية.
 
الشرق نموذج للتنوع الديني والأديان السماوية تحمي هذا التنوع

اما الاستاذ حسن قبلان عضو المكتب السياسي لحركة أمل في لبنان فأشار  الى أنه علينا أن نحافظ على التعايش المشترك، مضيفاً: كل الأيديولوجيات إلى انتهاء ما عدا أيديولوجيا العيش المشترك التي علينا أن نلتفت إليها جيداً. نحن مسؤولون عن تعايش الإسلام والمسيحيين وعلينا أن ندافع عن مسيحيي فلسطين الذين يتعرضون للاحتلال والاغتصاب. إن واجبنا احترام العقائد والتنوع الديني وفي هذا المضمار لا ننسى الدور البارز الذي لعبه الإمام موسى الصدر.

وأضاف أن الإقرار بالفروقات العقلية والفكرية واحترام الإختلافات واحترام التنوع وقبول الآخر كما هو، هو خطوة في الاتجاه الصحيح والموصل إلى النّتيجة التي يبتغيها السائرون في خط الرسالات، وعليه إن المشتركات كبيرة والبناء عليها ضروري والانطلاق من توصيات المجمع الفاتيكاني الثاني المنعقد بين عامي 1962 و 1965 وتحديدًا في الفقرة المتعلقة بموقف الكنيسة من الإسلام، وهو ما خطه بيراعه المونسنيور يواكيم مبارك مع مدوّنة الإمام السيد موسى الصدر، مع وثيقة قداسة البابا فرنسيس وسماحة شيخ الأزهر، ولقائه المزمع مع سماحة المرجع السيد علي السيستاني، هي المتّكأ النظري لهذا العيش وضرورات حفظ التنوع الديني في بلادنا.
 
وتناول العلامة الشيخ محمد حسين الحاج رئيس المجمع الجعفري الثقافي، مسألة التنوع الديني من باب الحوارات البناءة التي تؤسس لعبور آمن  الى  معرفة الآخر المختلف معي دينيا وعقائديا.

وقال الشيخ الحاج من أهم المشاكل التي تعيق الأخوة الدينية سيطرة السياسيين على مؤسسات الحوار بين الأديان وما دامت هذه المؤسسات تحت سلطتهم فلن نستطيع أن نصل إلى النتيجة المرغوبة. أقترح أن تجمع المستشارية الثقافية كافة الشخصيات الدينية المتعارضة سياسياً، لكي نثبت بأن لا مشكلة سياسية لدينا في هذه المسألة.

الدكتورة  علا صقر الباحثة في علم الاجتماع والناشطة في الحوار الاسلامي المسيحي، شددت على اهمية حضور المفكرين والاكاديميين في المجال الحواري لإرساء افضل العلاقات بين الطوائف في المشرق، مشيرة الى توقيع البابا فرنسيس والدكتور الشيخ أحمد الطيب الإمام الأكبر للأزهر الشريف، وثيقة "الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك" التي أتت لصالح كلّ البشر وللمسلمين في المقام الأول لأنهم أصبحوا متهمين قبل إدانتهم.

واستعرض البطريرك غريوريوس  لحام بطريرك الروم الكاثوليك سابقاً مسيرة الاخاء الديني وقال: اعتبر وثيقة المجمع الفاتيكاني الثاني هي مقدمة الرعية الاخوّة الانسانية. لتكن هذه الوثيقة دعوة للمصالحة والتآخي بين جميع المؤمنين بالاديان كلّها، بل بين المؤمنين وغيرالمؤمنين ايضاً، وكل الاشخاص ذوي الارادة الصالحة, وكذلك رسالة البطاركة الكاثوليك.

وأشار الى أن المسيحيين في الشرق جزء لاينفصل عن الهوية الحضارية للمسلمين، كما أن المسلمين في الشرق هم جزء لاينفصل عن الهوية الحضارية للمسيحيين، من هذا المنطلق نحن مسؤولون بعضنا عن بعض امام الله وامام التاريخ.

واذكر بكل اختصار وثائق عربية اسلامية، وثيقة عمان، وثيقة الازهر، وثيقة وزارة الاوقاف السورية، وثيقة مراكش، مؤسسة الديانة في لبنان، مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين اتباع الديانات والثقافقات ، الذي تم تاسيسه عام 2004 هناك بعض مقاطع برسالتي الى اخوتي المسلمين في كل العالم اقول فيها: علينا مسيحيين ومسلمين ان نكون خلّاقين في لقاءنا، وروّاد ومخترعين كي نبني معا مجتمعاً عربياً يشعر كلّ منّا انه بيته الكبير.
 
