ایکنا

IQNA

أمريكا العظمى بين الكذب والطغيان

15:15 - August 11, 2024
رمز الخبر: 3496465
بيروت ـ إكنا: فلولا نصدّق، أيها الناس، ونعرف حقيقة ما تعنيه أمريكا في فلسفة وجودها، وعقيدة مشروعها، بحيث ندرك أنها دولة لاعهد لها بالإحسان، ولاتقيم وزنًا لحقوق إنسان، وهي حاضرة دائماً لأن تفري الجلود، وتعرق اللحوم، وتهشم العظام والرؤوس، كما فعلت وتفعل حيث تنشب أظفارها، وتنشر طغيانها، طمعاً بالسطوة، ورغبةً بالتخمة، وشوقًا للقتل والإجرام!

وهناك سؤال نصدّر به مقالتنا هذه، وهو مَن يصدّق أمريكا حتى ولو كانت صادقة؟ كم هو عظيم وجميل أن يموت الإنسان وهو منتبهٌ إلى أنه غير مكذوب عليه، ولا مطعون فيه؟

 فالعالم كله بات يعلم علم اليقين أن أمريكا لم تصدق يوماً في نصرة حق، أو في مشورة عدل؛ فهي كانت وستبقى ترى في الخير لها كل الحق، وفي ضررها وعدم انتفاعها كل الباطل، وهذا ما عرف بالمدرسة البراغماتية لفلاسفة الغرب،الذين اهتموا بالمصالح والمنافع وبكل ما يورث النجاح في التجربة على حساب القيم والمبادىء، على قاعدة أن متعة الحياة هي المقياس لكل شيء، وفي ضوء هذا انطلقت المدارس الأمريكية مع الرؤساء الأوائل لأمريكا مثل جورج واشطن، وتوماس جونسن…فأمريكا لم تصدق في وعد،ولم تتأخر في عدوان، أو طغيان!

وما يؤسف له ويعجب منه أن نجد في عالمنا العربي مَن يصدّق أمريكا في وعودها! وهي لم تخف يومًا فلسفة وجودها، وحقيقة مشروعها، أنها تريد امتدادًا حيويًا يبلغ بها الزمان والمكان وكل الحياة، بحيث يكون لها المجد الأمبراطوري دون غيرها من دول العالم، فليس هناك من شيطان يوصف أو يتكلم إلا وأمريكا تجسّده وتنطق بلسانه!، ومَن يريد وعي هذه الحقيقة، فليتدبّر في آيات الله تعالى وتجارب الطواغيت، فهي تقدّم لنا كل أوصاف الشياطين وكلماتهم ووعودهم وأمنياتهم!
 
ولم يكن من فراغ أبدًا أن يكون الإمام الخميني(رض) سباقًا إلى وصف أمريكا بالشيطان الأكبر، داعيًا إلى الحذر منها وتكذيبها حتى ولو كانت صادقة، وهي لم ولن تصدق طالما أن فلسفة وجودها لا تقيم اعتبارًا إلا لمتعة الحياة وقوة الظهور والطغيان! فغاية ما يرومهُ هذا الطاغوت في سياساته، وعلاقاته، ومعاهداته أن تكون له الهيمنة والاستثمار إلى الحد الذي يمنع من الحرية والسيادة والاستقلال!

وهذا ما عهده العرب والمسلمون من أمريكا منذ نشوئها وتقلّدها لمنصب الدولة العظمي..فأمريكا لا تقبل بتوازن العلاقات، ولا بحرية الحوارات، أو بتبادل المصالح واحترام الخصوصيات!
 
فكل شيء بالنسبة لها هو أمريكا، سواء في النفط،أو في أنظمة الحكم، أو في التطبيع مع الكيان الصهيوني، أو غير ذلك مما يعتبر نفوذًا حيويًا،ومجدًا أمبراطوريًا!
 
إنها دولة تجهل أسباب الوجود، وتطمع بكل موجود، وتهتك كل مصون، فلا معهود لديها، ولا شاهد عليها! وقد رأينا كيف أنها لا تتورع عن قتل، أو استعمار،أو طغيان،لتكون لها فرادة الموقف، وسطوة الحضور، ولعله من المفارقات العجيبة رؤية الشعب الأمريكي يتظاهر لنصرة فلسطين، ثم تراه يتزاحم على انتخاب القتلة والمجرمين!
 
