
وبمناسبة الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد السيدين الشهيدين، سماحة
السيد حسن نصر الله وسماحة السيد هاشم صفي الدين انعقد في بيروت في مجمع أهل البيت(عليهم السلام) بتاريخ 2 أكتوبر / تشرين الأول 2025 م، وبدعوة من
تجمع العلماء المسلمين في لبنان والمركز الإسلامي للتبليغ، الملتقى الديني الروحي الأول تحت عنوان: "قيم التضحية وبناء الإنسان"، بمشاركة حشد من الشخصيات الدينية والعلمائية والثقافية والفكرية من مختلف الطوائف اللبنانية الإسلامية والمسيحية.
وافتتح الملتقى بكلمات لكل من: رئيس مجلس الأمناء في تجمع العلماء المسلمين سماحة الشيخ غازي حنينة، نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى سماحة الشيخ علي الخطيب، رئيس الاتحاد العالمي
لعلماء المقاومة سماحة الشيخ ماهر حمود، رئيس المجلس الإسلامي العلوي في لبنان سماحة الشيخ علي قدور، سيادة المطران جورج صليبا، كلمة المركز الإسلامي للتبليغ ألقاها سماحة الشيخ خليل رزق، ثم أذاع رئيس الهيئة الإدارية في تجمع العلماء المسلمين سماحة الشيخ الدكتور حسان عبد الله البيان الختامي.
كلمة رئيس مجلس الأمناء في تجمع العلماء المسلمين سماحة الشيخ غازي حنينة:
من هنا نؤكد هذا الموقف ونعلنه بأننا على العهد ماضون وعلى العهد صامدون وعلى العهد نؤكد كل يوم هذا الموقف، من هنا أيها السادة أيها الأفاضل في هذا اليوم وفي السنة الأولى وفي الذكرى الأولى لاستشهاد سيد المقاومة سماحة السيد حسن رضوان الله تعالى عليه، الذي كان يحرص حرصاً شديداً على وحدتنا كلبنانيين، على وحدتنا كمسلمين ومسيحيين، لتكون هذه الوحدة السد المنيع في وجه عدونا وفي وجه مؤامراته.
إقرأ أيضاً:
كلمة نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى سماحة الشيخ علي الخطيب:
فها هي المقاومة اليوم أكثر قوة واشد حضورا.. فالأمم بقادتها الاحياء وبشهادتهم يُكتب لها الخلود والبقاء كجذور الشجر تمدها بأسباب البقاء، وهي مدفونة تحت التراب.. والشهداء احياء عند ربهم لهم اجرهم ونورهم التي يشرقون بها علينا، يضيئون لنا عتمة الطريق ويبددون لنا ظلام الليل البهيم. فطبتم وطابت الارض التي فيها دفنتم، وبوركتم وبوركت الارحام والاصلاب التي انجبتكم.
ومن المؤسف ان الحكومة اللبنانية التي من اولى واجباتها كأي حكومة، خدمة شعبها ورعايته، وخصوصا في الظروف التي يمر بها، ولأم جراحِه بعد الحرب ومساعدته في اعادة بناء ما هدمه العدوان. لكنها لم تلحظ ذلك في الميزانية التي أعدتها، في الوقت الذي قدم شعبنا كل هذه التضحيات من اجل دفع العدوان وحماية سيادة لبنان وكرامة شعبه، كما انها لم تحقق انجازا محسوسا يُحسب لها، وخصوصا على صعيد ما تعهدت به في بيانها الوزاري من تطبيق القرار 1701 وتحرير الارض ووقف العدوان، وما زال الشهداء يرتقون بفعل الغدر الصهيوني والاخلال المستمر بالاتفاق، ولكنها بدلا من ذلك تصر على الاذعان بتلبية مطالب رعاته وترك الحرية لهم يتدخلون في الشاردة والواردة، واملاء المطالب، ومنها التضييق على اللبنانيين ومصادرة أموالهم، بدلا من تسهيل امورهم ، وخصوصا في هذه الظروف الصعبة التي يمرون بها. فهل سمعتم ان سلطة تمنع دخول الأموال لمواطنيها، ثم تعنوِن ذلك بعنوان تبييض الأموال، لتبرر مصادرتها.. فأي خدمة تقدمها لشعبها، ام هي حكومة ضد شعبها.
