واقعة غَدير خُم من أهم الوقائع التاريخية في حياة الأمة الإسلامية، حيث قام الرسول الأكرم(ص) بعد عودتة من حجّة الوداع والتوقّف في منطقة غدير خم بإبلاغ المسلمين بالأمر الإلهي الصادر بتنصيب الامام علي بن أبي طالب(عليه السلام) إماماً للمسلمين وخليفة له عليهم، والتي انتهت بمبايعته(ع) من قبل كبار الصحابة وجميع الحجاج الحاضرين هناك.
وكان هذا التنصيب إثر نزول آية التبليغ، حيث أمر الله تعالى نبيه بتبليغ ما اُنزل إليه، فإن لم يفعل فما بلّغ رسالته، وبعدما قام النبي(ص) بإبلاغ الأمر وتنصيب علي(عليه السلام). نزلت آية الإكمال وأخبر الله سبحانه عن إكمال الدين وإتمام النعمة، وقد احتج المعصومون بهذه الواقعة.
وبهدف تسليط الضوء على الرسالة العالمية لواقعة غدير، والحكمة الالهية من عيد الغدير الأغر، أجرت وكالة الأنباء القرآنية الدولية(إکنا) حواراً مع الباحث اليمني في الدراسات الاسلامية "الأستاذ محمد النصرة".
فيما يلي نصّ المقابلة:
1 ـ ما هي الرسالة العالمية التي تحملها واقعة غدير خم بالنسبة للأمة الإسلامية؟
الرسالة العالمية التي تحملها واقعة غدير خم بالنسبة للأمة الإسلامية هي الرجوع الى الاسلام المحمدي الاصيل، والرجوع الى القرآن الكريم والعترة الطاهرة اللذين حميا الأمة من الظلال والتيه وكانا بحق صمام الامان في هذا الزمن الكنود الذي طغى فيه أهل الضلال والتضليل والفساد والافساد على الامة مما جعلها أمة مدجنة خانعة خاضعة ذليله همها علفها.
ورسالة الغدير هي خلاصة رسالة السماء التي تلبّي دعوات الغوث والنصرة للمستضعفين والمظلومين وما موقف محور الغدير الا دليل على ترجمة هذه الرسالة على الواقع العملي.
لماذا استخدم النبي محمد (ص) كلمة "الولاية" بدلاً من "الخليفة" في خطبة يوم الغدير؟
الولاية لها أبعاد هامة ودقيقة من أهمها:
البُعد الاول: أن الولاية تعني المحبة والارتباط القلبي مع هذا الإنسان الذي أمرنا بولايته يتصل به روحياً و عاطفياً فالإنسان حين يتصل روحياً ويعشق طرفاً وشخصاً ما فإن هذا الاتصال الروحي وهذا العشق والمحبة يلقي بظلاله على ذاته وسوف يتأثر بتلك الشخصية ويحاول أن يشاكلها وأن يشابهها فالحب لا يجتمع مع المعصية، ولذلك يعاب على الفرد من أتباع أهل البيت(ع) إذا سار بالسيرة غير اللائقة لأنه خلاف مقتضى هذا الارتباط، هذه المحبة التي تعني التولي لا ينفك عنها شقها الآخر وهو التبري من أعداء الله لأنه في الحقيقة لا يمكن للإنسان أن يحب شخصاً ويوالي أعداءه ولذلك في كثير من الروايات يشار إلى أن الدين هو الحب والبغض أي حبّ أولياء الله والبغض من أعداء الله.
و البُعد الثاني: أن الولاية تعني المرجعية الفكرية، أي المرجعية في أخذ معالم الدين و رجوع الإنسان الى أهل البيت (عليهم السلام ) في أخذ تعاليم دينه، و هذا هو مقتصة حديث الثقلين المتواتر الذي لا يمكن النقاش في الحقيقة في سنده ودلالته أيضاً فأهل البيت(ع) هم المرجع في اخذ معالم الدين على مستوى الفروع وعلى مستوى العقيدة وعلى مستوى المفاهيم والقيم والأخلاق.
إقرأ أيضاً:
البُعد الثالث: تعني التسليم للولي في كل شأن من شئون الحياة، التسليم له فيما يتعلق بالعقيدة وبفروع الدين والمسألة السياسية والاجتماعية ... أي التسليم له في جميع هذه الشئون ولا يتم في الحقيقة الولاء ما لم تكن هناك حالة من التسليم، ولذلك اعتبرت الآية القرآنية التسليم لله وللنبي(ص) شرطاً في الإيمان، فالتسليم مطلق و هذا في الحقيقة روح الإسلام.
البُعد الرابع: للولاية هي حالة من المشاكلة والمشابهة: أن الولي يلزمه أن يتشبه بمن تولاه وبمن والاه وهم الأئمة (عليهم السلام) يتشبه به ويشاكله في سيرته وفي سلوكه وفي مواقفه وفي صبره وفي جميع قيمه وأخلاقه وطبعاً بقدر الجهد والطاقة.
کیف یمکن أن يساهم إحياء واقعة الغدير في تعزيز الوحدة؟
ويقول السيد القائد عبد الملك بدرالدين الحوثي (التولي ليس مجرد انتماء مذهبي ولا كلام يتكلم به الإنْسَان وانتهى الأمر. |لا| التولي ارتباط عملي، وارتباط سلوكي، والتزام مبدئي وأخلاقي هذا هو التولي.. التولي سيرٌ في الطريق الصحيح، والتولي تحركٌ في الصراط المستقيم، والتولي التزام بالرسالة الإلهية في مضامينها، وفي مبادئها، وفي قيمها، وفي أخلاقها هذا هو التولي.
نعم بهذه الطريقة نستطيع أن نساهم في إحياء الامة وتعزيز الوحدة الاسلامية بترجمة مبادئ الغدير قولاً وعملاً.
ما هي الحكمة الالهية من عيد غدير الاغر؟
ان الحكمة الالهية من عيد الغدير الاغر هو تأكيد المسؤولية الخطيرة الملقاة على عاتقنا إزاء الغدير وأمير المؤمنين(سلام الله عليه)، وضرورة الالتزام بهذه المسؤولية فيما يتعلّق بالغدير. ومن أهمّ هذه المسؤوليات في الوقت الراهن هي نشر مفاهيم الغدير، ودعوة عموم الناس لينهلوا من هذه المائدة السماوية؛ وفي غير الحالة هذه، لا يوجد أدنى أمل في كفّ الحكّام المستبدّين أيديهم عن المستضعفين، وإنقاذ الإنسانية يوماً ما من هذا الوضع السيّئ والخطير، والوصول إلى ساحل الأمن والرفاهية والعدل والحرية بظهور عنوان الغدير وصاحبه وهو مولانا صاحب العصر والزمان ارواحنا لتراب مقدمة الفداء.