ایکنا

IQNA

أكاديمي لبناني لـ"إکنا":

الجهل بالقرآن كان ولايزال من نتائجه توريث الأمة الإسلامية الحسرات

10:25 - May 28, 2023
رمز الخبر: 3491332
بيروت ـ إكنا: صرّح الأكاديمي والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية "الدكتور فرح موسى" أن الجهل بالقرآن كان ولايزال من نتائجه توريث الأمة الإسلامية الحسرات، مؤكداً أن القرآن هو المعجزة الخالدة ويستوعب الزمان والمكان والحياة، بما أسس له من قواعد ومبادئ ومفاهيم ومصاديق تواكب الإنسانية تماماً كما تواكب الشمس وجودنا وحركتنا في الحياة.

وأجرت مراسلة وكالة "إكنا" للأنباء القرآنية الدولية في لبنان الإعلامية "ريما فارس" حواراً مع  الكاتب، والأكاديمي والباحث اللبناني في العلوم القرآنية الدكتور "فرح موسى".

بدايةً عرّف الباحث في العلوم القرآنية الدكتور"فرح موسى" عن نفسه قائلاً: "نشأت في قرية نائية في بلدة "لبايا" التي تقع في البقاع الغربي من لبنان حيث ولد الحر العاملي. من هناك بدأت رحلتنا العلمية إلى بيروت والجنوب، وكانت أولى عنايتنا بالفلسفة الإسلامية ومنها ومعها كانت بداية التدبر في القرآن الكريم. بعد أن تأكد لنا أن أي علم لكي يكون مفيداً ومنتجاً لابد أن يلامس المعارف القرآنية".

وأضاف: "قد بدأنا عملنا بتدبر ذاتي من خلال قراءة العلوم القرآنية ومتابعة التفاسير ومناهج التفسير، وهذا ما دفع بنا أيضاً إلى متابعة علوم النحو والصرف، والاشتقاق نظراً لما يلازم العلوم القرآنية من ذلك باعتبارها علوماً ضروريةً لايمكن الاستغناء عنها في تحصيل المعرفة القرآنية".

وتابع الدكتور "فرح موسى": "هكذا كان منا العمل الدؤوب استغرق عقدين من الزمن في التأليف والتبويب، ولم تكن عندنا الجرأة الكافية للبحث العلمي في المجال القرآني إلا بعد أن اطمأن القلب الى بعض المسائل التي رأينا أن العلماء يختلفون حولها في مناهجهم للتفسير القرآني، فشرعنا بتناول بعض المسائل لاستخلاص الموقف القرآني منها".

وصرح الأكاديمي اللبناني: "بما أني كنت ملازماً للإمام الشيخ "محمد مهدي شمس الدين" في كثير من دروسه وتدبراته العلمية فقد وفقنا لكتابة بعض البحوث العلمية حول القرآن الكريم، ولقد زادت قناعتنا من خلال بحوث أولية قدمناها في مجال العلوم القرآنية أن هذا الكتاب الإلهي لايزال مهجوراً في حياتنا، إذ لاتزال هناك الكثير من المعارف المجهولة، وقد تابعنا العمل على منهجية خاصة في التفسير كان من شأن اعتمادها توضيح الكثير من الملابسات في مجال العلوم القرآنية".

وأضاف الدكتور "فرح موسى": "هذا ما لم يحصل قديماً ومنذ مئات السنين فلاتزال الإسرائیليات حاكمة في كثير من المسائل القرآنية، نعم الكلام يطول بنا فيما لوأردنا توضيح هذا الأمر، وقد لفت إليه كثير من العلماء، لقد انطلقتنا في دراساتنا الأولية من تأسيسات حاكمة في المجال القرآني، إذ وجدنا العلماء لاينطلقون في مناهجهم من قاعدة أن للقرآن الكريم خصوصية في استخدام المفردات القرآنية، وكعادتهم فهم يفسرون مفردة بمفردة، وكأن القرآن كتاب أدبي ليس له ما يميزه من كونه كتاباً إعجازياً، فقالوا بالتنويع للحيلولة دون ملل القارىء، وقالوا بالترداف إلى غير ذلك مما حال دون استخلاص المواقف والمعارف الصحيحة من القرآن الكريم.هكذا،كانت البداية بالتأمل والتدبر وتحديد الخصوصية القرآنية في ضوء اللسان العربي، وسائر العلوم التي يحتاج إليها المفسر، فالدراسة لم تكن سهلة ولن تكون كذلك طالما أن هذا القرآن هو المعجزة الخالدة ويستوعب الزمان والمكان والحياة، بما أسس له من قواعد ومبادئ ومفاهيم ومصاديق تواكب الإنسانية تماماً كما تواكب الشمس وجودنا وحركتنا في الحياة.

وفي السؤال عن مؤلفاته في العلوم القرآنية؟ أجاب: أشير إلى بعضها أم البعض الآخر حالت ظروف واقعية دون نشرها، الكتاب الأهم  هو  "منهجيتنا في مجال التفسير"، حيث تبين لي أن أكثر مناهج المفسرين تعتمد التفسير الترتيبي(التجزيئي)ْ ومن مواطن الخلل فيه أنه لايعطف آخر الآيات على أولها، حيث لم يلتفت بدقة إلى ما اعتمده الرسول(ص) وأهل بيته من رؤية موضوعية في تفسير القرآن، وهذا ما أفسح المجال للرواية الإسرائيلية أن تدخل بقوة في مجال التفسير واستخلاص النتائج، فكتاب "وعد الآخرة في القرآن، من المسجدالحرام الى المسجدالأقصى" هو الكتاب الأول الذي ركزت فيه على أهمية فهم المفردة القرآنية في السياق القرآني كله، وقد يكون لهذا الكتاب فائدة في التأسيس لمنهجية جديدة في التفسير،  وهناك كتب أخرى مثل:"اليهود والذين هادوا"، و"أهل الكتاب والذين أوتوا الكتاب"، وكتاب "إضاءات قرآنية".