الكلمة التالية كانت لـمطران عصام درويش مطران زحلة والفرزل للروم الكاثوليك حيث قال:الاخوّة والانسانية كانت وستبقى حاجة ضرورية للانسان، نحن نعتقد ان من يرتكب خطيئة يحتاج الى اكثر من اعتذار، والغفران يتطلب توبةً وتجدداً وعودةً الى الله، والكنيسة كما الجامع موجودان لنتصالح مع الله ومع بعضنا البعض.

وختم درويش كلمته "ادعو الجميع الى الاحترام المتبادل والتعاطف والتسامح  هذه الفروقات لن نسمح باستخدامها كأسباب لنصبح اعداء، ولن تكون عائقاً عن رؤية بعضنا البعض كأخوة، بل ستسمح لنا ان نرّكز على ماهو مشترك بيننا وان نستخدم كلّ الطرق لنعمّق عاطفة الاخوّة، ونقبل بعضنا كاصدقاء ونعمل سوية لبناء مجتمع يسوده السلام".

والدكتور محمد السماك امين عام اللجنة الوطنية للحوار الاسلامي المسيحي كانت له كلمة فأشار الى  دراسة للامم المتحدة تقول: أن عدد المؤمنين بالاديان في العالم ارتفع الى 84% من مجموع شعوب العالم البالغ عددهم ثمانية مليارات نسمة، 84%  منهم يؤمنون بأديان متعددة، الان ومع اتساع رقعة الايمان بالدين هناك تداخل اكثر بين المؤمنين شعوبا واقواما متعددة، ثلث المسيحيون الان في القارة الافريقية وحدها، والثلث الثاني في امريكا الجنوبية وآسيا، حيث البوذية والاسلام والهندوسية وغيرها من الاديان، وايضا اكثر من ثلث المسلمين يعيشون في دول ومجتمعات غير اسلامية مع الارثودكسية في روسيا، مع البوذية في الصين، مع الهندوسية في الهند، مع الكاثولوكية في اوروبا ومع الانجيلية في امريكا ..... الخ التضخم الكبير في عدد المؤمنون بالاديان والتداخل العميق بين المؤمنين في كافة مناطق العالم وقاراته، قال السماك يؤسسان لحالة جديدة تتطلّب مواجهة واقع يتألف من امرين او وجهين: اما ان يكون وجها صداميا مبنيّا على احتكار الايمان بالله ورفض الاخر وادانته لاختلافه، او على العكس من ذلك هو  الايمان بأن الاديان متعددة ولكنّها في جوهرها واحد.

الدكتور حبيب افرام رئيس الرابطة السريانية كانت له مداخلة فرأى انه اذا لم نؤمن كلنا بشكل عميق، شفّاف وحقيقي بأننا متساوون، احرار، فكلّ كلام هو هباء، انا الانسان المشرقي متساوٍ في الكرامة الوطنية، في الحقوق، في الشراكة، في صناعة القرار الوطني دون تميّز ، مهما كان دجيني او مذهبي او قوميتي او عرقي او لوني او جنسي او لغتي او رأيي او اصلي، لا اساوم على هذا الحق ، وهو حق انساني بامتياز ، وانا، انا اقرّر من أنا، هويتي لايفرضها عليّ احد تحت اي حكم او نظام او زعيم او عقيدة او حزب، واؤمن ان التمرّد على اي استبداد او ظلم او قهر او احتلال هو حق مقدّس.

وختم مداخلته الاستاذ فرام انها قضية تستحق نضالاً، حرية التفكير والضمير والوجدان والدين ، ان الكرامة الوطنية متأصلّة، ارفض ان يُلغيني احدٌ أو ان يُسّميني اقلّيات وهو اكثريات، او ان أُصنف درجة أخيرة في المواطنية.

الاستاذ عمر زين الامين العام السابق لاتحاد المحامين العرب والمنسق العام لشبكة الامان للسلم الأهلي،تحدث عن معنى "الإخاء الديني – حماية التنوع الديني في المشرق".

فقال: للبحث في عنوان اللقاء لا بد ان نعود الى دور المبشر الاميركي البروتستانتي "هوبكنز" الذي حاول في الخمسينات من القرن الماضي ان يؤلف فريقاً من المفكرين الاسلاميين وآخراً من المسيحيين في اطار "الصداقة الاسلامية المسيحية" ووجه الدعوة الى الفريقين لأول مؤتمر اسلامي مسيحي بلبنان وكان هذا بتوجيه من المخابرات المركزية الاميركية كما جاء في الكتب والمعلومات والتقارير والدراسات فتم عقد المؤتمر ببلدة "بحمدون" بحينه، وقد اطلق هذا الشعار في سبيل المحافظة على المصالح الاميركية في الحرب الباردة بين اميركا والسوفيات آنذاك اكثر منه طريقاً عقائدياً لإستنكار الالحاد والدعوة لإشاعة القيم الانسانية العليا.

