"بسم الله الرحمن الرحیم
إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ (الإسراء: 9)
إلى حضرات القرّاء، علماء القرآن، وحَمَلة صوت الوحي في أرض مصر العزيزة،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نحن، جماعة قرّاء
القرآن الكريم في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، نكتب هذه الرسالة من منطلق الألم والحرقة على حال أمة الإسلام؛ ألمٌ مشترك يمزّق قلوب كل مؤمن حرّ في هذه الأيام. إنّ غزّة، الجرح النازف للأمة، تحتضر اليوم تحت ركام الحصار والحرب. أطفال بلا مأوى، نساء جائعات، جرحى بلا دواء ولا ملجأ؛ تلك هي صورة غزّة اليوم.
إخوتنا القرآنيين!
لقد قرأنا نحن وأنتم القرآن سنين طويلة، وارتفعت أصواتنا بتلاوة آياته، لكنّ الوقت قد حان اليوم لأن يُسمع صوت القرآن، لا من حناجرنا فحسب، بل من مواقفنا أيضاً. اليوم القرآن يدعونا إلى المسؤولية، وقد أنذرنا بوضوح: "وَما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ في سَبيلِ اللَّهِ وَالمُستَضعَفينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالوِلدانِ (النساء: 75)".
وإذا كنّا اليوم لا نملك فرصة الحضور في ميدان القتال، فلابدّ لنا أن نؤدّي دورنا في ميدان نصرة المظلوم. إنّ الدفاع عن المظلوم لا يحتاج دائماً إلى السلاح؛ فكلمة موقف صادق، ومطالبة شجاعة، وجهدٌ في فتح طريق لإغاثة المظلوم قد يكون أثره أبلغ من الرصاص.
ومن بين أهمّ سبل النجاة اليوم فتح معبر رفح؛ هذا الطريق الذي أُغلق فخنق أنفاس غزّة. فإذا فُتح هذا المعبر، فلن تدخل المساعدات من طعام ودواء فحسب، بل سيدخل الأمل أيضاً. ونحن نعلم أن لكم ـ أيها الكبار القرآنيون في مصر ـ مكانة خاصة في الرأي العام، وفي المؤسسات الدينية، بل وفي مجال صناعة القرار في بلدكم.
لقد آن الأوان لأن يُسمع صوتكم القرآني في نصرة الشعب الفلسطيني الأعزل.
إنّ ما يرتكبه الكيان الصهيوني الغاصب في غزّة اليوم من قتلٍ جماعي، وحصار، وتجويع، ومجازر بحق النساء والأطفال، هو مثال صارخ على ذلك الظلم والطغيان الذي حذّر القرآن الكريم من عاقبته: "وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ" (الشعراء: 227).
إنّ هذا الكيان الذي لوّث الأرض بالدماء، ودمّر البيوت، وقتل الأبرياء، يسير بلا شكّ إلى مصيره المحتوم. ونحن، حَمَلة القرآن، علينا واجب ليس التلاوة فحسب، بل الجهر بالموقف القرآني، وعدم ترك المظلومين وحدهم.
أيها الإخوة الأعزّة!
لقد استيقظت الدنيا، وصوت المظلومين في غزّة قد هزّ الضمائر في الشرق والغرب. ونحن على يقين بأنّ قلوبكم أيضاً تنزف ألماً من هذه الجرائم. فلنرفع صوت القرآن هذه المرّة، لا بالصوت فحسب، بل بالفعل والوقوف إلى جانب المظلوم ليصل صداه إلى العالم أجمع.
"إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ" (الحجرات: 10).
والأخوّة تعني أن نشارك المظلومين آلامهم، وأن نسعى لفتح طريق لنجدتهم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جماعة قرّاء القرآن الكريم في الجمهورية الإسلامية الإيرانية