وقال ذلك، الدكتور عبدالأمير كاظم زاهد في الكلمة التي ألقاها أمس الثلاثاء 1 أغسطس / آب 2023 للميلاد عبر تقنية الاتصال المرئي في الندوة الدولية الإلکترونیة التي نظمتها وكالة الأنباء القرآنية الدولية(إکنا) تحت عنوان "أهم خطوات منع تكرار تدنيس المصحف من منظور الآكاديميين" وتحت شعار "وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ".
وبدأت فعاليات هذه الندوة بتلاوة آيات من الذكر الحكيم بصوت المقرئ المصري الشهير "الشيخ الدكتور عبدالفتاح الطاروطي"، وبعد ذلك تحدث الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين "الشيخ الدكتور علي محيي الدين القره داغي" حول "الحلول الاقتصادية لمنع تكرار الإساءة الى القرآن"، و"القدرات الدبلوماسية لإدانة ومواجهة العمل العدواني والبغيض المتمثل بإهانة القرآن".
كما تحدث في هذه الندوة الالكترونية كل من رئيس الجامعة الإسلامية في لبنان "د. حسن اللقيس"، ورئيس قسم التاريخ والحضارة الإسلامية بجامعة "ملایا" الماليزية "البروفیسور محمد رسلان بن محمد نور"، ورئيس مجلس تنسيق المنظمات الإسلامية في ماليزيا "الدكتور عزمي عبد الحميد"، ومدير شعبة القرآن في الجامعة الإسلامية في النجف "الأستاذ محسن رسول الصفار".
فيما يلي نص المحاضرة:
"السلامُ عليكم و رحمة الله وبركاته، شكراً لوكالة "إكنا" للقرآنية الدولية لتنظيم هذه الفعالية لِنصرة الحق أولاً ولنصرة اليقين العقلي.
وستكون مداخلتي مكوّنة من ثلاثة محاور: المحور الاول: الأسباب الدافعة لموضوع الإساءة الى القرآن والإسلام ومناقشة المستند التبريري في ما يسمى بحرية التعبير وماذا يجب أن تفعله الجامعات الإسلامية والاكاديميون المسلمون.
في تقديري إن أبرز الأسباب التي تدفع بعض المتطرفين للإساءة الى الاسلام هي مجموعة من العقد التلمودية والعقد التوراتية التي كتب عنها بشكل مفصّل المستشرق البريطاني الاصل الاميركي الجنسية "برنارد لويس" في كتابه (أين يكون الخطأ) حيث وجد أن المسلمين امتلكوا الاقتصاد والمعرفة والتدبير العسكري فهزموا أوروبا، لكن الاوروبيین أعادوا امتلاك هذه الامور الثلاثة وأفقدوا المسلمين هذه القدرات وبالتالي تم اخراج المسلمين من اسبانيا ومن جنوب اوروبا ثم بعد ذلك سيطر الاوروبيون على منطقة الشرق الاسلامي.
هذا السيناريو يأخذ طريقه بسهولة لعملية نشر الخوف من الاسلام لاسباب متعددة، من هذه الاسباب ايها الاخوة الاعزاء ان الاسلام ايدولوجية ونظرية كونية جاذبة للمفكرين المثقفين الأوروبيين ولدينا ثلاثة أمثلة على سبيل المثال "روجي جارودي" "روبرت كلين"....هؤلاء الذين أعلنوا اسلامهم وأعلنوا ان البديل الحضاري للعالم هو الاسلام ثم ان هذا اليمين الانجيلي يحاول أن يستثمر سياسياً عملية الفوبيا يعني الاسلاموفوبيا واستثمروا كثيراً موضوع التقرب التكفيري في اثارة العقل الاوروبي ضد المسلمين اذ عمموا النموذج التكفيري المتطرف على عموم المسلمين، وحتى على المعتدلين و الحقانيين وللتدليل على ما اقول في عام 1530م اصدر البابا "كليمنت السابع" مرسوماً بابوياً بإحراق ترجمة القرآن.
وصدر قرار محكمة التفتيش في اسبانيا في منع اي ترجمة للقرآن الكريم وصادرت سلطة "بال" القرآن المترجم، كل ذلك تم تحت مبدأ ما يطلق عليه بحرية التعبير، أنا الآن اقارن كما ذهب رئيس الجامعة الاسلامية في لبنان الدكتور "حسن اللقيس" بين مبدأ حرية التعبير كمبدأ قانوني وبينه كتبرير للعدوان على المعتقدات والحضارات والثقافات المتعددة، فمبدأ حرية التعبير القانوني ليس له عموم مطلق كما يعلم القانونيون انما هو مقيّد بعدم الاضرار بالناس وعدم اثارة الكراهية وعدم التسبب باهتزاز الأمن الإنساني أو التحرير على مجتمعات انسانية بسبب آرائهم وأديانهم ولذلك هذا المبدأ اذا سيق باعتباره مبدأ قانونياً فهو لا يصلح مستنداً لهذه الاساءة.