كلمة رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة سماحة الشيخ ماهر حمود:
ايها الاخوة، ايها السادة الكرام، نحن على الطريق السليم، وسقوط هذا العدد من كبار الشهداء وتدمير غزة وتخاذل العرب، وللأسف مساعدة بعض اللبنانيين للصهيونية بشكل واضح ومباشر أحيانا ومغطىً أحيانا ببعض الشعارات التي تظهر انها لبنانية، الا انها قد أمليت للأسف، بسط سلطة الدولة في الظروف، لا أقول بالمطلق في الظروف التي نحن فيها تحت سلطة الصهيوني الذي يقتل كل يوم، وينقض العهود كل يوم، ويكذب كل يوم، ويظلم كل يوم، ويُلغي الجميع في كل يوم، إعلان اسرائيل الكبرى ما هي، يعني لا يوجد مصريين، ولا يوجد كامب ديفيد ولا اوسلو ولا وادي العرب، ولا تطبيع، يعني كلكم هباء منثور فقط، نحن الموجودون فقط، نحن أمة الله المختار كما يزعمون.
كلمة رئيس المجلس الإسلامي العلوي في لبنان سماحة الشيخ علي قدور:
صنعت المجد لشعبك وأمتك يا سماحة السيد الأسمى، بموقف ثابت وكلمة حق في وجه سلطان جائر وسلاح على الأكتاف لا ينزل عنها إلا في حالتين، كلاهما نصر الاستشهاد أو الانتصار، وماذا نعدد من مزاياك ومواقفك وما صنعته من محطات المجد والعز والكرامة، أنت ومن إلتف حولك من أشرف الناس وأطهر الناس، حفظت الوصية وصنتها فكانت مفخرتنا على مر الدهر، وإرثاً خالداً للقادم من الأجيال اسمه المقاومة، لم يخدعك بريق الأجنبي وخداعه، ولا عروضه السخية ومتاع الدنيا، لم يخدعك بريق الأجنبي وعروضاته السخية ومتاع دنيا يملكها، وقديماً لم يخدع هذا البريق وطنياً شريفاً.

كلمة سيادة المطران جورج صليبا:
عرفت السيد الطيب الذكر، سماحة السيد حسن نصر الله، والتقينا أحياناً وبمناسبات متعددة، وكنت أجد فيه هذا الإنسان الطيب الوديع،
وكنت أسمع خطاباته ومواعظه وكلماته على التلفزيون، فأرى الجرأة تتجلى بين شفتيه وتنبع من قلبه النابض بالحياة والكرامة والعزة. ونحن نقول الله أكبر والعزة للعرب، العزة لكل الناس الذين يحبون الله ويحبون قومهم وأهلهم وعشيرتهم، وللذين حولهم، بل يحبون العالم نحن ليس لنا أعداء في هذا العالم، أعداؤنا هو مع الشيطان وزبائنه ورفاقه والمتمسكين بتعاليمه، ونصلي أن يمنح الله عقلاً لهؤلاء الشاردين غير النابهين ليعودوا إلى الصواب، ومن تراجع عن أخطائه واعتذر وتاب الله رحمان رحيم وغفور كريم.
كلمة المركز الإسلامي للتبليغ، سماحة الشيخ خليل رزق:
السيدين الجليلين الشهيدين أيقونة هذا الوطن، نموذج لكل التواقين للعدل وللحرية لمواجهة الظلم ليس في لبنان فحسب بل في كل بقاع الأرض، سلام على تضحياتهم، على جهادهم على بذلهم لأرواحهم في سبيل الله والوطن، وكرامة الإنسان وعزته، ولعل في هذه المناسبة تكون هناك يقظة، صحوة ضمير لهذه السلطة السياسية في لبنان، ولبعض فئات الشعب اللبناني، حيث ندعوهم الى مراجعة الحسابات، الى الالتفات الى ما يجري على الساحة العالمية واللبنانية، كل يوم يطالعنا الرئيس الأمريكي بقرارات تتعلق بهذه المنطقة، هناك أساطيل تحوطنا، وقاذفات وأسلحة من أمريكا وبريطانيا، الى إسرائيل العدو، كلها تريد ان تأتي الى منطقتنا، تهدد لبنان وشعب لبنان، كل يوم اعتداءات، اغتيالات في هذا الواقع لا نرى أمام كل هذه التحديات وما فيها من مواجهات، نرى السلطة مشغولة في هذا البلد بأمور تافهة، لا تعبر عن حجم اهتمامها بشعبها، وما يتهدد هذا الشعب من العدو، ومن دون اكتراث لتلك الدماء الزكية الغالية التي تراق، ولا للشهداء ولا للاغتيالات ولا لإعادة الإعمار.
