
وأكد
آية الله السيد ياسين الموسوي، إمام جمعة بغداد والأستاذ البارز في
الحوزة العلمیة بالنجف الأشرف، أن الانتخابات النيابية الأخيرة لعام 2025 مثّلت محطة فاصلة في إفشال "خطة أمريكية ـ إسرائيلية ـ بريطانية" كانت تستهدف، إيجاد مجلس نواب متوافق مع مشروع تقسيم جديد للمنطقة على شاكلة "سايكس – بيكو" بصيغة محدثة تتصدرها "إسرائيل الكبرى".
وقال
إمام جمعة بغداد في خطبته أمس إن مراكز القرار في واشنطن وتل أبيب وبعض القوى في بريطانيا كانت تعمل باتجاه الدفع لانتخاب مجلس نواب "منقاد للمشروع الاستعماري الاستسلامي الذي طُرح من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب"، مؤكداً أن هذا المجلس كان سيُستخدم لانتخاب حكومة ورئاسات تتناغم مع "المسار الخارجي الهادف إلى تفكيك الدول وتمكين إسرائيل إقليمياً عبر القوة والعنف والإرهاب".
وأوضح أن الرهان الأول لأطراف المشروع الخارجي كان على إحباط المشاركة الانتخابية، ولا سيما في محافظات الوسط والجنوب، مشيراً إلى أن بعض القوى التي وصفها بـ"العلمانية أو المتمغربِة" كانت تراهن على أن العزوف الشعبي سيتيح لها الفوز عبر المال السياسي وشراء الأصوات. وأضاف أن هذه القوى "تعلم جيداً أن الشعب العراقي ذكي وواعٍ ولا يمكن أن ينخرط في مشاريع تنتقص من السيادة".
وأشار إلى أن النتائج جاءت مخالفة لتوقعات تلك الجهات، إذ بلغت نسبة المشاركة 56.11% وفق إعلان المفوضية، وهو رقم اعتبره الأعلى منذ خمسة عشر عاماً. وشدد على أن الفضل في إفشال المشروع لا يعود لأي كتلة سياسية، بل للشعب الذي "أدرك حجم المؤامرة وحضر بكثافة رغم المال السياسي والتهديدات وحملات الإحباط".
وذكر الموسوي أنه خلال إحدى جولاته التبليغية في محافظات الجنوب سمع من شيوخ عشائر تحذيرات صريحة من أن "مستقبل الشيعة في العراق سيكون مهدداً إذا نجح مشروع إخضاع البلاد للقرار الأمريكي"، مؤكداً أن هذه الكلمات عززت لديه قناعة بأن الوعي الشعبي قد بلغ مستوى قادراً على إحباط أي محاولة لإضعاف العراق.
ووجّه الموسوي خطاباً مباشراً إلى النواب الفائزين قائلاً إن "هذا الانتصار ليس انتصاراً حزبياً أو شخصياً، بل هو وعي الشعب العراقي". وطالب النواب بأن تكون مهمة البرلمان الأولى حماية سيادة العراق في علاقاته مع جميع الدول، وخاصة الولايات المتحدة، وأن لا ينخرط أي نائب في أي مشروع يستهدف تقسيم المنطقة أو إضعاف الدولة. ودعاهم إلى التركيز على بناء الدولة وعدم الانشغال بالسلطة أو المصالح الضيقة.
وتوقف الموسوي عند ما وصفه بـ"المشروع الأمريكي – الإسرائيلي للشرق الأوسط الجديد"، مشيراً إلى أن تصريحات صدرت مؤخراً في واشنطن تضمنت "تكليفات" لبعض القوى في سوريا بالعمل على تفكيك داعش والحرس الثوري وحماس وحزب الله تحت المظلة الإسرائيلية، في إطار خطة تهدف إلى تحويل إسرائيل إلى القوة المركزية المسيطرة على المنطقة وتقليص سيادة الدول الأخرى.
كما حذر من أن بعض القوى العراقية رفعت قبل الانتخابات شعارات شبيهة بشعارات المعارضة السورية السابقة، بهدف نقل التجربة السورية إلى العراق، عبر قطع العلاقة مع إيران، وحل الحشد الشعبي، وإنهاء المقاومة، ووضع القرار السياسي والأمني تحت الوصاية الأمريكية. وأكد أن فشل هذا المسار في الانتخابات الأخيرة "أنقذ العراق من سيناريو خطير".
وفي ختام خطبته قال الموسوي إن "العراق وسيادته ومستقبل شيعة علي أمانة في أعناق النواب الجدد"، داعياً إياهم إلى عدم الانصياع للإملاءات الخارجية وحماية الدولة من مشاريع التفكيك، مشدداً على أن الشعب الواعي قادر على إفشال أي محاولة لإعادة العراق إلى دائرة الهيمنة الأجنبية.