لكن هم يستخدمونه مبرراً لهم فاذاً حدود حرية التعبير في القانون فقط ممارسة ميزات صاحب العقيدة الحسنة والايجابية من دون عملية نقد الآخرين نقداً مسيئاً ومشيناً وغير لائق وغير أدبي، من جهة اخرى في أوروبا هناك موديل في نقد الكتب المقدسة والاديان والمعتقدات وأنا شخصياً لو سمحتم أوافق على هذا النقد على أن يكون نقداً موضوعياً وتاريخياً و علمياً وبرهانياً ولايصح ان يكون هذا عن طريق الاءساءة للكتاب المقدس بحرقة أو ركله بالاقدام أو أي شيء.
ومن الاعمال التي لا توصف الا بعدم لياقة وبعدم الادب ثم ان هذا النقد لايمكن ان يكون إساءة أو ممارسة منحطة والا فإن ممارسة حرية التعبير كممارسة قانونية وهي من حيث المبدأ كلمة حق.
والامر الآخر وجدت أن الاوروبيين بصورة عامة عندهم معايير مزدوجة بتطبيق هذا القانون فهم حينما يكون هذا القانون مسيئاً للمسلمين يسمحون له لكن حينما خرجت مظاهرة في "ستوكهولم" تندد بهذا الفعل المسيء تم اعتقال المظاهرين ومعاقبتهم فإين اذا حرية التعبير؟
وفي السويد قدّمت تعهداً لسفارة الكيان الصهيوني بأنه لايتم حرق التوراة ولا يمس العهد القديم. و اين اذا حرية التعبير اذا حرية التعبير هذه مبرر أحياناً يكون سخيفاً للممارسة ضد الاسلام فماذا يجب أن نفعل ايها الإخوان الاعزاء؟ نؤكد أنه يجب أن نتجنب الرد العشوائي الغير المدروس على هذا الجرم الفكري الايدولوجي كما أنه على الجامعات الاسلامية أن تبادر بعقد حلقات علمية حول المبادئ الانسانية العظيمة في القرآن الكريم على أن تكون مترجمة للغات الاوروبية بحيث يكون رداً علمياً على موضوع الاساءة للقرآن الكريم.
هم يريدون أن يظهروا أن القرآن منفيستو للارهاب ونحن يجب أن نعقد حلقات علمية للاظهار ان القرآن خطاب للانسان وللحضارة وللسلام وللتعايش، والحل الثاني هو تنظيم حلقات علمية في مسألة دراسة مبدأ حرية التعبير في المواثيق والقوانين الدولية، وتطبيقات هذا المبدأ على التاريخ.
والحل الاخير نتبنى كالجامعات الاسلامية وكالمفكرين والأكاديميين المسلمين فكرة احترام الثقافات جمعياً وتعارفها وتكاملها فإن تكامل الحضارات والثقافات هو مبدأ الحماية لكل الثقافات من الاساءات التي تصدر.
أنا الأن باسمكم ومن خلالكم اثمن قرار الجمعية العامة للامم المتحدة في عدم الاساءة للمعتقدات ورد الامين العام للامم المتحدة على رسالة الامام السيد السيستاني وبناء على هذا أدعو وكالة إكنا للأنباء القرآنية لتنظيم فعاليات مثل هذه الفعالية للجاليات الإسلامية في أوروبا.
كما أنني اعتقد ان هذه الفعالية التي قمتم بها هي مباركة ومفيدة وبالتالي يجب أن لا تكون اليتيمة والاخيرة إنما هي مقدمة لفعاليات أخرى نخاطب بها العقل الاوروبي اكثر ما نخاطب العقل الاسلامي لان المسلمين يعتزون بكتابهم الكريم وهذا الفعل المشين لن يقلل أبداً من هيبة وقداسة القرآن عند المسلمين أشكركم شكراً بالغاً وأرجو ان تنتهي هذه الندوة بتوصيات مهمة في عملية الحفاظ على كرامة المسلمين، لان كرامة القرآن محفوظة {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} لكن كرامة المسلمين هي المطلوبة للحفاظ عليها والسلام عليكم و رحمة الله وبركاته.