
وهذا المشروع لا يقتصر على السيطرة على
قطاع غزة أو الضفة الغربية، بل يتجاوز إلى تصور توسعي يشمل أراضي من دول عربية متعددة، وهو ما يُظهر الطابع الاستراتيجي البعيد المدى للفكر الصهيوني.
1. البُعد الإسرائيلي:
الكيان الصهيوني یعمل وفق قاعدة "الفرصة والقدرة". فإذا توفرت الظروف التي تسمح له بفرض سيطرة أو تغيير واقع سياسي وجغرافي، فلن یتردد في ذلك. غير أن القيود العملية (سواء في غزة أو لبنان أو حتى العراق) تجعله في كثير من الأحيان یكتفي بالتهديد أو بمحاولات التفاف عبر الضغوط السياسية والدولية. تركيز الكيان الصهيوني على
"سلاح المقاومة" يؤكد أنها ترى في هذا السلاح العقبة الجوهرية أمام مشروعها، أكثر من كون الحكومات العربية عائقًا أمامها.
2. الموقف الأمريكي:
السياسة الأمريكية تجاه الكيان الصهيوني ثابتة في إطار الدعم الاستراتيجي، لكن واشنطن تتحرك وفق أولوياتها الخاصة. فهي توازن بين دعم الكيان، وحماية مصالحها الاقتصادية والعسكرية في المنطقة، وإدارة علاقتها المعقدة مع الدول العربية والإسلامية. وعليه، فإن أمريكا لن تمنح نتنياهو ضوءًا أخضر مطلقًا إلا إذا كانت متأكدة أن النتائج تصب في صالحها دون خلق حالة فوضى تهدد مصالحها الأوسع.
3. الموقف العربي الرسمي:
الأنظمة العربية غالبًا ما تتعامل بردود أفعال محدودة – بيانات شجب واحتجاجات – دون صياغة مشروع استراتيجي حقيقي لمواجهة التوسع الإسرائيلي. حالة "العجز" هذه ساعدت الكيان الصهيوني في التمادي، لكنها لا تعكس بالضرورة إرادة الشعوب.
4. الموقف الشعبي:
ما تزال الشعوب العربية والإسلامية ترفض الاحتلال ومشروع "إسرائيل الكبرى". إلا أن هناك فجوة كبيرة بين الوعي الشعبي وقدرته على التحرك المؤثر. في بعض الحالات، نجد تفاعلاً واسعًا مع قضايا اجتماعية أو فردية، بينما تمرّ تهديدات كبرى مثل إعلان نية السيطرة على أجزاء من العراق أو غيره دون رد فعل جماهيري يتناسب مع حجم التحدي.
5. دور المقاومة:
خلال العقود الماضية أثبتت المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق أن التوازن العسكري مع الكيان الغاصب، وإن لم يكن كاملاً، قادر على تعطيل مشاريع التوسع الكبرى. تجربة الأربعين عامًا الأخيرة تؤكد أن "سلاح المقاومة" هو خط الدفاع الحقيقي في ظل غياب إرادة سياسية عربية موحدة.
خلاصة:
الكيان الصهيوني سیحاول استغلال الفراغات السياسية والضعف العربي لتنفيذ مشروعه التوسعي. غير أن المقاومة الإسلامية الشعبية والمسلحة أثبتت قدرتها على إحباط هذه المشاريع مرارًا. التحدي الحقيقي أمام الشعوب العربية والإسلامية هو تحويل الرفض الشعبي إلى قوة منظمة، قادرة على مواجهة ليس فقط المخططات العسكرية الإسرائيلية، بل أيضًا الاختراقات السياسية والاقتصادية التي تسعى لتفكيك قدرات الأمة.
بقلم الباحث و الناشط في الشؤون الدولية "الشيخ محمد هادي ملكي"