ایکنا

IQNA

إیران والاختراق واغتیال القادة

10:53 - June 22, 2025
رمز الخبر: 3500627
الجزائر ـ إکنا: شکّل إغتیال القادة الکبار في إیران مع‌ بدایة الحرب صدمة کبيرة لدى الکثير من‌ الناس، واختلفت‌ توجهاهم‌ في طریقه‌ التعامل‌ معها.
إیران والاختراق واغتیال القادةوشکّل إغتیال القادة الکبار في إیران مع‌ بدایة الحرب صدمة کبيرة لدى الکثير من‌ الناس، واختلفت‌ توجهاهم‌ في طریقه‌ التعامل‌ معها، ویمکن‌ تقسیمهم‌ إلی‌ صنفن‌:
 
 أولها: من‌ نزل ذلك علی‌ قلبه‌ کالماء البارد، وتوهّم‌ أن القدرة علی‌ اغتیال القدرة یعني القدرة عی‌ اغتیال النظام نفسه‌، واختلف‌ هؤلاء في التعبير عن‌ ذلك، فمنهم‌ من‌ أظهره بشماتة خالصة، ومنهم‌ من‌ مزج شماتة ببعض‌ النصح‌ المریب‌..
 
 وثانیها: من‌ أظهر حزنه‌ وألمه‌، ولخوفه‌ الشدید راح یعاتب‌ الإیرانيین‌ العتاب الشدید عی‌ التفریط‌ والتقصر.

وسنوجه‌ کلماتنا للصنف‌ الثاني، لأن الأول مصاب بمرض قلبی‌ یصعب‌ علاجه‌، ولا یمکن‌ للکلمات وحدها، ولا للبراهين‌ والأدلة أن تؤثر فیه‌، لأنه‌ يحتاج إلی‌ إخراج ورم الحقد من‌ قلبه‌ أولاً، لأنه‌ یمنعه‌ من‌ القراءه والتفکير والاستماع.. ولهذا الصنف‌ نقول:
 
 أولاً: إیران منذ بدایه‌ تأسیسها انطلقت‌ من‌ القاعدة القرآنیة: "وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ"(آل عمران: ١٤٤)، ومن‌ مقتضیات هذه القاعدة تنبه‌ القائد إلی‌ أنه‌ سیُغتال في أي لحظة، ولذلك یترك من‌ التلامیذ والأتباع من‌ یؤدون نفس‌ دوره، وکأنه‌ حاضر تماماٌ.
 
 ثانیاً: أنه‌ بسبب‌ القاعدة الأولی‌، اضطر القادة إلی‌ الاحتکاك بالطبقات المختلفة، لأنه‌ لا یمکن‌ أن یکون القائد قائداً، وهو لا يختلط‌ بجمهوره، لیؤثر فیه‌، ویربیه‌، ویکون له‌ القدوة الحسنة، وقد استلهموا هذا من‌ سنه‌ نبیهم‌ الأکرم، کما قال تعالی‌ "فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ"(آل عمران، 159)، واستهلموه أیضاً من‌ إمامهم‌ علي الذي استطاع المخربون أن یصلوا إلیه‌ في نفس‌ الوقت‌ الذي فشلوا في الوصول إلی‌ غيره.
 
 ثالثاً: أن اغتیال القادة في أماکن‌ عملهم‌ یدلّ علی‌ الثبات، وأنهم‌ لم یفروا، ولذلك استشهد حمزة في أحد، وهو القائد الفذ الشجاع في نفس‌ الوقت‌ الذي نجا فیه‌ الفارّون.. فهل‌ کان حمزه أغبی‌ من‌ أولئك الذین‌ فروا بأنفسهم‌، وترکوا المهام الموکلة لهم‌؟ 
 
رابعاً: أن القادة في إیران، وبناء علی‌ التربیة‌ التي تلقوها من‌ المدرسة الخمینیه‌ أصحاب عرفان، وتوجه‌ روحی‌، ولذلك‌ نراهم ‌ في‌ المساجد والحسینیات، بل‌ نراهم‌ ینظفون دورات المیاه، وذلك‌ ما سهل‌ لأي جهة مخربة‌ أن تصل‌ إلیهم‌، وتصلهم‌ بأجهزه تعقب‌.
 