واضاف زين ويمكن القول ان تحويل الامم في المشرق من تعزيز الدولة الوطنية والقومية الى إقامة دويلات على التنوع الديني غايته الوصول الى ما ترمي اليه الصهيونية العالمية لبناء دولة يهودية صافية على ارض فلسطين المحتلة، فتغتصب القدس لتجعلها عاصمة موحدة خاصة لليهود دون غيرهم، أي بإختصار تشجيع قيام دويلات عرقية ودينية وسوى ذلك في المشرق بحيث تكون للدولة اليهودية التفوق العسكري والاقتصادي والعلمي والمالي على هذه الدويلات، وكل ذلك بفعل من الصهيونية ومن حلفائها.

والدكتور محمد امين فرشوخ رئيس كلية الدراسات الاسلامية في جامعة المقاصد  تحدث عن اهمية التواصل الإنساني المباشر، مع وجود جائحة كورونا، ولكننا سنتجاوز ذلك مع اللقاح القادم ان شاء الله قريباً.

وختم فرشوخ كلمته بنقطتين، الأولى لنسعى إلى التعارف، فالتعارف ضد التجاهل، والتجاهل يفضي إلى الإنغلاق، لا إلى التقارب، وبالتالي لا إلى الأخوة، ولنسعى إلى اكتشاف الفرح، بل إلى إظهار الفرح في نفوسنا لنعيشه مع أنفسنا ومع الآخرين، فيقودنا إلى السلام مع أنفسنا وبالتالي مع كل آخر، لا بل مع كل أخ لم تلده أمك.

العميد  الدكتور فضل ضاهر، مفوض الرصد والدراسات والتربية والتطوير في الهيئة الوطنية لحقوق الانسان المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيبكانت له مداخلة خصصها للحديث عن التنوع الديني, وأهميته بالنسبة لمجتمعات الشرق الاوسط, ومسؤولية مؤسسات الفكر والاكاديميا لبلورة موقف موحد من مسالة التنوع زمن التطرف والعنف. 
 
الشيخ مصطفى ملص عضو مجلس امناء تجمع العلماء المسلمين, تناول موضوع تأصيل الشعور بالانتماء الإنساني لأبناء هذا الشرق،  وقال: نحن في الشرق لدينا الاديان التوحيدية التي تقول بإله واحد خالق للكون، والذي لا يصح التوجيه بالعبودية لسواه، وبالتالي، لا يصح التعاطي مع خلقه إلا باعتباره محل تكريمه ومحط إفضاله.

وأضاف ملص لقاء الأديان يساوي لقاء الإنسان، اللقاء الإنساني مقدم على لقاء الأديان، نحن لدينا مشكلة في فهم الدين عندما يزعم اتباع اي دين احتكار الخلاص، فليس هناك دين يحتكر الخلاص، وإنما يوجه إلى سبله، وللأسف، رجال الدين يصرون على أن لا خلاص إلا باتباع منهج معين.
 
وقال الاستاذ سركيس أبو زيد رئيس منتدى تحولات: كنت اتمني اليوم أن أكون معكم شخصيًا؛ لكن الظروف الصحية منعتني من أن اشارك معكم بهذه الوقفة؛ بالشهادة؛ بالمناسبة التي  هي نوع من الشهادة ضد الكراهية؛ ضد البغض؛ ضد إلغاء الآخر. هي دعوة إلى المحبة؛ إلى الأخوة بين البشر وبين الأديان ؛ بين الحضارات. خاصةً بهذا الزمن إلذي يشهد على المستوى العالمي وخاصةً في لبنان والمشرق محاولة لتأجيج صراع الأديان؛ صراع للفتن؛ للخلافات؛ للعنصرية؛ للبغض. لهذا السبب يجب ان  يكون هناك وقفة وتشارك بهذه المبادرة حتى يكون في شراكة أوسع ضد حروب الأديان التي يحاول البعض ان  يستغلها من اجل  فرض سيطرته وهيمنته. لهذا السبب لازم يكون في مواقف ومبادرات وشبكة أوسع من مختلف الجمعيات والمؤسسات والقوى الحية؛ للتأكيد على إن  المشرق هو نموذج للحياة الوحدة المشتركة؛ لوقف كل أشكال العنصرية والكراهية والبغض.

