وتحدثت وکالة "إکنا" للأنباء القرآنية الدولیة مع الکاتب والمفكر السیاسي اللبناني ورئیس المرکز العربي الدولي للتواصل والتضامن الدکتور "معن بشور" حول الحرب التي یشنّها الکیان الصهیوني ضد الشعب الفلسطیني في غزة والضفة والقدس الشریف والصمت العربي والإسلامي والدولي حیث إستهل المقابلة بالقول إن "في هذه اللحظات التأریخیة الهامة في حیاة أمتنا والمنطقة کلها بل والعالم لابد أن نوجه التحیة إلی کل أبطالنا في فلسطین في کل شبر من أرض فلسطین، في القدس وفي غزة وفي الضفة وفي أراضی 48؛ نحیي شهداءهم وجرحاهم ونحیي تضحیاتهم ونقول لهم إنکم تصنعون تأریخاً جدیداً لفلسطین وللأمة وللعالم کله في مواجهاتکم مع هذا الإجرام الصهیوني العنصري الإرهابي بکل المقاییس ولیس لي من کلام أوجهه سوی أن عافاکم الله ومنحکم القوة والقدرة علی الصمود والمقاومة وهزیمة العدوان".

وفیما یلي نص لمقابلة:

لماذا یتعمد العدو الصهیوني إستهداف المباني المأهولة بالسکان وکذلك الأماکن المدنیة والمكاتب الخبرية في غزة؟

لیس هذا بالأمر الجدید علی العدو الذي نشأ بالإجرام ومازال مستمراً فیه لقد شهدنا في لبنان کل أشکال الإجرام وقبل أیام أحیینا ذکری "مجزرة قانا" وفي 2006 کان العدو یرکز علی المباني المدنیة وذلك تعبیراً عن وحشیتهم وأیضاً عن عجزهم لمواجهة المقاومین الحقیقیین لذلك تراه یستهدف الأطفال ویستهدف النساء ویستهدف الشیوخ ویستهدف الإعلامیین في تعبیر عن عجز عن مواجهة المقاومین الحقیقیین وهو یعتقد أنه بإستهداف المدنیین وبإستهداف الأبریاء إنما یضغط علی المقاومین لکي یفرض علیهم الإستسلام وهو یعرف أنه یواجه شعباً یرفض الإحتلال بکل أجیاله وفئاته ولذلك لم یخرج من هذه المعرکة الا وأیدیه ملوثة بمزید من الدماء، دماء الفلسطینیین والعرب والمسلمین ولن یخرج من هذه المعرکة الا مهزوماً عسکریاً وسیاسیاً ومهزوماً قبل کل شئ أخلاقیاً.

صواریخ المقاومة الفلسطینیة فرضت معادلة توازن ردع جدیدة فی مقابل القصف الإسرائیلی لقطاع غزة، کیف تحلل رد المقاومة علی العدوان الصهیونی؟

ومقاومتنا للعدو الصهیوني تدرجت من مظاهرات کنا نقوم بها إلی حجارة یرشقها أطفالنا إلی عملیات إستشهادیة یفجر فیها الفدائي نفسه في مجموعات من المستوطنین أو الجنود إلی صواریخ بدأت قصیرة المدی ثم متوسطة المدی والیوم باتت بعیدة المدی؛ هذا تطور واضح في قدرات المقاومة وعلی مواجهة العدو والیوم بات العدو بالفعل أمام معادلة جدیدة لقد فرضت غزة ثم فرض جنوب لبنان معادلة ردع علی هذا العدو لکن بهذه المعرکة توسعت المعادلة لتصبح معادلة علی مستوی فلسطین کلها لقد ربطت صواریخ غزة الیوم بأن أمن غزة بأمن القدس وبأن أمن غزة بأمن الضفة وأمن غزة بأمن عرب 48 لذلك هي الیوم معادلة جدیدة لم یعد هذا العدو قادراً علی الإستباحة کما کان في أیام سابقة ربما تسفك دماء وربما تراق دماء وربما یستشهد أبطال من فلسطین لکن هذه التضحیات لن تذهب هدراً لقد تغیرت المعادلة ونحن الیوم ننتقل من مرحلة إلی أخری لکی نصل إن شاء الله إلی التحریر الکامل لأرض فلسطین من البحر إلی النهر.