وفي السؤال عما توصل  إليه من جديد في تفسير القرآن؟ أجاب الدكتور "فرح موسى" هناك نقاط محددة أشير إليها، منها:

1 ـ یتطلب الاستفادة من عرض الروايات على القرآن تسليط الضوء على التدبر في القرآن، فإذا لم نهتدِ الى الحقيقة القرآنية، فكيف يمكن فهم الرواية المنسوبة إلى الرسول(ص) وأهل بيته؟

2 ـ ثم إنه ماذا لو لم تكن الظهورات القرآنية مستوفاة جيداً، فهل يمكن لنا فهم الرواية لجهة موافقتها للقرآن أو مخالفتها له؟ وماذا لو لم يكن ممكناً معالجة التعارضات، فهناك ظهور قرآني لمفردة فهمت في دائرة الكفر، فماذا لو كان لها ظهور في الإيمان،..لقد عنينا بهذا كله فهم الظهور لا يكون إلا باستيفاء كامل المعنى للآيات في السياق القرآني كله، الذي في ضوئه يمكن فهم الظهور، وقس على هذا الكثير من المسائل العلمية والشرعية والتاريخية وأعنى بهذا فهم القصص القرآني.

ومما سلطنا عليه الضوء أيضاً في المنهج، عدم التمييز بين ما هو شرعي وما هو تدبيري، ألم نلاحظ كيف أن الكثير من المفسرين وهم بالمئات قددمّروا منظومة القرآن بالناسخ والمنسوخ ولو أنهم اهتموا بالتفسير كما يجب لكانوا علموا أن القرآن يفسر بعضه بعضاً، ولا ينسخ بعضه بعضاً.

وتابع الدكتور "فرح" حديثه قائلاً": لقد نسخ الصفح والعفو والإحسان والسلام بما سموه بآية السيف، نعم نسخوا كل شيء فلم يبق من القرآن إلا ما يدعو إلى الغلو والتطرف والإرهاب.لقد توصلنا إلى حقيقة مفادها أن القرآن يحتاج الى منهجية في التفسير، فهو الأصل وليس الرواية، والرسول(ص) لم يأتكم بشيء من خارج القرآن، فلايقال إن هناك أحكام وتعاليم وتشريعات ليس لها أصول قرآنية، إن الجهل بالقرآن كان ولايزال من نتائجه توريث الأمة الإسلامية الحسرات، أنتم أيها العلماء تقولون إن الخمس في أرباح المكاسب ليس مستفاداً من ظهور آية الخمس في سورة الأنفال.

وأشار الدكتور "فرح موسى": "أنتم تقولون وتختلفون في آيات الفيء في سورة الحشر بين قائل بالمقابلة بين الآيات، وقائل بالتبيين أو العطف، فإذا كنا مختلفين في فهم الآية، ولم تجدوا توجيهاً في الروايات يحسم الموقف، فماذا تفعلون؟ وكيف تحكمون؟ هذا فضلاً عما ذهب إليه البعض من قول بالنسخ! ولهذا نحن نرى في منهجنا أن التدبر السليم في القرآن الكريم وهو شرط كل فهم سليم في الرواية، عجباً من أمة نسخت كتابها المقدس بجهلها وتحكيم الرواية بكتابها، فبدل أن تجعل من كتابها ميزاناً لفهم الحياة، نجد أنه تم عطف الكتاب على الهوى، فاستحال كل شيء إلى ما يراه هذا المذهب أو ذاك، فلو أن منهجية التفسير فهمت لماذا أعطى الرسول(ص) الغنائم في غزوة حنين للمؤلفة قلوبهم دون الأنصار، لكان تم تعقل معنى أن يكون التدبير لآية الخمس هو الحاكم، إذا لو كان تشريعاً أيها الناسخون لكتاب الله، لما حرم منه الأنصار وهذا من شأنه أن يفسر لنا معنى أن تكون الأنفال لله والرسول(ص).

وفي الختام قدم الدكتور "فرح موسى" نصيحة لطلاب العلوم القرآنية مفادها بأننا ننصح طلابنا أن يتدبروا القرآن جيداً، وأن يستوفوا حقيقة الإعجاز البياني في القرآن، وأن يعملوا على أساس أن السياق أصل وحجة في التفسير، وأن آيات القرآن توقيفية، فلايعبأ بأقاويل الرجال أن هناك آيات وضعت في غير أماكنها، فإذا قلنا بغير هذا، ستكون النتيجة اضطراب القرآن، وتثويره ليكون كتاباً ملتبساً، وهذا ما تجلى لنا في أقاويل الرجال حول آية التطهير وآيات إكمال الدين. ننصح طلابنا البدء بدراسة المفردات القرآنية بشكل يستوفي الدلالات كلها ليكون ذلك معيناً لنا في فهم الظهور القرآني وإلا استمرينا على ما نحن فيه من التباس في فهم القرآن والرواية معاً، وقد قال الرسول (ص): "فَإِذَا الْتَبَسَتْ عَلَيْكُمُ الْفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ فَعَلَيْكُمْ بِالْقُرْآنِ" فلم يقل بالسنة ولا بأقاويل الرجال الذين نسخوا كل شيء لحساب المصالح والأهواء.

تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:

twitter

facebook

whatsapp

captcha