وختم ابو زيد: اتمنى أن تكون هذه  المبادرة إنطلاقة لعمل أوسع؛ لحملة واسعة؛ لشبكة من كل هذه القوى حتى نكون شهود ضد الكراهية.

أما إمام مسجد الأوزاعي الشيخ هشام خليفة فشدد على ان الإسلام ينطلق  في نظرته الأولى والتي يحدد من خلالها اصل التعامل بين الناس، والتي هي الركيزة الأولى للتلاقي الانساني،وتؤصل المفهوم الحقيقي لأصل الجنس البشري الواحد، والذي لا تمايز بينه، ولا تمييز فيه بين البشر جميعاً.

ومنسق تجمع اللجان والروابط الشعبية والامين العام السابق للمؤتمر القومي العربي الاستاذ معن بشور قال: فاذا كنت مؤمناً بإحدى الرسالات السماوية، فانت مدعو لاحترام المؤمنين بالرسالات الاخرى، واذا كنت قومياً مؤمناً بوحدة الامّة، فأنت مُلزم  ان تعبّر عن احترامك لكل تنوع في امتك، دينيّاً كان أم عرقيّاً ام اسميّاً، واذا كنت وطنياً حريصاً على وحدة وطنك ودولتك ، فمن واجبك أن تحمي التنوع الديني الذي هو السبيل لحماية التعددية في المجتمعات القائمة على التعدديات.
 
الشرق نموذج للتنوع الديني والأديان السماوية تحمي هذا التنوع

وأضاف بشور واذا كنت ديمقراطياً حقّاً فأنت مُلزم لاحترام الرأي الآخر قبوله، وكيف اذا كان الرأي الآخر عقيدة دينيّة يؤمن بها الملايين من حولك. حماية التنوع الديني هو حصننا في وجه كافة محاولات الاقصاء والالغاء، التي تحمل معها كافة ممارسات الغلو والتوحش التي تحيط بنا، بل ان حماية كافة انواع التنوع والتعدد الثقافي والفكري والسياسي ، ايضاً هو ضمانتنا للسلم الاهلي الذي لايهتزّ الا اذا سادت لغة اقصاء الآخر  وتمزيق اواصر الاخوّة في المجتمع.

أما الأب نعمة صليبا, فكانت له مداخلة تركزت على مصطلح الإخاء الديني، فقال: هذا المصطلح العائلي والذي نراه اليوم أكثر فأكثر يواجه خطاب التحديات وخطاب الكراهية الذي نواجهه في عالمنا اليوم، مضيفاً: نحن اليوم مطالبين من الناس كقيادات دينية أن نستطيع أن نقدم خطاباً افضل للناس ومرتكزات، وإن يكون خطابنا فيه تجدد.

و المصطلح الذي قدمه لنا البابا فرنسيس مع شيخ الأزهر بوصية الأخوة، هي عنوان عريض، نصطفي منه جدول أعمال مهم لمجتمعنا اليوم.

والمطران بولس مطررئيس أساقفة بيروت سابقاً اعتبر أن التعارف بين «الشعوب والقبائل» هو أمرٌ إلهيّ وهو بالتالي مُلزم لجميع الناس دون استثناء، وإلى يوم القيامة. وعندما تزيد الآية الكريمة بالقول: «إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم» إنّما هي تشير إلى أنّ مكارم الأخلاق هي من ثمار تقوى الله في النفس والسعي إلى نيل رضاه في الدنيا والآخرة.

الاباتي أنطوان ضو رئيس اللجنة الاسقفية للحوار الاسلامي المسيحي, تحدث عن الآفاق العلاقات المسيحية الإسلامية فقال: "ومن هنا، فان المسيحيين والمسلمين مدعوون الى الالتزام بطاعة الله، والاصغاء الى كلامه الحي، والاستجابة لدعوته الى التلاقي والتعارف والتفاهم والعمل في خدمة المحبة، محبة الله ومحبة الإنسان ومحبة المسيحيين لاخوتهم المسلمين، ومحبة المسلمين لاخوتهم المسيحيين، واحترام هوية كل انسان وحضارته وثقافته ودينه وخصوصيته من أجل تحقيق الشركة في المحبة والوحدة في التنوع.

بعد ذلك أصدر  المشاركون البيان الختامي, ومن ثم جالوا في ارجاء المعرض الذي تضمن صوراً وكتباً عن التنوع الديني في المشرق.
captcha