هل أیقضت جرائم الإحتلال في القدس وواحات المسجد الأقصی وحی الشیخ جراح وکذلك العدوان الصهیونی علی غزة الخمول العربي والإسلامي تجاه القضیة الفلسطینیة؟

هذا العدوان وهذه المقاومة کشفا أمرین في وقت واحد، کشفا أن الشعوب العربیة والإسلامیة في مکان والحکام في مکان آخر لقد رافقت هذه المواجهات البطولیة في فلسطین صحوة شعبیة عربیة وإسلامیة ویمکن أن یبني علیها کما رافق هذه المواجهات صمت معیب للعدید من الحکومات العربیة والإسلامیة والتي أعتقد أنها مازالت حتی الآن تعتقد أن قدرها مربوط بالإدارة الأمریکیة التي دورها مربوط بمصلحة الکیان الصهیوني.

حین تتوسع هذه الصحوة الشعبیة العربیة والإسلامیة وتتحول إلی قوة ضاغطة علی هذه الحکومات یمکن أن تستیقظ بعض هذه الحکومات ویعید النظر في حساباته تلك الحسابات التي قادته إلی التخاذل وإلی التراجع وإلی التطبیع وإلی التحالف مع العدو.

یؤکد بعض الخبراء والمحللین أن الإحتلال الصهیونی بات في مأزق فی کیفیة التعامل مع الشعب الفلسطینی الذي لم ولن یرضخ للإحتلال الصهیونی مهما کان الثمن, ما هو رأیكم؟

هذا کلام صحیح، العدو الصهیوني قام بالعدید من الإحتلالات علی فلسطین وعلی لبنان وعلی سوریا وعلی مصر حتی علی تونس والسودان ودول عربیة عدیدة، لکنه هذه المرة في مأزق حقیقي المأزق ناجم عن أوضاع العدو الداخلیة وعن إرتباك جبهته الداخلیة وخصوصاً مع هذه الإنتفاضة التي هبت في الأراضی المحتلة عام 48 والتي أظهرت أن هذا الکیان هش وهو کـ بیت العنکبوت کما یقول دائماً الأمين العام لحركة حزب الله اللبنانية "سماحة السید حسن نصر الله".

وهو في مأزق خارجي وفي مأزق دولي لأن الإعتماد السابق علی الولایات المتحدة لم تعد واشنطن قادرة علی أن تساعده کما کان الأمر سابقاً بسبب المأزق الذي تعیشه واشنطن ذاتها في الداخل الأمریکي.

ثم هو یواجه مأزق مع تنامي قوی المقاومة في الأمة، قوی المقاومة الممتدة من فلسطین إلی الجمهوریة الإسلامیة الايرانية مروراً بالشعب العراقي مروراً بالصمود السوري مروراً بالمقاومة في لبنان وطبعاً المقاومة في غزة کل هذا یجعل العدو في حیلة من أمره فإذا هو تقدم إنکشف أکثر أمام العالم إنکشف إجرامه وإنکشفت عنصریته وإنکشف عدوانه وإذا تراجع واجه هزیمة أمام جمهوره أمام مواطنیه وبات یعیش إحراجاً کبیراً لذلك وضع العدو الیوم کما کان في لبنان العام 2006 فهو عالق في المصعد لایستطیع أن یتقدم ولایستطیع أن یتراجع وهذا من إشارات الإنهیار الشامل فیما لو تصعدت المقاومة وتوحدت الجهود الخیرة والمؤمنة بحق فلسطین للتحریر الکامل.

لماذا بعض الدول الأوروبیة التی تزعم الدفاع عن حقوق الإنسان حظرت التظاهر للدفاع عن الشعب الفلسطینی؟

هناك مظاهرات نظمها أحرار في تلك الدول وکان ینظمون عادة المظاهرات في مواجهة أي عدوان علی أي بلد من بلدان هذه المنطقة العربیة  الإسلامیة لذلك لیس غریباً علی الأحرار في أوروبا وعلی الأحرار في الغرب وعلی الأحرار في الولایات المتحدة الأمریکیة أن یتحرکوا خصوصاً في ظل دعم حکوماتهم للکیان الصهیوني هم شعوب نشأت علی إحترام الحریة وحقوق الإنسان وها هي حکومات تناصر عدواناً یضرب کل مبادئ حقوق الإنسان ویکشف عنصریته وبربریته وإرهابه وبالتالي هذه الشعوب لاتنتصر فقط لفلسطین فی وجه العدوان إنما تنتصر لنفسها في وجه حکومات باتت ضد حریة الشعوب وضد حقوق الإنسان.

