وهناك من يعتقد بأنه عثر على انسان ناصح له ويتفاجئ بأنه لم يقدم له النصيحة السليمة والصواب ولم يكن الأمين الذي كان يرجوه.
وروي عن الإمام علي (ع) قوله عن القرآن الكريم "وَ اسْتَنْصِحُوهُ عَلَى أَنْفُسِكُمْ" (نهج البلاغة : الخطبة 176) وقد يتسائل البعض عن النفس المعنية في الحديث الشريف.
وللنفس ثلاثة أنواع وهي أولاً: النفس الأمارة بالسوء: وهي النفس التي لم تخرج من فلك الشهوات والملذات، لدرجة أنها أصبحت أسيرة تلك الشهوات.. فما دامت هي أسيرة ذلك الفلك، فإنه من الطبيعي أن تأمر الإنسان بعمل ما يوافق شهواته.. وغالباً من يوافق الشهوات، لا بد وأن يصطدم في يوم من الأيام مع رغبة القانون (الشريعة)، كما قال تبارك وتعالى في كتابه الكريم في قصة امرأة العزيز "وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ َلأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ".
وثانياً: النفس اللوامة: وهي النفس التي ما زالت في حالة تجاذب بين الهدى وبين الهوى، فهي تعيش حالة وسطية بين برزخ النفس الأمارة بالسوء، وبين النفس المطمئنة.. فتارة تخرج من جاذبية الشهوة والهوى، وتنطلق إلى الهدى والفلاح.. وتارة أخرى تضعف مقاومتها، فترجع إلى دائرة الشهوات.. فتراها ترجع إلى الله عز وجل، وتتذكر وقوعها في أجواء الرذيلة، فتتوب إلى الله، وتندم، وتلوم على ما صدر منها.. ثم تنسى، وترجع تارة أخرى إلى عالم الشهوات، لتعيش حالة أخرى من حالات الحسرة والندم، ثم الرجوع لله ... وهكذا!..، وقال الله تعالى في الآية الثانية من سورة القيامة "وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ".
وثالثاً النفس المطمئنة وهي آخر مراتب الكمال البشري، التي يصل إليها البشر من خلال تهذيب الروح، لإخراجها من عالم الأمارية إلى عالم اللوامية.. ومن ثم السعي للتشبه بتلك النفوس المطمئنة. فقال الله تعالى عنها "يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبادِي وَ ادْخُلِي جَنَّتِی".
وبالنسبة إلى قول استنحصوا القرآن على أنفسكم فإن المعني فيها النفس الأمارة بالسوء فعلى الإنسان الاستنصاح بالقرآن الكريم على النفس الأمارة بالسوء ليكون هادياً للإنسان ليصونه من السوء الذي تحث عليه.