في الآيات الأولى والأخيرة من سورة آل عمران المباركة، ذُكر طلب المغفرة مع الإيمان بالله؛ فعلى سبيل المثال في وصف حال المؤمنين في الجنة، جاء طلب المغفرة مقروناً بالإيمان "الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا" (آل عمران: 16).
ويبين القرآن الكريم في نهاية سورة آل عمران المباركة دعاء أولي الألباب "رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَ كَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَ تَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ" (آل عمران: 193).
إقرأ أيضاً:
ويُفهم من هذه الآية أن من صفات أولي الألباب إظهار الإيمان وطلب المغفرة؛ أي أن الاستغفار والاعتراف العملي علامة على العقل ونابعان منه.
ويقول القرآن الكريم في الآيتين 106 و107 من سورة المؤمنون إن أهل النار يطلبون من الله أن يخرجهم منها، فيجيبهم الله "إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَ ارْحَمْنَا وَ أَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ" (المؤمنون: 109).
وكان المؤمنون في هذه الآية جماعة أظهروا الإيمان وطلبوا المغفرة في الدنيا، وطلبهم شمول الرحمة أي الرحمة الخاصة في الآخرة؛ في الواقع طلبوا التوفيق للسعادة حتى يدخلوا الجنة نتيجة أعمالهم.
ويقول الله تعالى لهم "فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ * إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ" (المؤمنون: 110-111).
ولذلك، الفرق الوحيد بين طلب المغفرة من المؤمنين في الدنيا ومن أهل النار في الآخرة هو أن موقفهم قد تغير، كان يجب على أهل النار أن يقولوا هذا الكلام في موقف الدنيا.