کیف تقیمون موقف المنظمات الدولیة بما فیها مجلس الأمن الدولی حول القضیة الفلسطینیة والحرب في غزة والقدس الشریف والضفة الغربیة؟

هناك منظومة تحکم هذه المؤسسات الدولیة وأن تأثیر الإدارة الأمریکیة المنحازة تماماً إلی العدو الصهیوني کبیر في هذه المنظمات ولذلك من الصعب علی مجلس الأمن فی ظل الفیتو الأمریکي والفیتو البریطاني أو الغربي أن یؤخذ قراراً حاسماً یواجه العدوان ویفرض إجراءات صارمة علی المعتدین الصهاینة لکن علینا أن نلاحظ أن تطوراًَ جدیداً یحصل علی مستوی العالم فی ظل تحولات في موازین القوی أستطیع أن أقول أن مجلس الأمن لن یرضی شعبنا الفلسطیني ولن یأخذ قرارات ترضی الشعب الفلسطیني لکن مجلس الأمن لم یعد کما کان علی مدی السنوات الماضیة أداة في ید الهیمنة الأمریکیة.

هذه معرکة کبیرة نخوضها في الساحات والشوارع علی إمتداد عالم ونخوضها علی أرض المیدان الفلسطیني ولکن أیضاً نخوضها في ندوات المنظمات الدولیة وأعتقد أنه من الأفضل علی القیادات الفلسطینیة والعربیة والإسلامیة أن یتوجهوا للجمعیة العامة للأمم المتحدة بدل مجلس الأمن لأن لیس هناك من فیتو وأنا أذکر في العدوان الثلاثي علی مصر أي العدوان البریطاني ـ  الفرنسي ـ الصهیوني علی مصر أیام جمال عبدالناصر عام 56 حیث کان من الصعب أن یتخذ قرار من مجلس الأمن یدین ذلك العدوان ولکن فی الجمعیة العامة إتخذ قرار یومها "إتحاد من أجل السلام" وفي هذا القرار نوع من الإلزام لإجبار المعتدین علی وقف العدوان وعلی الإنسحاب من الأراضی المحتلة. الآن أعتقد أن الدول العربیة والدول الإسلامیة ومنظمة عدم الإنحیاز وأصدقاء العرب في روسیا والصین وفي أمریکا اللاتینیة یمکنهم أن یتوجهوا للجمعیة العامة للأمم المتحدة لأن هناك التصویت متحرر من الفیتو الأمریکي والفیتو الغربي.

ما هو واجب العلماء والشعوب العربیة والإسلامیة وکذلك المنظمات العربیة والإسلامیة تجاه هذا العدوان الصهیونی علی قطاع غزة وکذلك القدس المحتلة؟

لاشك أن ما یجري فی فلسطین إهانة لکل عربی وعدوان علی کل عربي ومسلم وعلی کل إنسان علی وجه الأرض لذلك ینبغي أن تستمر الحرکة المتضامنة مع أهلنا في فلسطین علی کل المستویات یجب أن یکون هناك حرکة علی المستوی الشعبي وحرکة علی المستوی البرلماني وحرکة علی المستوی النقابي وحرکة ضاغطة علی الحکام أنفسهم لأننی أعتقد أنه علی الحاکم أن یدرك أن المتحکم بهذه الأیام بشئون العالم لیس الإدارة الأمریکیة بل هو الشعوب أیضاً بل الأصل هم الشعوب وهذا زمن الشعوب.

وما یجری في فلسطین هو إمتحان لعروبة أي عربی ولإسلام أي مسلم ولمسیحیة أي مسیحي ولإنسانیة أي إنسان ولذلك بقدر ما تتحرک الشعوب وتتحرك المنظمات المدافعة عن حقوق الشعوب في کل مکان في بلداننا العربیة والإسلامیة وعلی إمتداد العالم ونحاصر هذا العدو الذي قام بالأساس علی دعم دولي وعلی تصویر نفسه بأنه ضحیة وأقلیة تعاني من إضطهاد الأکثریة ها هو الیوم العدو ینکشف أمام العالم وهذا الإنکشاف یزعزع أحد مصادر قوته ویجب أیضاً أن نواصل زعزعة مصادر قوته الأخری.

القبة الفولاذیة لهذا العدو لیست تلك التی یزرعها هنا وهناك لمنع الصواریخ الفلسطینیة من أن تصیب أهداف صهیونیة إنما القبة الحدیدیة الحقیقیة هي في هذا الواقع الرسمی العربی والإسلامي الذی یحاول أن یسایر هذا العدو ویصمت علی جرائمه وأن یتحالف معه ضد أمته وضد شعب فلسطین وضد القدس وضد الأقصى وضد کل المقدسات.