وكأن ما يجري في فلسطين ليس من نتاجهم وضرائب أموالهم!؟ فهذه أمريكا منذ إطلالتها الطاغوتية تقتل بالسلاح النووي، وتبيد الشعب الفيتنامي، وتسقط الاتحاد السوفياتي، وتأسر أوروبا العجوز، ثم تتابع حربها في أوكرانيا وتايوان لإسقاط روسيا والصين، وهكذا هي دائمًا تنشىء أحلافها، وتستعرض سفنها لاستعباد كل ما تطاله أيديها على نحو ما تفعل في غرب آسيا ودول الشرق الأوسط! وبعد كل هذا يراد لشعوبنا أن تصدّق أن الإبادة الجماعية في فلسطين، ليست نتاجًا أمريكياً!
 
فلولا نصدّق، أيها الناس، ونعرف حقيقة ما تعنيه أمريكا في فلسفة وجودها، وعقيدة مشروعها، بحيث ندرك أنها دولة لا عهد لها بالإحسان، ولا تقيم وزنًا لحقوق إنسان، وهي حاضرة دائمًا لأن تفري الجلود، وتعرق اللحوم، وتهشم العظام  والرؤوس، كما فعلت وتفعل حيث تنشب أظفارها، وتنشر طغيانها، طمعًا بالسطوة، ورغبةً بالتخمة، وشوقًا للقتل والإجرام!
 
فإذا كان هناك من شعوبنا مَن لا تزال تستهويه صحة العلاقات، ومتانة المعاهدات، وصدقية الالتزامات مع هذا الطغيان الأمريكي، فهؤلاء ينشدون الباطل من حيث لا يدرون، ويفسدون في الأرض ظناً منهم أنهم يصلحون!
 
فأمريكا ليست دولة عراقة في التاريخ أو حقيقة في الوجود والحضارة حتى يلتبس الموقف اتجاهها،أو تحسن النوايا إزاءها! فهي كل شيء من أوصاف الطاغوت، ثقافةً وحضارةً وتاريخًا إلا أن يُخدع الناس في أوصافها،فيرون لها ما يُزيّنه الشيطان لهم في أنفسهم من الأعمال الشائنة،والحوارات المزيفة والمخادعة،فهذه إيران بدعوتها الإصلاحية الباهتة،أبرمت اتفاقًا، وحققت نجاحًا،وصفّقت لظرافة ظريفها، ولم تتصور يومًا أن يكون لها الخريف من ربيعها،ولا الغصةُ من مساغ ريقها،فابتلعت طعم النووي جزافًا، واستوت على مجد الإصلاح مكاءً وتصديةً وهتافًا،فما كان الإصلاح إلا ندمًا في السياسة، وتعبًا في المحاورة،وحنكة في الجهالة!؟
 
فأمريكا هي القاتلة في غزة، والغادرة في بيروت وطهران، والباعثة على كل قلق وهم وموت في الوجود، فلا ينبغي تصديق مزاعمها أو تطمين النفوس لمراداتها، ذلك أنهاكما عهدناها، دولةٌ تستوفي معايير كل طغيان،وتحتوي على كل أساليب وفنون الموت والقتال!؟وهل عهدنا طاغوتًا في التاريخ ينصف شعبًا،أو يحترم سيادةً،أو يقيم وزنًا لمعايير إنسانية وقيم أخلاقية؟
 
وهل رأينا لهذه الدولة العظمى عهدًا أو ميثاقًا أو مقالة حق أو مشورة عدل لكي تطوى إليها المسافات، وتنحني لها الهامات؟ فلبئس القوم قومْ هانت عليهم المهانة حتى حسبوها عزًا وكرامة، وهجرتهم أمجاد الحياة،لتكون لهم كل شتيمة ومهانة! فإذا كنا لا  نعقل عن ربنا معنى أن تكون لنا عزة الحياة، فلا عجب من موت القهر،وبؤس المقام،وجهل شيطان مريد يورث جحر ضب، ولعنة تاريخ…! والسلام.
 
تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:
captcha