ایکنا

IQNA

المطر؛ تجلّي النظام الإلهي في الطبيعة

9:48 - December 14, 2025
رمز الخبر: 3502794
طهران ـ إنّ المطر ليس مجرد ظاهرة طبيعية؛ بل هو يعكس النظام والتدبير المدهش الذي يرويه القرآن الكريم من خلال إرتباط دقيق بين الرياح والسحب والمطر والحياة.

والمطر هو أحد أهم الظواهر الحيوية في الطبيعة؛ ظاهرة أبرزها القرآن الكريم مراراً كـ علامة على الربوبية والحكمة والتقدير الإلهي.

وتظهر دراسة آيات القرآن الكريم أن هذا الكتاب الإلهي، بلغة هادفة ودقيقة في الوقت نفسه، يصف المراحل المختلفة للعمليات الجوية من الرياح إلى تكوّن السحب، ونزول القطرات وجريان الماء في الأرض.

وقال الله تعالى في الآية 57 من سورة الأعراف المباركة "وَهُوَ الَّذِی یُرْسِلُ الرِّیَاحَ بُشْرًا بَیْنَ یَدَیْ رَحْمَتِهِ حَتَّىٰ إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَیِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَٰلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَىٰ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" حيث يُعرِّف القرآن الرياح بأنها الحلقة الأولى في سلسلة هطول المطر.


إقرأ أيضاً:


ويوضّح أن الرياح التي تسبق السحب وتتحرك أمامها، واليوم يؤكد علم الأرصاد الجوية أن للرياح دوراً أساسياً في تكوين السحب الممطرة؛ فالرياح ترفع بخار الماء من سطح البحار والنباتات وتنقله إلى الطبقات العليا، كما تنقل الكتل الرطبة وتمنحها البنية وتوفر ظروف التكاثف.

تتسبب التيارات الهوائية الصاعدة في تبريد البخار وتكوين نوى الجليد أو قطرات الماء الصغيرة. يتوافق هذا الوصف العلمي تماماً مع البيان القرآني بأن الرياح هي مقدمة المطر.

مراحل تشكيل السحب والمطر

قال الله تعالى في الآية الـ43 من سورة "النور" المباركة "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا..." هذه الآية هي أحد أروع الأوصاف لمراحل تشكيل السحب في النصوص الدينية. يمكن رؤية ثلاث مراحل علمية جوية بوضوح في الآية: "يُزْجِي سَحَابًا". تحرك الرياح الضعيفة كتلاً صغيرةً من البخار.

"يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ"؛ تتحد السحب الصغيرة لتشكل نظاماً أكبر. "يَجْعَلُهُ رُكَامًا"؛ تتشكل السحب المتراكمة عمودياً. وهي نفس السحب التي تؤدي إلى الرعد والأمطار الغزيرة. يؤكد العلم اليوم أيضاً المراحل الثلاث المذكورة أعلاه كمسار لتشكيل السحب الممطرة. يتوافق وصف القرآن تماماً مع البنية الدقيقة لعملية تكوين كتل السحب.

وجاء في الآية الـ21 من سورة الزمر المباركة "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ یَنَابِیعَ فِی الْأَرْضِ ثُمَّ یُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ یَهِیجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ یَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِی ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِأُولِی الْأَلْبَابِ". تشير هذه الآية بشكل مدهش إلى الدورة الهيدرولوجية: نزول المطر، تسرب الماء في التربة، جريانه في الطبقات السفلية، تحوله إلى ينابيع ومياه جوفية، وفي النهاية، نمو النباتات واستمرار الحياة. تقريبًا جميع المراحل الرئيسية لدورة الماء التي تُعرّف اليوم في علم الهيدرولوجيا، تظهر في هذه الآية.

المطر. علامة واضحة على ربوبية الله وتدبيره وحكمته

مجموعة من آيات القرآن الكريم تقدّم هطول الأمطار كعلامة للتفكير في الربوبية الإلهية: "فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ" (سورة البقرة/الآية 22) المطر، يربط السماء بالرزق. "لِقَوْمٍ یَتَفَكَّرُونَ" (سورة النحل/ الآية 11)، دعوة مباشرة للتفكير في نظام الطبيعة، "فَانْظُرْ إِلَىٰ آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ…" (سورة الروم/ الآية 50)، إحياء الأرض بواسطة المطر. المطر في نظر القرآن ليس مجرد ظاهرة فيزيائية، بل هو مرآة للتدبير الدقيق، والرحمة الواسعة، والربوبية الدائمة لله.

 التناغم المذهل بين الوصف القرآني والاكتشافات العلمية

ويُظهر القرآن الكريم المطر في سياق كامل: الرياح، المحركة والممهدة. تجمع السحب، عملية مرحلية ودقيقة. نزول القطرات بناءً على قوانين فيزيائية. جريان الماء، المكون للينابيع والأنهار. التقدير، الاعتماد على النظام والقانون، وفي النهاية، الربوبية الإلهية، الهدف النهائي للدعوة إلى التفكير.

القراءة العلمية اليوم لهذه العملية توضح دقة القرآن المذهلة في وصف النظام الطبيعي. هذا النص الإلهي ليس كتاب فيزياء، بل هو كتاب الهداية. ولكنه في مسار الهداية، يقدم صورة للطبيعة تتناغم وتلهم مع الاكتشافات العلمية الموثوقة.

4322420

captcha