في نهاية المؤتمر أذاع رئيس الهيئة الإدارية في تجمع العلماء المسلمين سماحة الشيخ الدكتور حسان عبد الله البيان الختامي:
"أفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين الصالحين، السادة العلماء، الإخوة الحضور جميعاً السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد السيدين الشهيدين، حسن نصر الله هاشم صفي الدين انعقد في بيروت في مجمع أهل البيت عليهم السلام بتاريخ 2 تشرين الأول 2025، وبدعوة من تجمع العلماء المسلمين والمركز الإسلامي للتبليغ الملتقى الديني الروحي الأول تحت عنوان: "قيم التضحية وبناء الإنسان"، بمشاركة حشد من الشخصيات الدينية والعلمائية والثقافية والفكرية من مختلف الطوائف اللبنانية الإسلامية والمسيحية، وافتتح الملتقى بكلمات تأبينية أكدت أن الشهيدين لم يكونا مجرد شخصيتين بارزتين في بيئتهما، بل جسدا من خلال مسيرتهما معنى التضحية والفداء في سبيل الإنسان، وتركا إرثاً أخلاقياً وفكرياً يمكن أن يكون نقطة إلتقاء لجميع اللبنانيين، وقد تخلل المؤتمر مداخلات متنوعة ركزت على عدة محاور أساسية أبرزها:
أولاً: البعد الإنساني في استشهاد الشهيدين، ان استشهادهما يعبر عن أسمى معاني العطاء، حيث تحولت حياتهما إلى رسالة مفادها ان التضحية في سبيل الإنسان والكرامة لا تعرف حدوداً مذهبية او طائفية.
ثانياً: قيم التضحية والإيثار، أكد المتحدثون ان هاتين القيمتين متجذران في الأديان السماوية جميعاً، وتشكلان أساساً لبناء مجتمع متراحم ومتعاون، حيث يصبح العطاء من دون مقابل فضيلة عليا تترجم في الحياة اليومية والسياسات العامة.
ثالثاً: الوحدة الوطنية والعيش المشترك، برز في المداخلات تأكيد واضح على أن لبنان لا يمكن ان يحيا إلا بوحدته، وان الدماء الزكية التي سالت دفاعاً عن الوطن هي دعوة ملحة لتجاوز الانقسامات الداخلية، وترسيخ ثقافة الحوار والتلاقي بين جميع مكونات المجتمع.
رابعاً: بناء الانسان كأولوية، رأى المشاركون أن التكريم الحقيقي للشهيدين يكون بالعمل على بناء الإنسان اللبناني، إنسان متعلم منفتح، راسخ القيم، محصن أمام الفتن وقادر على مواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية بروح التضامن والمسؤولية.
خامساً: أهمية الحوار الإسلامي- المسيحي، أجمع الحاضرون على أن لبنان بما يحمله من تنوع ديني وثقافي هو رسالة عالمية للحوار، وأن استمرار مثل هذه اللقاءات يعزز روح التلاقي، ويؤسس لثقافة سلام داخلية يمكن أن تتحول إلى نموذج يُحتذى في المنطقة والعالم.

سادساً: القضية الفلسطينية كقضية جامعة، تم التأكيد على أن فلسطين والقدس ليستا قضية شعب بعينه، بل هما عنوان جامع لكل الأحرار، وأن التضحية من أجل تحرير الأرض والمقدسات تبقى جزءاً من القيم التي عاشها الشهداء وضحوا في سبيلها.
سابعاً: البعد القيمي والروحي للشهادة، شدد المتحدثون على ان الشهادة ليست حدثاً عابراً، بل هي مدرسة متجددة تعلم معنى الثبات على الحق، والإيمان بالإنسان وقدرته على تغيير واقعه، وهي دعوة مفتوحة للأجيال كي تسلك درب القيم وترتقي بالوطن.
وفي ختام الملتقى أجمع المشاركون على رفع أسمى آيات التقدير والإجلال لروح الشهيدين، مجددين العهد على متابعة مسيرة التضحية والعطاء والمقاومة، وداعين الى جعل هذه الذكرى محطة سنوية لإطلاق مبادرات وطنية وثقافية مشتركة، تعزز الوحدة وتحمي لبنان، وتسهم في بناء أجيال جديدة تحمل القيم التي ضحى من أجلها الشهداء، والحمد لله رب العالمين.