ایکنا

IQNA

العودة التاريخية.. وثورة تغيير المصير

14:10 - February 12, 2022
رمز الخبر: 3484742
عواصم ـ إکنا: قبل 43 سنة، وبتاريخ 1 فبراير 1979، وفي مطار طهران، تم توثيق رحلة العودة التاريخية.. عودة آية الله الخمينی(رض) مؤسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بعد أن قضى 14 سنة في منفاه، متنقلاً بين تركيا والعراق وفرنسا.

وكان سبب نفيه خطبة ألقاها وانتقد فيها سياسة الشاه، التي اضطهدت العباد والبلاد، واستغلت ثرواتها شر استغلال، فأضحت على أسوء حال، مما اضطر الإمام الخميني(رض) إلى اختيار العودة إلى إيران بالطائرة، وهو يتحدى بذلك تهديدات الشاه وجيوشه وكل أعدائه.

لقد أثبت الإمام(رض)، بهذا الاختيار أنه من الرجال الصادقين الذين لايخافون في الله لومة لائم، والذين ذكرهم الله تعالى في قوله: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ﴾ [ الأحزاب: 23 ].

لقد كان الإمام في أخطر المواقف وأشدها صعوبة،  إذ  وردته معلومات، تفيد  أن هناك  ضربة من قبل سلاح الجو الإيراني، الموالي للشاه، ستوجه لإسقاط الطائرة، حين  دخولها المجال الجوي الإيراني، لكنه لم يتخد من الاحتياط له إلا صلاة ركعتين، تم بعدها الاستسلام لله عزوجل، حتى بلغت الطائرة مقصدها.

وكانت صلاة، منحته الطمأنية العميقة، والأمان والهدوء.. صلاة جعلته يطير فوق المدافع  والصواريخ العدوانية وهي كلها مسددة نحوه، في حين كان كثيرون ممن رافقوه، لم يستقلوا نفس الطائرة، لأنهم كانوا خائفين، أما من ركبوا معه،  فمعظمهم كانوا قلقين متوترين، أو خائفين من لحظات غدر، قد تصوبها صواريخ الشاه، وكل الأعداء من الإنجليز والأمريكان، أوكل من لايريد لهم العودة إلى إيران، فالعودة بالنسبة، لهم تعني تغيير المصير.

وغادر الشاه إيران فى 16 يناير 1979 مجبراً بعد عدم تمكنه من الصمود أمام الاضطرابات في معظم المدن الإيرانية، وبعد أن تخلت  عنه الدول الحليفة له، لأن حكومته فقدت السيطرة على البلاد منذ عمت الفوضى، والإضطرابات والانتفاضات المتواصلة، التي ساهم فيها الشعب جله وبكافة قواه وفصائله، من طلاب الجامعات وعمال وبسطاء وغيرهم ..قدم فيها عشرات الآلاف من الضحايا والشهداء.

وغادر الشاه إيران، ولم يعد أبدا إليها، وعاد الإمام الخميني(رض) إلى إيران، ولم يغادرها أبداً.. لقد عاد الإمام إلى إيران، وهو فاتحا مظفراً، وبعودته.. كانت نهاية حقبة، وبداية أخرى..  تغيرت فيها إيران من النقيض إلى النقيض، وتغيرمعها مصير المنطقة كلها.

وفي ظرف 10 أيام سقطت الملكية، وتمت الإطاحة من طرف الجماهير الإيرانية بالشاه محمد رضا بهلوي، وارتفعت راية الإسلام باسم الرجل العظيم، الذي بدت إيران، بل العالم كله وكأنه على موعد معه.
العودة التاريخية.. وثورة تغيير المصير
ولقد أدرك آية الله الخميني حينها، أن شعباً بكامله، يتبعه، وينتظر منه أن يرشده الى الطريق الواجب سلوكه عملياً، فبرزت قوته، في مواقفه التي عاشها بكل طمأنينة وصلابة وقوة، أظهرت معها قيادته الرشيدة والموحدة للثورة، وظهر معها تميزه عن باقي الزعماء، وتميز ثورته عن باقي الثورات.

وإنّ قضية القائد واختياره وتحديد المواصفات والمؤهلات التي ينبغي أن يتميز بها، من الأمور الضرورية في حياة الأمم والشعوب، لما لهذه القضية من تأثيرها المباشر في وحدة الأمة، ووعيها وثباتها في وجه التحديات والنكبات، فالقيادة الرشيدة  من أهم أسباب نجاح أي ثورة من الثورات، وتحقيق أهدافها.

وما حدث مع قوم طالوت، لبرهان صادق ودليل واضح، لمن غابت عنه الحقائق، حيث ذكر الله تعالى في محكم تنزيله : ﴿وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ﴾( البقرة:246].

إن قدوم الإمام(ره) كان بمثابة الانطلاقة الحقيقية والنهضة الجماعيّة والرؤى القياديّة لهذه الأمّة كلها، فالأمر لم يكن وقتها، بالأمر اليسيركما يتصور، فكم جهد الإمام(ره) ومن معه في الوصول إلى طريق الحق والوحدة، وبذلك استحقّوا أن تفتح لهم صفحات من التاريخ تخلد فيها أعمالهم، بل مازال جهدهم  مستمراً ممتداً على مدى الأزمان والأمكنة،  إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين على هذا النصر العظيم.

بقلم الباحثة والكاتبة الجزائرية "نورة أبولحية"

captcha