وأشار إلى ذلك، رئيس رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية في إیران، حجة الإسلام والمسلمين الشیخ محمد مهدي إيماني بور" في الكلمة التي ألقاها أمس الخميس 18 سبتمبر الجاري حول العبودية الرقمية في القمة العالمية الثامنة لزعماء الأديان العالمية والتقليدية المنعقدة بالعاصمة الكازاخية "أستانا".
وقال الشيخ إيماني بور: "إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية كانت منذ بداية هذا المؤتمر داعمة ومتعاونة معه، ودعمت وستدعم هذا النشاط الذكي الذي أُطلق لتنظيم الأنشطة المشتركة بين الأديان من أجل نشر السلام العادل".
وأضاف: "إن موضوع هذه الدورة من الحوار هو التعاون بين الأديان من أجل المستقبل، أو بمعنى آخر التحديات والفرص التي تواجه المستقبل، لا شك أننا نعيش في واحدة من أكثر الفترات تحدياً في حياة البشرية؛ ومن المستحيل تناول جميع هذه التحديات؛ ولكن من بينها، اخترت موضوع "العبودية الرقمية" كواحدة من التحديات الرئيسية وسبل الخروج منها في إطار التعاون بين الأديان، لأناقشه بإيجاز في كلمتي."
إقرأ أيضاً:
وأشار الشيخ إيماني بور إلى أن حياتنا اليومية أصبحت تعتمد بشكل كبير على الإنترنت، ووسائل التواصل الاجتماعي، والخدمات الرقمية، مضيفاً: "هذا الاعتماد يدفع المستخدمين نحو "حزم الخدمات" والنظم البيئية التي تسيطر عملياً على القرارات الرئيسية في العالم المعاصر. هذا النوع من الاعتماد يمكن أن يخلق قيوداً في الاختيار وحرية التصرف، وهو أمر مشابه للعبودية الاقتصادية أو الثقافية."
واستطرد قائلاً: "هناك قضية حقوق الإنسان، الفضاء الرقمي يمكن أن يخلق شكلاً جديداً من الهيمنة واستغلال الإنسان، العديد من العمال الرقميين، مثل أولئك الذين يقدّمون الخدمات عبر الإنترنت، أو ينتجون المحتوى، أو يديرون البيانات، يعملون في ظروف لا تتوفر فيها الأمان الوظيفي والحقوق الكافية. هذا الوضع يشبه إلى حد ما العبودية الرقمية الحديثة، لأن الاستغلال الفعلي للعمل البشري يحدث في إطار التكنولوجيا. ولمواجهة تحدي العبودية الرقمية، يمكن أن تكون التجربة التاريخية في مكافحة العبودية التقليدية مصدر إلهام."
واعتبر رئيس رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية العبودية الرقمية حقيقة راسخة في الساحة العالمية، وقال: "لذلك، فإن الحاجة إلى صياغة وتنفيذ قواعد دولية تستند إلى القيم الأخلاقية والدينية محسوسة أكثر من أي وقت مضى. في هذا السياق، يمكن للوعي الجماعي والتعاون بين قادة الأديان والمتدينين بالأديان الإلهية أن يمهد الطريق لنظام جديد يشكل فيه الحقيقة والكرامة الإنسانية، وليس الهيمنة المطلقة للبيانات، أساس الحياة البشرية."
وأوضح أن مسؤوليتنا لا تقتصر على نقد الوضع الراهن فحسب، بل تشمل أيضاً السعي لبناء مستقبل أكثر عدلاً وإنسانية، مضيفاً: "مستقبل لن تكون فيه البيانات أداة للهيمنة، بل وسيلة لتعزيز الفهم والعدالة والتعايش. وبما أنني أعتقد أن دور الأديان سيكون أكثر بروزاً في عالم المستقبل مما هو عليه اليوم، فإن اقتراحي المحدد لتعزيز التآزر بين الأديان من أجل المستقبل هو كسر الاحتكار في مجال البيانات الرقمية والجهد الجماعي لـ "تشكيل البيانات الضخمة" التي تؤدي إلى حرية الفكر والسلام المستدام بدلاً من الانحياز للتيار السائد في وسائل الإعلام."
وفي ختام كلمته، أعرب الشيخ محمد مهدي إيماني بور عن أمله في أن نبني، بفضل اليقظة والتعاون الشامل، عالماً تقف فيه كرامة الإنسان فوق جميع الهياكل الرقمية.
هذا ويذكر أنه افتتح رئيس جمهورية كازاخستان هذا المؤتمر بحضور قادة دينيين من أكثر من 60 دولة و150 وفداً دينياً من جميع أنحاء العالم، بمن فيهم رئيس رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية في الجمهورية الاسلامية الايرانية.