ایکنا

IQNA

 جواهر عَلَويَّة...

البلاء والشقاء يُظهران صبر الإنسان

9:00 - May 07, 2024
رمز الخبر: 3495556
بيروت ـ إکنا: إن البلاء والشقاء يُظهران صبر الإنسان، وتقبُّله ورضاه، ويُفَعِّلان طاقاته الكامنة، ويصنعان منه شخصاً يُحسِنُ التعامل مع الأزمات والصعوبات، حتى لَيَصح القَول إن البلاء يصنع الإنسان ويدرِّبه، ويُصقِل قدراته، ويهذِّب نفسه، ويُلَيِّن عواطفه.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "كُلُّ عافِيَةٍ إِلى بَــلاءٍ، كُلُّ شَقاءٍ إِلى رَخـاءٍ".
 
تلك هي الحياة الدنيا لا شيء يبقى فيها على ما هو عليه، لا شيء يدوم، لا العسر يدوم ولا اليسر، لا العافية تدوم ولا المرض، لا الشقاء يدوم ولا الرَّخاء، إنها تتحوَّل بأهلها من حالٍ إلى حال، تأتيهم العافية فتمكث فيهم ما شاء الله ثم يعقبها المرض والبلاء، ويلبث البلاء فيهم ما شاء الله ثم يكون الرخاء، وكل حال من أحوالها يُظهِرُ جوهر الإنسان واستعداداته وقابلياته، ويدعوه إلى تطوير تلك القابليات لإفادة منها في قابل أيامه.

فالعافية والرخاء يُظهران شكره أو عدمه، وحُسْنَ أو سوء إفادته منهما، فمن الناس من ينفق عافيته ورخاءه فيما يرجع عليه بالخير والصلاح في دنياه وفي آخرته، ينفقهما في العمل الصالح، وبناء الحياة على هَديِ الله تعالى، يعلم أن العافية لا تدوم، وأن الرخاء سيعقبه ضيق، ومن الناس من ينفق عافيته ورخاءه في الإثم والباطل، ومنهم من ينفقهما في الظلم والجَور والتعدِّي على عباد الله.
 
والبلاء والشقاء يُظهران صبر الإنسان، وتقبُّله ورضاه، ويُفَعِّلان طاقاته الكامنة، ويصنعان منه شخصاً يُحسِنُ التعامل مع الأزمات والصعوبات، حتى لَيَصح القَول إن البلاء يصنع الإنسان ويدرِّبه، ويُصقِل قدراته، ويهذِّب نفسه، ويُلَيِّن عواطفه، بل يمكن القول: إن الشخص بعد البلاء غيره قبله، كأنما يولَد من جديد، وهذا ما تؤكده التجارب الشخصية لمعظمنا.
 
والحَقُّ: إنَّ كلا النوعين المتناقضين بلاء وامتحان، فالله تعالى يبتلي المَرءَ بالسَّعَة وبالضيق، وبالغِنى وبالفقر، وبالعافية وبالمرض، وبكلمة أخرى: في كل نعمة ابتلاء، وفي كل أزمة ومصيبة ابتلاء، والابتلاء لا يأتي من نِقْمَة بل من رَحمَة، فما دام إظهار مكنون الفرد، وصقل شخصيته، وتعريفه على نفسه لا يكون إلا بذلك فمن الطبيعي أن يكون ذلك من رحمة الله بالإنسان، كما أن اختبارنا نحن البشر لأولادنا، أو موظفينا، أو جنودنا لا يكون إلا من رحمة بهم ومحبة لهم.
 
الأمر الذي يجب أن أُنبِّه عليه أن قول الإمام أمير المؤمنين (ع): "كُلُّ عافِيَةٍ إِلى بَــلاءٍ، كُلُّ شَقاءٍ إِلى رَخـاءٍ" يشير إلى واحدة من معادلات الحياة التي لا تتبدَّل ولا تتحَوَّل، وفَهْمُ هذه المعادلة، والاقتناع بها، والتآلف معها، والعيش على أساسها، يجنبنا الكثير من الخسائر المادية والمعنوية، ويُمُكِّننا من النجاح في الدارَين، فمن يعلم أن الحال حَسَناً كان أم سَيِّئاً لن يدوم لا يبطَر ولا يطغى، ولا ييأس ولا يقنط، بل يعيش حياته في توازن دقيق، ومن يعيش الحياة كذلك يمكنه أن يتلافى الكثير من الفشل، كما يمكنه أن ينعُمَ بالرضا النفسي، ويحَقِّق الكثير من النجاحات.
 
بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي
 

تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:

captcha