خامساً: أننا کمسلمن‌ نعتقد بأن لکل‌ إنسان أجلاً محدوداً لا یتعداه، ولذلك‌ یتمنی‌ کل‌ مسلم‌ أن یکون خاتمة‌ أجله‌ شهادة في‌ سبیل‌ اﷲ.. ولذلك‌ نرى لکل‌ هؤلاء القادة وصایا، وکلمات تعبر عن‌ شوقهم‌ للشهاده.. ومن‌ شاء أن یطلع‌ علیها سيرى الکثير منها في‌ وسائل‌ التواصل‌ الاجتماعي‌، أو في‌ القنوات الخاصة‌ هم‌.. ولذلك نرى أن کل‌ ما حصل‌ لهم‌ هو استجابه‌ من‌ ﷲ الکریم‌ لدعواتهم‌، وبعد أن أدوا ما علیهم‌، وخلفوا من‌ الخلفاء الصالحين‌ من‌ یسدّ مکانهم‌.
 
سادساً: وهو مما لا علاقه‌ له‌ بالقادة أنفسهم‌، وإنما بالوضع‌ في‌ إیران.. فایران اجتمع‌ علیها کل‌ محور الشر بما یملکه‌ من‌ قدرات وأجهزة وأموال.. وأقمار صناعیه‌.. وما لا یمکن‌ تخيله  من‌ الوسائل‌ التی‌ استثمرها، ولمدد طویله‌.. إلی‌ أن ظهرت ثمراتها فیا نراه من‌ أحداث، ولذلك لا یستغرب أن يحصل‌ ما حصل‌، مثلما رأینا في لبنان من‌ هجوم البیجرات، والذي خطط‌ له‌، ولفترة طویلة‌.. والقرآن الکریم‌ یشر إلی‌ هذا، ومن‌ قرأ سورة براءة، عرف أن الجهة‌ التي تمثل‌ الحق‌ لا یمکن‌ أن یترکها الشیطان من‌ غير أن یعکر صفوها بأنواع المندسين‌.
 
سابعاً: أن إیران دولة متسعة‌ الأطراف، وفیها الکثير من‌ الدیانات والطوائف‌، ومنهم‌ من‌ کان مستفیداً من‌ الوضع‌ السابق‌، وخاصه‌ البهائیين‌، وفیهم‌ من‌ غرته‌ السعودیه‌ والتیارات السلفیة‌ والحرکیة‌.. وهؤلاء جمیعاً یدخلون بحسب‌ القوانين‌ الإیرانیة‌ لأي مدینه‌، بل‌ یمکنهم‌ أن یصلوا لأي قائد، وبالطرق المختلفه‌، خاصه‌ مع‌ تشدد القضاء الإیراني‌ في ‌ المطالبة‌ بالدلیل‌ عی‌ کل‌ تهمه‌ توجه‌ لأي طرف.. وهو ما استغله‌ هؤلاء، وحال دون تمکن‌ المخابرات من‌ أداء دورها کما ینبغي‌.. ذلك‌ أن المخبر يحتاج أولاً إلی‌ إذن قضائی‌ قبل‌ التنصت‌ عی‌ أي جهه‌.. ومن‌ تابع‌ مسلسل‌ غاندو، والذي هو من‌ إنتاج المخابرات الإیرانیه‌ عرف ذلك‌.
 
هذه سبعة‌ أمور ربا تکون مقنعة‌ للصادقن‌ الذین‌ یتساءون عن سرّ ما حصل‌.. ونضیف‌ إلیها بأن من‌ برکات ما حصل‌ من‌ اغتیالات الکشف‌ عن‌ العملاء، وشبکاتهم‌، وذلك‌ ما یطهر الصف‌ الداخلي‌ الإیراني‌، بالإضافه‌ إلی‌ أنه‌ لا یسقط‌ شهیداً عالم أو قائد إلا ویترکه‌ خلفه‌ من‌ التلامیذ من‌ یؤدون نفس‌ مهامه‌، وبکل‌ جسارة واقتدار، کا دل عی‌ ذلك الواقع‌.
 
بقلم الأكاديمي والباحث الجزائري أ.د. نور الدین‌ أبو لحیه‌
captcha