ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّة..

مَنْ زَلَّ عَنْ مَحَجَّةِ الطَّريقِ وَقَعَ في حَيْرَةِ الْمَضيقِ

22:31 - May 22, 2025
رمز الخبر: 3500237
بيروت ـ إکنا: إن الطريق الواضح يذلّلُ الصعاب ويقود إلى النجاة، فإنّ الابتعاد عنه يُدخل النفس في ضيقٍ شديدٍ لا علاج له إلّا بالعودة إلى مَحَجَّة الطريق.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "مَنْ زَلَّ عَنْ مَحَجَّةِ الطَّريقِ وَقَعَ في حَيْرَةِ الْمَضيقِ".
 
معادلة تربط بين الانحراف محجَّة الطريق، وتعني صراط الحق الواضح الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف عنه، وبين الحَيرة والضياع والدخول في متاهات لا سبيل إلى الخروج منها والخلاص من تبعاتها، وفيها تحذير من الخروج عن جادة الحق الذي يؤدي بالمرء إلى التيه العقدي والفكري والمعنوي، والاختلال النفسي الذي يُغلق عليه كل باب للخروج من متاهات الضياع.
 
المحجَّة: هي الطريق الواضح الذي لا اعوجاج فيه، وهي المعبَّر عنها في القرآن الكريم بالصراط المستقيم تارة، وحبل الله تارة أخرى، والعروة الوثقى ثالثة، وقد عرَّفنا الله صراطه المستقيم، ودعانا إلى الاستقامة عليه لا نميل عنه يميناً ولا شمالاً، وعلَّمنا أن نسأله أن يهدينا إليه، نكرر ذلك الطلب في اليوم عشر مرَّات على الأقل ونحن نقرأ فاتحة الكتاب في صلاتنا اليومية حيث نقول: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴿6﴾ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴿الفاتحة:7﴾.

إقرأ أيضاً:


أي وفقنا إلى معرفة الطريق المستقيم الواصل، ووفقنا للاستقامة عليه بعد معرفته، فالمعرفة والاستقامة كلتاهما ثمرة لهداية الله ورعايته ورحمته، وهذا الأمر هو أعظم وأول ما يطلب المؤمن من ربِّه العون فيه، فالهداية إلى الطريق المستقيم هي ضمان السعادة في الدنيا والآخرة عن يقين، وهذا الصراط هو طريق الذين قسم الله لهم نعمته، لا طريق الذين غضب عليهم لمعرفتهم الحق ثم إبائهم السير عليه، أو الذين ضلّوا عن الحق فلم يهتدوا أصلا إليه، إنه صراط السعداء المهتدين الواصلين.
 
أما أولئك الذي حادوا عن هذا الصراط فلا وصول لهم، لأنهم لا يعرفون أين يخطون، إنهم يمشون لكن المشي لا ينتهي بهم إلى الغاية الحقيقية التي يبتغونها، يمشون مُكِبِّين على وجوههم، لا يدرون متى تفاجئهم العقبات والموانع، وهم في حَيرة من أمرهم، وهم أسرى الشك والوهم، والضلال والضياع، والضيق الدائم، والقلق النفسي المتواصل.
 
إن الذي يَزِلُ عن محجَّة الطريق يخرج عن المنهج الواضح، لأنه يفقد "البوصلة" التي توجِّهه إلى الصواب، فيدخل بذلك في تيه وضياع لا يجد له مخرجاً، وهذا ما يجسّده تشبيه رسول الله (ص) أهل بيته الأطهار (ع) بسفينة نوح حيث قال: "مَثَلُ أَهْلِ بَيْتِي مَثَلُ سَفِينَةِ نُوحٍ مَنْ رَكِبَهَا نَجَا، وَمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا غَرِقَ" فاتّباع النبي الأكرم (ص) وأهل بيته الأئمة الأطهار هو الضامن للخلاص من ضيق الحَيرة ومن تيه الضلال، كما يشير الحديث الشريف.
 
وكما أنّ الطريق الواضح يذلّلُ الصعاب ويقود إلى النجاة، فإنّ الابتعاد عنه يُدخل النفس في ضيقٍ شديدٍ لا علاج له إلّا بالعودة إلى مَحَجَّة الطريق.
 
فحرِيُّ بالإنسان الذي فطره الله على طلب الحق أن يبحث عنه كما يبحث عن الماء، وأن يمضي في حياته على طريق الحق، وأن يسأل الله تعالى الثبات عليه، وحرِيٌّ بالمؤمن أن يتمسَّك بكتاب الله وعترة نبيِّه الطاهرة، ويقتدي بهم، ويستَنَّ بسُنَّتهم، وأن يرافق الصالحين فإن رفقتهم تحميه من الإنحراف والضلال، وألا يغفل عن نفسه أبداً، فإنه لا يدري من أين يأتيه الضلال، فيراقب خطواته وقراراته، ويمسك بعواطفه ومشاعره، غير غافل عن أن الابتعاد عن الهَدي البَيِّن يورِّطه بلا شك في مشقات الحيرة والضلالة.

بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات اللبنانية السيد بلال وهبي
 
captcha